دبكة فوق جباه الأحرار !!

الدرك وُجد لحفظ الأمن وحماية المواطن والتدخل لفض اشتباك والحيلولة دون توسع نطاق اي مواجهة تحدث، دور وقائي وعلاجي ، والهدف هو التضييق والمحاصرة ، هكذا نفهم دور الدرك ورجال الأمن ، ولا دور سياسي يذكر او يناط به في اي دولة تستخدم مثل تلك القوى الأمنية الداخلية ، وبقي مثار إعجاب وتقدير الناس حتى لحظة أن وقعت بساطيرهم فوق جباه الأحرار في مشهد ادانه الناس مساء امس على الدوار الرابع !
في بلادنا كل شيء مقلوب رأسا على عقب ، اقتصادنا مشوه ومسخّر لفئة قليلة دون الأكثرية المطلقة ، وتلك الأقلية نفسها تدفعه باتجاه الغرق أكثر ، بئر شربوا منه ولوثوه ، ثرواتنا يسهل بيعها ونهبها وتأجيرها ، الفاسد و" الحرامي " محمي بقانون ، مجلس وزراء تشغله تعيينات الأقارب والمعارف دون بقية الناس، والمبرر دوما جاهز لا يوجد كفاءات ! مجلس نواب طور نفسه دون برلمانات العالم وبات يمارس كل السلطات ، تنفيذية وقضائية وفشل في دوره التشريعي والرقابي ، يصدر صكوك البراءات والحكم المطلق بحق من ثبت تورطه وفساده ، يناضل غالبية اعضائه في سبيل تحقيق مكاسب شخصية مقابل صفقات يعقدها مع الحكومات قبل أن يغادر الصيف الحالي ، ولكل صفقة منح وامتيازات للنواب ولو على حساب خزينة شبه فارغه ، لا يوجد في العالم شعب ملّ ومقت مجلس نوابه وطالب برحيله كما هي مطالب شعبنا الملحّة الأن ، فنون وسلوك ومعايير تصدر كل ساعه لتكميم الأفواه وملاحقة الأقلام ومنع النشر وحرية الرأي، وحملات اعتقالات ومطاردات بحق من يطالب بإصلاح البلاد ، ولا ضير من قتل 5 - 10 % من اي تجمع يطالب بالإصلاح حسب تصريحات رسمية ، ويذّكروننا دوما بالحالة السورية بالرغم من اختلاف طبيعة النظام واختلاف طرق التعبير في البلدين ، ولا يتذكرون هم نتائج القرارات الأمنية هناك !
لا حنكة ولا سياسة ولا دهاء في تطويق وحل المشكلة ، قرارات تعسفية وإجراءات أمنية تدفع بإتجاه التأزيم والمواجهة ، يحمّلوننا أطنان من المنّة والجمائل أننا نعيش في أمان واستقرار وأن المواطن يعيش بهدوء ! وكأن شعوب العالم قاطبة محرومة من الأمان والإستقرار خلا شعبنا ، فالأمن والاستقرار غاية شعبنا وهدفه وهو الأحرص على استمراره من أية جهة تدعّي مكرمتها في هذا .
ونعود لحادث الدوار الرابع مساء السبت ، بدأت تلك القوة الأمنية تنطق وتتحدث وتتصرف بسياسه ! تطالب المعتصمين بسقوف متواضعة ، وتهدد بالرد إن ارتفعت تلك السقوف ، تحاول عبثا إستفزاز المحتشدين لأكثر من مره ، جموع الحشد الأمني يعادل خمسة أضعاف المعتصمين ، والهدف هو الاستعداد للمعركة ، تتطور الاستفزازات الى التحرش ومن ثم إنتظار الفرصة المناسبة للإنقضاض ،تأتي الفرصة من دعوة يطلقها المعتصون ، ليست أكثر من دعوة للنظام بالإصلاح، ، لم يكتفي الدرك بالهراوات والضرب ، بل اُستخدمت البساطير لتدوس رؤوس الناس ، وبدت في ردة فعلها وكأنها تنظم حلقات" دبكة " فوق وجوه من يطالب بإطلاق سراح المعتقلين ! مشهد يعيد للأذهان اعمال الشبيحة في دمشق !
تخبط وإرباك وفوضى تحول دون اتخاذ قرار صحيح ، فان كان هناك قرارا بوقف حراك السقوف العالية ومواجهته بالقوة ، فليتخذ قرار مشابه بوقف الفاسدين بالمقابل وهم لا يزيدون عن اصابع اليد الواحده يطالب الناس بهم منذ عام ونيف حتى تنخفض تلك السقوف ! إيعاز سياسي تورط فيه رجال الدرك ، ولو استمر الإعتصام ساعة لغادر الجميع الموقع قبل ان تشق البساطير طريقها نحو وجوه ابناء وطنهم ، فهانت على قوات الدرك كرامة المواطن ، وداست البساطير وجوه المواطنين المطالبين بالاصلاح واطلاق سراح الاحرار ، وكنا نتمنى لو أن تلك البساطير داست ولو مداخل بيوت وقصور اولئك اللصوص الفاسدين لتقديمهم للقضاء طالما أنها تسعى لتوطيد الأمن وحماية المواطن من العابثين والفاسدين والمجرمين ، فشاء القدر أن تدوس تلك البساطير وجوه وافواه الكاظمين الغيض والاحرار والفقراء والمناضلين الداعين لحماية بلادهم من كل سوء ، وتقف حارسة مانعة كل سوء عن ثلة الفاسدين ليل نهار ، والنتيجه دبكة فوق رؤوس الأحرار بحجة أنهم تعدو حدود اللياقات والأصول الأردنية العفيفة والنبيلة ! متناسين متجاهلين ببيان الناطق الإعلامي ما أصاب العفيفات من اللواتي نزع حجابهن ورمين بالارض !! فأين المدافعون عن تلك اللياقات ممن نهبوا وسرقوا ثروات بلادنا ! أين هي تلك القوانين والتشريعات التي تلاحق من خرج عن القيم العفيفة وباع البلد وخان الأمانه وتآمر عليها !
لم يكتف صاحب القرار السياسي ومن يترجم توجهاته بكل هذا ، هاهو يعد العدة من جديد ليثير في أرجاء محافظة الطفيلة وغيرها ، وفي حي الطفايلة الأن فتنة عشائرية بين ابناء البلدة ، لعله يحقق هدف وقف حراك عاهدوا الله ان لا يتوقف طالما أن الإصلاح معطل والفاسد خارج السجن ، ولا يضير صاحب القرار المرتبك والتائه في قراراته لو حصل الاشتباك و" تذابح " ابناء الحي بعضهم ببعض ، فدماء الناس باتت رخيصة ، والبيان جاهز كما العادة ، مشاجرات بين الموالاة والمعارضة !! فلعلها فرصة أخرى تمنحها الأجهزة للحراك لمضاعفة جمهوره وارتفاع سقف مطالباته ، وزيادة قناعة الناس الصامته للخروج والالتحام ومناصرة الحراك ! فمع كل هراوة تقع على رأس معتصم ينظم عشرة جدد .، ومع كل إعتقال يتضاعف العدد ، ومع كل بسطار ياكل من لحم وجوه الأحرار ينظم مائة واكثر ، فالمعادلة ليست في صالحكم ! والإحتكام للقبضة الحديدية ليس الحل بقدر ما يشير الى التخبط والأرباك الذي تعيشونه في هذه الحالة ، خاصة حين تنتشر مظاهر ارتفاع السقوف في كل بلدة وكل محافظة ، فهل سيبقى الحل هو البسطار !! وهل القرار القادم إعتقال جموع الشعب !
يبدو أن جموع الأحرار لن تستسلم لكل تحد وفتن ومؤامرة واعتقال ، ولن يحول دون موقفها وحراكها كل تلك الإجراءات العقيمه ، ومنذ متى كانت الهراوات والقبضات الأمنية حلا لوقف مطالب الشعوب ! فماهي الجريمة التي ارتكبوها ! وهل كان الرد يحتاج لتلك الأدوات "الحضارية الراقية " في التعامل مع حراك المعتصمين السلمي ! وهل يدركون أن ارتفاع السقف والخطوط الحمراء كان وراءه ارتفاع الإجراءات الأمنية وقسوتها وفشل كل ما قيل عنه من إنجازات الاصلاج وملاحقة الفاسدين والقوانين العصرية !!