النازية والصهيونية: نفس الجوهر والأساليب
عندما توصف طبيعة وأعمال الكيان الصهيوني في فلسطين بأنها نازية، فإن هذا الوصف ليس بعيدًا عن الصواب. ربما تختلف النازية والصهيونية من حيث السياق التاريخي والتجليات، لكنهما تتقاسمان أوجه تشابه أساسية في الأيديولوجية والأساليب.
برزت النازية والصهيونية كأيديولوجيات قومية في القرن العشرين. وكان جوهر الأيديولوجية النازية هو الإيمان بتفوق العرق الآري والحاجة إلى Lebensraum، «مساحة للعيش»، للشعب الألماني. وقد ارتبط هذا المفهوم الجيوسياسي بالسياسات التوسعية لألمانيا النازية في عهد أدولف هتلر. وهو يشير في جوهره إلى فكرة أن الشعب الألماني، أو «العرق الآري» كما روج له النازيون، يحتاج إلى مساحة إضافية للعيش والنمو. واعتقد هتلر وأتباعه أن ألمانيا تحتاج إلى توسيع حدودها لتأمين الموارد الطبيعية والأراضي الزراعية لشعبها، وبالتالي تبرير التوسع الإقليمي في شرق أوروبا. وقد عبر هتلر في كتابه الشهير، «كفاحي»، عن النظرة العالمية العنصرية التي تقوم عليها النازية، فكتب: «يجب أن يهيمن الأقوى ولا يختلط مع الأضعف». وبالنسبة للنازيين، كان النقاء العرقي هو أساس الدولة، وكان ينظر إلى إبادة أولئك الذين يعتبرون أقل شأنًا، بمن فيهم اليهود أنفسهم، على أنها ضرورية لتحقيق أهداف الهيمنة العرقية والتوسع الإقليمي.
بنفس الطريقة، تقوم الصهيونية على الإيمان بالحق الحصري للشعب اليهودي في أرض فلسطين، وعلى حساب سكانها الأصليين. وتتأصل هذه الأيديولوجية في الادعاءات الدينية والتاريخية التي تعطي الشرعية للاستيطان اليهودي والسيطرة على الأرض، بينما تنزع الشرعية في الوقت نفسه عن حقوق الفلسطينيين. وتعكس تصريحات القادة الصهاينة نظرة عالمية تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتبرر تهجيرهم. وقد أشار رئيس وزراء الكيان السابق، مناحيم بيغن، إلى الفلسطينيين على أنهم «وحوش تمشي على قدمين»، مرددًا نفس الخطاب اللاإنساني الذي كان سمة مميزة للدعاية النازية. وتكررت هذه المقولة كثيرًا على ألسنة قادة الكيان بشكل خاص في الأشهر الأخيرة.
مثل النازيين الذين سعوا إلى توسيع أراضيهم إلى أوروبا الشرقية، اتبع القادة الصهاينة سياسة التوسع الإقليمي في ما أصبح يعتبر «المناطق الفلسطينية» من خلال بناء المستوطنات والاحتلال العسكري. ومنذ البدايات، كانت السيطرة على الأرض وتوسيعها جوهر المشروع الاستيطاني، الذي عبر عنه ديفيد بن غوريون بقوله: «يجب أن نطرد العرب ونأخذ أماكنهم». هذا السعي لسرقة الأرض، بغض النظر عن التكلفة التي يرتبها على أصحاب الأرض، يحاكي الطموح النازي لغزو الأراضي الأخرى والسيطرة عليها.
وفي الأساليب، تشاركت النازية والصهيونية لتحقيق أهدافهما في اعتمادهما على العنف والتطهير العرقي والإبادة الجماعية. كانت «الهولوكوست»، المثال الذي يُستشهد به على الوحشية النازية، حملة منهجية لإبادة اليهود والغجر والجماعات الأخرى التي تعتبر غير مرغوب فيها. وكانت معسكرات الاعتقال النازية والإعدام الجماعي مصممة لتخليص ألمانيا وأوروبا المحتلة من هؤلاء السكان. وقد تحدث هاينريش هيملر، أحد أقرب مساعدي هتلر، عن ذلك حين قال: «من واجبنا استئصال الأعشاب الضارة» لحماية الأمة الألمانية. ومن الملفت أن الكيان يستخدم التعبير نفسه تقريبًا، «جز العشب» لوصف حملاته العسكرية المتكررة ضد غزة لكسر رغبتها في المقاومة.
تكشف الأساليب الصهيونية، كما هو معروف، عن تجاهل مماثل لحياة غير اليهود في فلسطين. وكانت نكبة العام 1948، التي شهدت التهجير القسري لأكثر من 700,000 فلسطيني، حملة مبيتة من التطهير العرق لإنشاء دولة ذات أغلبية يهودية. وقد أشار المؤرخ بيني موريس إلى أنه «لم يكن هناك خيار سوى طرد السكان» لضمان قيام دولة الكيان.
ووفاء لعقيدة التوسع والتطهير، أدى الاستيلاء المستمر على مزيد من الأراضي الفلسطينية، وحصار غزة، والحملات العسكرية المتكررة إلى استشهاد مئات آلاف الفلسطينيين وتدمير منازل الفلسطينيين وسبل عيشهم. وقد عبر وزير دفاع الكيان، موشيه يعالون، عن استهداف روح المقاومة الفلسطينية بالكسر، حين قال: «يجب أن يفهم الفلسطينيون في أعمق طبقات وعيهم أنهم شعب مهزوم». وتكشف مثل هذه التصريحات عن نفس الرغبة في إخضاع شعب بأكمله والقضاء عليه، التي كانت لدى النازيين تجاه الشعوب المستهدفة.
على المستوى النظري، ينبغي ألا تُكتب الديمومة لمثل هذه الأيديولوجيات والأساليب. وقد أدت الفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية في النهاية إلى عزلتها الكاملة وهزيمتها. وفي لحظة نادرة، اتحد العالم ضد بربرية النظام النازي والتهديد الذي يشكله على البشرية. وحملت محاكمات نورمبرغ القادة النازيين المسؤولية عن جرائمهم، في تعبير عالمي عن الوقوف في وجه نزعات التفوق العنصري وعنف الإبادة الجماعية.
الآن، شرع الكيان الصهيوني أيضًا في فقدان مطرد للدعم الدولي بعد أن أصبحت معاملته الوحشية للفلسطينيين معروضة على الشاشات. وفي حين أن حادثة «الهولوكوست» كانت الوسيلة الأبرز لابتزاز التعاطف مع الكيان، فإن نسخ «الهولوكوست» وتطبيقه ضد الشعب الفلسطيني يؤدي إلى تآكل المكانة الأخلاقية للكيان في نظر العالم. وربما للمرة الأولى منذ تأسيس الكيان، ترفع المزيد من الدول والمنظمات صوتها لفضح جرائم الفصل العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها ويقيم عليها وجوده. وهناك الآن قضايا قانونية مرفوعة، لأول مرة، في المحاكم الدولية للمطالبة بمحاكمة الكيان ومحاسبة قادته على جرائمهم.
عندما يصف نتنياهو المقاومين الفلسطينيين بالنازيين، فإنه كأنما يصف الشعوب التي قاومت المشروع النازي الإبادي التوسعي بأنها نازية. ويبدو أن هذا المنطق لم يعد ينطلي على معظم سكان هذا العالم. وكما اتحدت معظم الأمم لوقف النازية، تتشكل الآن جبهة شعبية عالمية- وربما جبهة رسمية تتمثل في جنوب أفريقيا وداعميها في محكمة العدل الدولية- لوقف المشروع الصهيوني الاستعماري والإبادة الجماعية في فلسطين. وسوف يكون من المفيد استحضار شبه التطابق بين الصهيونية والنازية، كأيديولوجية إقصائية وأساليب وحشية، لإدانة المشروع الصهيوني في فلسطين والمتواطئين معه. ويجب أن تكون هذه الطبيعة المثبتة للكيان دليلًا مرشدًا لطريقة التعامل معه والنظر إليه، خاصة في هذا الإقليم المتأثر أكثر من بقية العالم بوجوده السرطاني.
بنفس الطريقة، تقوم الصهيونية على الإيمان بالحق الحصري للشعب اليهودي في أرض فلسطين، وعلى حساب سكانها الأصليين. وتتأصل هذه الأيديولوجية في الادعاءات الدينية والتاريخية التي تعطي الشرعية للاستيطان اليهودي والسيطرة على الأرض، بينما تنزع الشرعية في الوقت نفسه عن حقوق الفلسطينيين. وتعكس تصريحات القادة الصهاينة نظرة عالمية تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتبرر تهجيرهم. وقد أشار رئيس وزراء الكيان السابق، مناحيم بيغن، إلى الفلسطينيين على أنهم «وحوش تمشي على قدمين»، مرددًا نفس الخطاب اللاإنساني الذي كان سمة مميزة للدعاية النازية. وتكررت هذه المقولة كثيرًا على ألسنة قادة الكيان بشكل خاص في الأشهر الأخيرة.
مثل النازيين الذين سعوا إلى توسيع أراضيهم إلى أوروبا الشرقية، اتبع القادة الصهاينة سياسة التوسع الإقليمي في ما أصبح يعتبر «المناطق الفلسطينية» من خلال بناء المستوطنات والاحتلال العسكري. ومنذ البدايات، كانت السيطرة على الأرض وتوسيعها جوهر المشروع الاستيطاني، الذي عبر عنه ديفيد بن غوريون بقوله: «يجب أن نطرد العرب ونأخذ أماكنهم». هذا السعي لسرقة الأرض، بغض النظر عن التكلفة التي يرتبها على أصحاب الأرض، يحاكي الطموح النازي لغزو الأراضي الأخرى والسيطرة عليها.
وفي الأساليب، تشاركت النازية والصهيونية لتحقيق أهدافهما في اعتمادهما على العنف والتطهير العرقي والإبادة الجماعية. كانت «الهولوكوست»، المثال الذي يُستشهد به على الوحشية النازية، حملة منهجية لإبادة اليهود والغجر والجماعات الأخرى التي تعتبر غير مرغوب فيها. وكانت معسكرات الاعتقال النازية والإعدام الجماعي مصممة لتخليص ألمانيا وأوروبا المحتلة من هؤلاء السكان. وقد تحدث هاينريش هيملر، أحد أقرب مساعدي هتلر، عن ذلك حين قال: «من واجبنا استئصال الأعشاب الضارة» لحماية الأمة الألمانية. ومن الملفت أن الكيان يستخدم التعبير نفسه تقريبًا، «جز العشب» لوصف حملاته العسكرية المتكررة ضد غزة لكسر رغبتها في المقاومة.
تكشف الأساليب الصهيونية، كما هو معروف، عن تجاهل مماثل لحياة غير اليهود في فلسطين. وكانت نكبة العام 1948، التي شهدت التهجير القسري لأكثر من 700,000 فلسطيني، حملة مبيتة من التطهير العرق لإنشاء دولة ذات أغلبية يهودية. وقد أشار المؤرخ بيني موريس إلى أنه «لم يكن هناك خيار سوى طرد السكان» لضمان قيام دولة الكيان.
ووفاء لعقيدة التوسع والتطهير، أدى الاستيلاء المستمر على مزيد من الأراضي الفلسطينية، وحصار غزة، والحملات العسكرية المتكررة إلى استشهاد مئات آلاف الفلسطينيين وتدمير منازل الفلسطينيين وسبل عيشهم. وقد عبر وزير دفاع الكيان، موشيه يعالون، عن استهداف روح المقاومة الفلسطينية بالكسر، حين قال: «يجب أن يفهم الفلسطينيون في أعمق طبقات وعيهم أنهم شعب مهزوم». وتكشف مثل هذه التصريحات عن نفس الرغبة في إخضاع شعب بأكمله والقضاء عليه، التي كانت لدى النازيين تجاه الشعوب المستهدفة.
على المستوى النظري، ينبغي ألا تُكتب الديمومة لمثل هذه الأيديولوجيات والأساليب. وقد أدت الفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية في النهاية إلى عزلتها الكاملة وهزيمتها. وفي لحظة نادرة، اتحد العالم ضد بربرية النظام النازي والتهديد الذي يشكله على البشرية. وحملت محاكمات نورمبرغ القادة النازيين المسؤولية عن جرائمهم، في تعبير عالمي عن الوقوف في وجه نزعات التفوق العنصري وعنف الإبادة الجماعية.
الآن، شرع الكيان الصهيوني أيضًا في فقدان مطرد للدعم الدولي بعد أن أصبحت معاملته الوحشية للفلسطينيين معروضة على الشاشات. وفي حين أن حادثة «الهولوكوست» كانت الوسيلة الأبرز لابتزاز التعاطف مع الكيان، فإن نسخ «الهولوكوست» وتطبيقه ضد الشعب الفلسطيني يؤدي إلى تآكل المكانة الأخلاقية للكيان في نظر العالم. وربما للمرة الأولى منذ تأسيس الكيان، ترفع المزيد من الدول والمنظمات صوتها لفضح جرائم الفصل العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها ويقيم عليها وجوده. وهناك الآن قضايا قانونية مرفوعة، لأول مرة، في المحاكم الدولية للمطالبة بمحاكمة الكيان ومحاسبة قادته على جرائمهم.
عندما يصف نتنياهو المقاومين الفلسطينيين بالنازيين، فإنه كأنما يصف الشعوب التي قاومت المشروع النازي الإبادي التوسعي بأنها نازية. ويبدو أن هذا المنطق لم يعد ينطلي على معظم سكان هذا العالم. وكما اتحدت معظم الأمم لوقف النازية، تتشكل الآن جبهة شعبية عالمية- وربما جبهة رسمية تتمثل في جنوب أفريقيا وداعميها في محكمة العدل الدولية- لوقف المشروع الصهيوني الاستعماري والإبادة الجماعية في فلسطين. وسوف يكون من المفيد استحضار شبه التطابق بين الصهيونية والنازية، كأيديولوجية إقصائية وأساليب وحشية، لإدانة المشروع الصهيوني في فلسطين والمتواطئين معه. ويجب أن تكون هذه الطبيعة المثبتة للكيان دليلًا مرشدًا لطريقة التعامل معه والنظر إليه، خاصة في هذا الإقليم المتأثر أكثر من بقية العالم بوجوده السرطاني.