قرار الفيدرالي في اجتماع أيلول خفض الفائدة بعد 8 اجتماعات بالتثييت


خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي باجتماعه  في الثامن عشر من أيلول الجاري أسعار الفاتئدة  للمرة الأولى منذ أربع سنوات وبواقع 50 نقطة أساس  بعد ثماني اجتماعات أبقاها دون تغيير ووصولها لمستويات لا مثيل لها وغير مسبوقة  في 22 عاما ،  ولم تتغير منذ 14 شهرا ( أي منذ تموز 2023 )  لتصبح  بعد الخفض ضمن نطاق 4،75%- 5% .


ولأول مرة  منذ الجائحة كان  هناك احتمالية من الأسواق  100% لخفض الفائدة  ، بغض النظر أكان  الخفض 25 نقطة أساس   واحتماله  40% أو 50 نقطة أساس  واحتماله 60% ، واستقر القرار على  نصف نقطة مئوية . 


وكان الفيدرالي يشير في كل اجتماع  سابق أنه  من غير المرجح خفض معدل الفائدة قبل الثقة من تباطؤ التضخم  نحو المستهدف 2% وحاجته  الى المزيد من البيانات الجيدة لتعزيزالثقة في التضخم .


 وقد عقب رئيس الفيدرالي على القرار بأنهم ملتزمون بهدف اعادة  التضخم  الأساسي الى  معدل 2%  في 2026 والثقة تزداد بشأن الوصول الى مستهدف التضخم ولقد أتى نهجنا الصبور بثماره وأصبح التضخم أقرب بكثير الى مستهدفنا ولا نمتلك مسارا محددا بشكل مسبق للسياسة النقدية  ولم نتأخر في قرارخفض أسعار الفائدة وقد لا نعود الى معدلات الفائدة الصفرية مجددا  ومن غير الضروري أن نخفض الفائدة لاحقا بنفس وتيرة أيلول  ويمكننا خفض الفائدة بشكل أسرع حال تباطؤ سوق العمل ولا ندعي الانتصار في المعركة ضد التضخم ، وقررنا خفض حيازة سندات الخزانة الأميركية ، والاقتصاد الأميركي يستمر في التوسع بوتيرة قوية  وتوقعاته بنمو الاقتصاد 2% في2024  رغم بعض الضعف في سوق العمل ولا نرى احتمالية لركود الاقتصاد وحان الوقت لضبط السياسة الاقتصادية الخاصة بنا واذا  ظل الاقتصاد قويا واستمر التضخم فاننا قد نتمكن من تقليص السياسة النقدية بشكل أبطأ ووصلنا الى مرحلة متقدمة فيما يخص " ادارة المخاطر " ،  ومعدل البطالة  شهد ارتفاعا  في اب لكن لا يزال منخفضا عند 4،2%  ورفع توقعاته الى 4،4% بحلول نهاية 2024  وسوق العمل لا يحمل الكثير من الضغوط التضخمية  ونمو الأجور  لا يزال أعلى قليلا من التوقعات  وندرك تراجع عدد فرص العمل المتاحة ، ولدينا مهمة مزدوجة استعادة استقرار الأسعار لكن دون  " بطالة مرتفعة " وتحقيق التوظيف الكامل ،  ونهدف الى الحفاظ على قوة الاقتصاد وسوق العمل  وخفض الفائدة قد يدعم سوق المساكن  والارتفاع في أسعارها ناتج عن نقص المعروض في بعض الولايات ، والعوامل السياسية لا تؤثر على قرارات السياسة النقدية .


وعلى أثر صدور القرار وبخمسين نقطة أساس  فقد  اعتبره المحللون  ارضاء للأسواق ، وأنه سيدعم الأسهم بشكل كبير ووسعت مكاسبها  وشهدت ارتفاعات جماعية بعد الخفض وغلبت على أسهم البنوك ، الى جانب علامات على استمرار المرونة في النمو الاقتصادي الأميركي ، فيما اعتبر أعضاء في الحزب الديمقراطي أنهم سعداء لأن الفيدرالي أظهر أهمية الحفاظ على الاستقلالية لأنه يتبع البيانات وليس السياسة ، فيما علق جمهوريون أن الأميركيين لا يبحثون فقط عن حلول خاصة بمعدلات الفائدة بل يبحثون عن حلول من سياسات بايدن وهاريس غير الناجحة ، مع العلم  أنه كان هناك مطلب سابق  من  المرشح ترمب  للفيدرالي بعدم خفض الفائدة قبل سبعة أسابيع من موعد الانتخابات الرئاسية وأن يكون للرئيس الأميركي دور في اتخاذ قرار الفائدة .


وحذر بنك باركليز وهو ثاني أكبر بنك بريطاني من توقعات مبالغ فيها بشأن خفض الفيدرالي للفائدة ويوصي بشراء الدولار للاستفادة  بعد تراجع سعره على أثر الخفض  ، فيما يرى ساكسو بنك أن خفض الفائدة 50 نقطة أساس يعني نهاية الحرب على التضخم ونظرتهم  للذهب لا تزال ايجابية والطريق معبدة أمامه للمزيد من الارتفاعات .


وقفزت أسعار الذهب  بعد الخفض  الى أعلى مستوى تاريخي على الاطلاق ليصل حاجز 2600 دولارا للأونصة  ، وتشهد صناديق تداول عالمية للذهب تدفقات وافدة للشهر الرابع على التوالي  ساهمت في الارتفاع التدريجي له . .


وستستفيد عملات الجنيه الاسترليني والين  الياباني واليوان  الصيني من خفض الفائدة على الدولار ، ليتحول الين الى جانب الفرنك السويسري ملاذات أمنة .. 


وخفضت البنوك المركزية الخليجية الفائدة  لارتباط عملاتها بالدولار ، حيث خفض مصرف قطر المركزي بواقع 55 نقطة أساس ولأول مرة منذ أربع سنوات ونصف  وبأعلى من تخفيض القيدرالي ، ومصرف الامارات المركزي  ومصرف البحرين المركزي 50 نقطة أساس  مثل الفيدرالي ، والبنك المركزي الكويتي  25 نقطة أساس  أقل من الفيدرالي .  


وقد سبق القرار تسجيل  التضخم 2،5 % في أب بالولايات المتحدة  والتضخم الأساسي 3،2% على أساس سنوي متماشيا مع توقعات المحللين  مدعوما بتضخم أسعار المساكن في الولايات المتحدة  وانخفاض معدل البطالة الى 4،2%  واضافة 145 ألف وظيفة غير زراعية في اب مقابل توقعات  165 ألف وظيفة  وتسجيل العجز التجاري الأميركي  بتموز أعلى مستوياته في عامين وتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية  بمختلف اجالها  مع عودة منحنى العائد للسندات الأميركية لأجل 10 سنوات لطبيعته للمرة الثانية منذ 2022 متفوقا على عائد السنتين  بثلاثين نقطة أساس ، وتراجع مؤشر الدولار بعد بيانات ضعيفة لسوق العمل و تراجعه  دون مستوى 140 أمام الين الياباني لأول مرة منذ تموز 2023 بسبب  تقليص الفجوة  بين الفائدة اليابانية والأميركية  ومع استعداد بنك اليابان لرفع الفائدة مجددا حال استقرار التضخم وقد تسارع للشهر الرابع على التوالي في اب ،  و ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية بعمليات تصحيح على الأسهم بعد بيانات التضخم  وعمليات البيع ، وارتفاع طفيف في مبيعات التجزئة وبعكس تباطؤ الانفاق الاستهلاكي للأميركيين وهو المحرك للاقتصاد ،  وزيادة طفيفة في طلبات اعانة البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة   وتحول التضخم  للفيدرالي الى  أقل أهمية من البطالة والاقتصاد للحفاظ على صحة سوق العمل ولمنع الاقتصاد من الانزلاق للركود ،   وأصبحت بيانات سوق العمل  هي التي تحدد اتجاه الفيدرالي  وتوضح اتجاه الاقتصاد الأميركي  وتعيد تقييم أراء السوق بشأن الاقتصاد ، وانخفضت  فائدة الرهن العقاري في أميركا لأدنى مستوى منذ شباط 2023 ، واعلان  صندوق النقد الدولي  عن تأييده البدء بخفض أسعار الفائدة الأميركية .


وسينعكس خفض الفائدة على تخفيض تكلفة الاقتراض والتمويل والاستثمار ، وتتحضر صكوك  المنطقة العربية التي تصدر وفق أحكام الشريعة الاسلامية لعكس الفيدرالي سياسته النقدية المتشددة وتتفوق الصكوك الخليجية وعوائدها الاجمالية على السندات العالمية هذا العام  وتشهد  السعودية  بقطاعيه الحكومي والخاص انتعاشا في السندات والصكوك المقومة بالدولار بدافع البحث عن مصادر أموال غير تقليدية وتنويع مصادر الدخل والتمويل  بعيدا عن النفط  ، وتتميز  باصدارها دون علاوة  أو خصم اصدار وبحجمها الضئيل  من الاصدارات وازدياد الطلب من المستثمرين و ثقتهم وتفاؤلهم بهذه الاصدارات وانفتاح شهيتهم للاقبال على الاستثما في الملاذات الامنة  ويعزز شهية المؤسسات لمزيد من الاصدارات وعوائدها الجيدة وبعيدا عن الأسهم ، وتستفيد الدول ذات التصنيف الائتماني المنخفض من تخفيض الفائدة مثل البحرين وتعتبر  سنداتها  الأكثر انتعاشا  في  المنطقة وتجعلها تقبل على الاصدارات الجديدة بفائدة منخفضة ..  


 ويدرس الفيدرالي تعديلات تنظيمية بتخفيض متطلبات رأس المال على البنوك الأميركية الكبرى لجعل متطلب كفاية رأس المال لها 9% بدلا من 12% ، مع توقعات بأن تشهد هجرة من العقارات والودائع الى الأسهم . . 


ولا تزال الولايات المتحدة تقود الاقتصاد العالمي ، وقد تسارعت وتيرة نمو الاقتصاد الأميركي خلال الربع الثاني 2024 الى 3% متفوقا على التوقعات ، والتصنيف الائتماني عند AA+   مع نظرة مستقبلية مستقرة وتقود ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم  .