الأخ المسلم الجيد سجين أو طريد لا رئيس للجمهورية!
الأخ المسلم الجيد عند كثيرين هو الأخ المسلم السجين أو الطريد أو المعارض، أما أن يكون
رئيسا للجمهورية، أو للحكومة، فتلك طامة كبرى!
وماذا يعني ترشيح إخوان مصر لخيرت الشاطر رئيسا للجمهورية؟ ألم ينتخبهم الناس لكي يكونوا ولاة أمورهم؟ وما قيمة الانخراط في الحلبة السياسية إن لم يجتهد المرء لتسلم المسؤولية؟ فلم الولولة والتخويف والتجريح؟ لمَ لمْ يحتج أحد على عمرو موسى مثلا؟ أو بقية المرشحين؟ هل على الإخوان المسلمين أن يكرروا كل أخطاء الماضي كي يرضى عنهم القوميون واليساريون وأهل الهوى؟ لمَ لا نرى مديرا للمخابرات من الإخوان المسلمين، ورئيسا للجمهورية من تيار سياسي إسلامي؟ هل الإسلاميون من كوكب آخر؟ هل عليهم أن يبقوا دائما في الطرف الآخر من المعادلة؟ لم زلزلت الدنيا حين فازوا في الانتخابات في الجزائر وغزة ومصر وتونس والأردن، ولم يتحرك أحد حين فاز أصحاب اللحى والقبعات الصغيرة في كيان العدو؟ لم لا يحتج أحد على وزير خارجية هذا الكيان ليبرمان، بلحيته وقبعته، وأفكاره العدوانية العفنة؟
من يقرأ تاريخ هذه المنطقة يعرف أن الإسلاميين كانوا على الدوام وقود معارك الاستقلالات منذ منتصف القرن الماضي وما قبله، وما هي إلا أيام أو شهور، حتى قفز أصحاب الأفكار الأخرى، من عسكر وقوميين وطائفيين إلى كراسي الحكم، وقلبوا ظهر المجن لمن ضحى بروحه وجاهد حق الجهاد، وأداروا ظهورهم لهوية هذه الأمة وحضارتها وثقافتها، فأضاعوا من عمرها عقودا طويلة في لعبة تواطؤ طويلة ومريرة مع الغرب، فباعوا الأوطان ورهنوا مقدراتها، وبددوا ثرواتها من بترول وغيره، حتى إذا تنبه الإسلاميون للعبة القذرة خاضوا غمار الساحة، فقدموا برامجهم ورؤاهم، ومشروعهم النهضوي لإنقاذ البلاد والعباد من العبودية والارتهان للأجنبي!
طيلة عقود كان الإسلاميون يزرعون، ثم يأتي الآخرون لقطف الثمار، ألم يفعلها معهم عبد الناصر؟
لقد تعامل الإسلاميون بطيبة إن لم يكن بسذاجة، وبأخلاق عالية مع الحكام والسلطات المختلفة، وآثروا على أنفسهم وعفّوا عن المناصب، فماذا كانت النتيجة؟ تمددت إسرائيل في المنطقة، وتسابقت الأنظمة في إرضائها، وخاضت معها معارك فارغة، مكنتها من ابتلاع كل فلسطين، وأجزاء من مصر وسوريا، ثم كافؤوها بمعاهدات السلام، ولم تكتف بما حققت، فاستمرت في جبروتها ووحشيتها، فنكلت بالشعب الفلسطيني، وتُرك هذا الشعب لقمة سائغة في فمها، بل إن من يفكر اليوم بمواجهتها أو إيذائها يزج به في غياهب السجون، ويحاكم بتهم باطلة، أقلها بأنه «إرهابي» !
ها هي حصيلة حكم الآخرين، من ألوان الطيف السياسي غير الإسلامي، فلم لا يحكمنا أهل الدين والخلق والمبادىء؟ يقال أن الإخوان انتهازيون، وقناصو فرص، ولمَ لا؟ إن لم ينتهز السياسي الفرصة فكيف يكون سياسيا؟ وكيف ينفذ برامجه؟ وكيف يؤثر في المجتمع؟
الجندي الذي لا يطمح أن يكون قائدا للجيش هو جندي فاشل، والصحفي الذي لا يطمح لأن يكون رئيسا للتحرير صحفي بلا همة، والحزب الذي لا يخطط لتسلم الحكم من الأفضل له أن يحل نفسه!