إطلاق المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية {البيان الأول}
نرصد بقلق وألم وحسرة كل الأفكار و الرؤى التي تحاول إثارة الانقسام والشقاق بين مكونات الشعب الأردني بما يهدد استقرار المجتمع و الوطن, بالإضافة إلى ما تم اتخاذه من إجراءات رسمية عملت على سلب حقوق جزء من مكونات هذا الشعب.
وقد كانت المحاولات و الممارسات المستمرة من أطراف عديدة داخل الأردن وخارجه عملت على زرع بذور الفتنة و الخلاف وخلق المسافة بين الأردنيين, واستهداف وحدتهم الوطنية وتراثهم الصلب في الدفاع عن مقدساتهم وثوابتهم في الأردن و فلسطين الحافز الذي تطلب إطلاق المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية باعتبارها محاولة مشروعة لإعادة التذكير بما يجمع مكونات الأردنيين ويتصدى لمحاولات تفريقهم.
وتمثل هذه المبادرة نخبة من المواطنين والمفكرين والمثقفين الذين تنادوا فيما بينهم لدعم ومساندة وصيانة مفهوم المواطنة كأساس للعدل والإنصاف في صفوف المجتمع ومحطة لابد من العبور منها نحو مستقبل آمن ومضمون لجميع الأردنيين في القرى والمدن والمخيمات والبوادي. وهي الرسالة التي ستتبناها المبادرة عبر صفحتها الجديدة على الفيسبوك التي تم إطلاقها لتشكل نداءً متجدداً للحفاظ على الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب الأردني.
وبهذه المناسبة تؤكد المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية بأن العمل على تحرير فلسطين وحق العودة يمثلان البوصلة الأساسية التي ينبغي أن تحكم جهودنا بحيث تتلازم مع بناء أردن قوي موحد يكون داعماً حقيقياً للقضية الفلسطينية وأهلها.
و يذكرنا التاريخ بصفوة الأردنيين الشرفاء من أبناء العشائر البطلة و القوات المسلحة الباسلة بالدور التاريخي الذي لا ينكره إلا جاحد في الدفاع عن فلسطين والتصدي للمشروع الصهيوني الذي يخطط لالتهام الأردن بعد الانتهاء من التهام فلسطين.
ونزجي بهذه المناسبة التحية الخالصة لأهلنا الصامدين الشرفاء الأنقياء في فلسطين الحبيبة, الذين يتصدون بصدورهم العارية في زمن الخذلان العربي لطموحات إسرائيل سواء في تفريغ الأرض من أهلها أو استهداف الأردن شعبا وأرضا , فقد كان الأهل غربي النهر دوما الصخرة التي تتحطم عليها طموحات المشروع الصهيوني التوسعية شرقي النهر.
ويجب التذكير هنا بأن الجنسية الأردنية لم تمنح للأردنيين من أصل فلسطيني منة أو هبة و لم يستفتوا باختيارها, بل تم مباركتها بقرار وحدة الضفتين علما بأن الأردنيين من أصل فلسطيني قد اكتسبوا الجنسية الأردنية في عام 1949 أي قبل الوحدة بين ضفتي النهر وكانوا دوماً خير شريك بالدم والبناء والتجربة بمرها وحلوها, واختاروا طوعاً تأطيرها وإضفاء الشرعية عليها, وهي شرعية دستورية و واقعية وتاريخية يحميها الدم ووحدة المصير وعلاقات المصاهرة والاندماج والمصالح الأساسية والتطلع للمستقبل, وإجماع الأردنيين على العيش المشترك.
وهي وحدة لا تحتاج لتنظيرات إقليمية تقلق الناس وتحاول الالتفاف على الواقع والتاريخ مرة تحت اسم الدسترة وأخرى تحت اسم فك الارتباط وثالثةً تحت عناوين غامضة تدعي الحفاظ على الهوية الوطنية في الأردن وفلسطين .
وستعمل المبادرة بالتعاون مع جميع فئات و مؤسسات مجتمعنا الأردني على وقف كل عمليات المساس و الاعتداء على الحقوق الدستورية و القانونية للمواطن الأردني أياً كان منبته بما في ذلك سحب الجنسيات أو تعليق الأرقام الوطنية أو التمييز ضد المواطنين في مختلف الاتجاهات.
وترى المبادرة أن ألحق في المساواة وعدم التمييز من أهم حقوق الإنسان أن لم يكن أهمها على الإطلاق، وهو مبدأ أساسي في الدول والنظم الديمقراطية في العالم اجمع وحجر الزاوية فيها.
ولا معنى للمواطنة دون المساواة فيما بين جميع المواطنين وعدم التمييز فيما بينهم. فكل من يحمل جنسية الدولة هو مواطن له الحقوق والحريات ذاتها دون أي تمييز، وعليه في الوقت ذاته، واجبات ومسؤوليات تجاه وطنه ومجتمعه وبقدر ما يشعر الفرد بالمساواة في التمتع بالحقوق والحريات مع غيره بقدر انتمائه لوطنه وولائه له
كما ترى المبادرة أن للتمييز والإقصاء والتهميش أثار مدمرة ومحبطة خاصة إذا كان متأصلاً أو ذا طابع مؤسسي وهو ما قد يكون عليه الوضع في الأردن.. فهو ممارسة ملموسة وشائعة ولا تحتاج إلى دليل ويستحيل إنكاره خاصة حينما يتعلق الأمر بمشاركة المواطنين في الشأن العام وذلك على الرغم من تأكيد الدستور الأردني في أكثر من مادة على حظر التمييز.
ولم يعد خافيا أن الأردنيين من أصول فلسطينية، وهم مكون أصيل من مكونات المجتمع، يعانون من التمييز المنهجي الذي تراكم عبر السنين والذي لا تخفى خطورته على أحد عبر الإصرار على توسيع قاعدة من يطلب منهم مراجعة دائرة المتابعة والتفتيش , أو عبر استقرار مؤشرات التمييز بين المواطنين في قطاعات مختلفة من بينها التعليم والصحة والتوظيف .
ومثل هذا التمييز يهدد وحدة المجتمع وتجانسه واستقراره وبدون القضاء عليه لا يمكن للمجتمع أن يستعيد عافيته وروح التسامح فيه والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والشعور بالمواطنة بين مختلف مكوناته.
والأردن القوي المنيع هو الذي يقف في وجه المخططات الصهيونية و الذي يساوي بين كافة شرائح المجتمع في الحقوق و الواجبات .
و ترفض المبادرة المساس بمعايير المواطنة الدستورية والقانونية و الإنسانية لكل الأردنيين و تدعو إلى الضغط على السلطة والأجهزة الرسمية لكي تتوقف عن الخلط بين حق العودة المقدس و بين مفهوم المواطنة و حقوق الأردنيين الدستورية .
والمبادرة الأردنية لمواطنة متساوية إذ تدعو لإعمال العقل والقانون في حسم هذا الأمر ووقف كل محاولات سلب حقوق المواطنين بكافة أشكالها و تلاوينها والتصدي لرموز ومشاريع الفتنة الساعية بعلم أو بغيره إلى تدمير الوطن , فقناعتنا راسخة بوحدة المصير والمستقبل والشراكة.
تأسيسا على ذلك ندعو شعبنا الطيب إلى العمل معاً نحو تثبيت مفهوم المواطنة والمساواة والعدالة والتمثيل في الحق والواجب وتطبيق سيادة القانون ودعم ومساندة السلم الأهلي في كل أرجاء الوطن الأردني.
المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية