سقف الشعارات يقلق النظام الأردني واجبره على استعمال الامن الخشن
اخبار البلد- محمد النجار - شكل قرار الحكومة الأردنية فض الاعتصام أمام رئاسة الحكومة مساء أمس السبت، والذي كان يطالب بإطلاق ناشطين سياسيين، بداية تنفيذ لقرار سياسي وأمني في الأردن اتخذ بمنع أي تجمع يرفع سقف الشعارات التي باتت تطال الملك بشكل غير مسبوق في المملكة.
واعتقلت قوات الأمن أكثر من ثلاثين قبل أن تفرج عن 17 منهم وتحيل البقية لمحكمة أمن الدولة بتهمة إطالة اللسان، لينضموا للمعتقلين الذين كان الاعتصام يطالب بإطلاق سراحهم والبالغ عددهم ثمانية من قادة حراك الطفيلة.
وباتت الشعارات التي تطال الملك عبد الله الثاني وعقيلته الملكة رانيا وعددا من كبار الشخصيات والمسؤولين وجهاز المخابرات، أو التي تتحدث عن 'إسقاط النظام' إذا استمر الوضع الحالي، جزءا من الاعتصامات التي انتقلت من المحافظات للعاصمة عمّان.
وبررت الحكومة على لسان الناطق باسمها وزير الدولة لشؤون الإعلام راكان المجالي فض الاعتصام بسبب 'العبارات والألفاظ الخارجة عن الأدب'، التي قال إنها 'تتجاوز الأعراف والأصول واللياقات المألوفة في الحراكات الأردنية التي تلقى الاحترام والحماية من كل مؤسسات الدولة الأردنية'.
وأضاف المجالي إن الحكومة اعتقلت بعض الذين رددوا هذه الشعارات لأنها لا تستطيع قبول أي شكل من هذه التجاوزات باسم الحراك الشعبي والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.
وتابع 'ليس باسم حراك الطفيلة ولا باسم بعض المعتقلين منهم ولا باسم أي حراك أردني يمكن قبول أو تفهم بعض الدعوات والسلوكيات التي تسعى إلى تأزيم المشهد الأردني الذي وصل إلى مراحل متقدمة من التوافق بين جميع أطرافه الرسمية والشعبية، ذلك أن قضية شباب الطفيلة المعتقلين بدأت أصلا نتيجة لتجاوزات مشابهة تعدت حدود اللياقات والأصول الأردنية العفيفة والنبيلة'.
ولقي فض الاعتصام استنكارا كبيرا من جانب جماعة الإخوان المسلمين وتجمع نقابيون من أجل الإصلاح، فيما خرجت مسيرتان في كل من حي الطفايلة وسط عمّان وبلدة ذيبان التابعة لمحافظة مأدبا، واعتصم العشرات استنكارا لما جرى في الطفيلة جنوبي الأردن ليلة أمس، ورددت الشعارات ذاتها التي تم فض الاعتصام بناء عليها.
وجاء في بيان لعدد من الحراكات الشعبية مساء السبت أن ما جرى من 'اعتداء آثم وهمجي وسافر على المعتصمين السلميين أمام رئاسة الوزراء لهو دليل جديد وقاطع على موقف النظام واصطفافه بجانب الفاسدين والمفسدين ضد دعاة الإصلاح'، وحمّل البيان 'النظام ورأسه مسؤولية كل ما يلحق بالمعتصمين من أذى'.
ولفت أنظار المراقبين والسياسيين ما اعتبر 'تناقضا في رسائل النظام' في ذات يوم السبت الذي شهد صباحا إعلانا لنتائج انتخابات نقابة المعلمين التي فاز بها الإسلاميون وحلفاؤهم، فيما استخدمت القوة لفض اعتصام لم تتجاوز سقوفه الشعارات التي ترددها الاعتصامات في المحافظات والعاصمة.
وبدوره اعتبر الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان أن هناك ارتباكا في تعامل الحكومة مع ملف تجاوز الهتافات للخطوط الحمر، 'وهو أمر غير معتاد ومقلق في المشهد السياسي المحلي'.
وقال -للجزيرة نت- 'هناك خوف لدى مراكز القرار من أن تتكرس هذه الشعارات في الشارع ويكون تراخي الدولة معها بمثابة دافع لانتشارها وتوسعها'.
ويرى أبو رمان أن الدولة تسعى للمضي في الخطة التي رسمتها نحو انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابات جديد.
وزاد 'لكن ما يعكر صفو الأجندة الرسمية هو التطور الجديد في هتافات بعض الحراكات وتحديدا في محافظة الطفيلة، فحاولت من خلال اعتقال ناشطين توجيه رسالة بهذا الخصوص إلى الجميع، لكن النتيجة جاءت معكوسة فازداد سقف الشعارات وانتقل الاعتصام إلى عمّان'.
ويلفت المحلل السياسي إلى أن جوهر الأزمة الحالية هو اختراق الحراك للسقوف وتركيزه على الفساد 'الذي بات يمثل الخاصرة الرخوة لدى الدولة، وهو الجانب الذي يسعى المسؤولون إلى تحجيمه والتركيز على الأجندة السياسية بدلا منه'.
وتحدث أبو رمان عن 'نصائح قدمت لمراكز القرار بضرورة التعايش مع السقف الجديد أو انتهاك الخطوط الحمراء في لحظة الربيع العربي فهي مرحلة مؤقتة إلى حين الخروج من عنق الزجاجة، إلا أن المسؤولين لا يزالون مصرين على عدم القبول بالوقوف عاجزين أمام السقوف الجديدة ويفضلون التعامل مع صداع أكثر ضررا وتأثيرا والمتمثل بالاعتقالات واستخدام القوة، من صداع التعايش مع السقوف الجديدة'. الجزيرة نت