موازنة سموتريتش للحفاظ على الائتلاف الحاكم
استعرض وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، اليوم الثلاثاء، مقترحه لميزانية الدولة للعام المقبل في ظل استمرار الحرب على غزة التي قدر تكلفتها بين 200 الى 250 مليار شيكل (56 الى 70 مليار دولار)، في حين ذهبت تقديرات مغايرة نحو تكلفة تصل الى 120 مليار دولار؛ على الموازنة الجديدة التعامل معها كحقائق وليس كفرضيات في العام 2025 نتيجة استمرار الحرب التي يدافع عنها نتنياهو وسموتريتش، فلماذا تجاهل سموتريتش هذه الحقيقة في مرافعته الاعلامية؟
المؤتمر الصحفي لسموتريتش جاء بعد الاضراب العام الذي انضمت اليه النقابات العامة (الهستدروت) يوم امس الاثنين، وبعد تحذيرات أطلقتها وزارة المالية على لسان كبار موظفيها بضرورة توفير 50 مليار شيكل (14 مليار دولار) من اموال الضرائب لمعالجة العجز الذي تجاوز 8% في حين يصر سموتريتش انه 6.6 % مع احتمال ارتفاعه قليلا، ليعود وينخفض بحسب تقديراته العبقرية، التي لا تتفق مع تقديرات موظفيه الكبار في الوزارة والبنك المركزي، فضلا عن البنك الدولي وصندوق النقد والمؤسسات المالية الكبرى التي خفضت مستوى الائتمان الى A بدل A+.
المؤتمر الصحفي عكس طريقة سموتريتش الاستفزازية للتعامل مع رجال الاعمال ومالكي 45 الف شركة اغلقت اعمالها، والتي وقع موظفوها فريسة للبطالة وللدعم الشحيح المقدم من وزير المالية سموتريتش الذي لا يزال يصر على دعم الاستيطان في الضفة الغربية، ودعم الحريديم في حزب شاس ويهوديت هتوراة، في مقابل تخفيض الدعم للنازحين والمتضررين من الحرب، وذلك للحفاظ على ائتلافه الحاكم من اموال دافعي الضرائب والداعمين الغربيين، وعلى رأسهم امريكا والمانيا.
مراقبون من داخل الكيان الاسرائيلي يشككون بقدرة سموتريتش على تمرير موازنة العام المقبل المقترحة، وهي موازنة يتوقع ان تفجر ازمة في الشارع وداخل الائتلاف الحاكم وفي اروقة الكنيست، الذي طالب رئيس لجنته للخارجية والامن يولي ادلشتاين العضو في الليكود نتنياهو والحكومة تقديم تقريرها عن الحرب امام اللجنة مستبقا استعراض سموتريتش الاعلامي الذي قدمه اليوم الثلاثاء.
يضاف الى تحركات ادلشتاين والمعارضة وعلى رأسها لابيد، انتقادات وجهها مراقب الدولة (متانياهو انجلمان) للمسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، لعدم تحملهم المسؤولية عن الإخفاقات التي حدثت يوم 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي بشكل الحق ضررا كبيرا بالمدنيين الاسرائيليين، علما ان انجلمان انتقد محذرا في وقت سابق من العام الماضي 2023 الحكومة بعيد عملية طوفان الاقصى بأسابيع قليلة بالقول: "ان فشل الحكومة في رعاية الجبهة الداخلية، وغياب خطة اقتصادية وغياب منسق في الأسبوع الرابع من الحرب، فشل يضر بالمدنيين" انتقاد لم يتغير، بل تفاقم وازداد تأزما بعد مرور احد عشر شهرا على الحرب والعدوان على قطاع غزة.
الانتقادات والتحركات داخل الكنيست وخارجه تشير الى ان الاقتصاد حاضر، وسيزداد حضورا في المرحلة المقبلة ليس بسبب غياب الدعم الامريكي والغربي، بل بسبب اجندة نتنياهو وسموتريتش الاقتصادية واولولياتهما ، اذ ستفاقم من تعقيدات الحرب والمشهد السياسي الداخلي في الكيان المحتل، فأهداف الخطط الاقتصادية لسموتريتش لا تختلف عن اهداف الخطط العسكرية والسياسية لدى نتنياهو بالحفاظ على الائتلاف الحاكم واجندته اليمينية، وهي اجندة محدودة الافق تراهن على معجزات لن تحدث حتى لو عاد ترمب الى البيت الابيض، وحتى وان اعيد انتخاب نتنياهو في العام 2026 ، فنزيف الاحتلال العسكري والاقتصادي لن يتوقف في ظل حكومة نتنياهو وسموتريتش التي تخوض حرب استنزاف لا مخرج منها الا بسقوط حكومة نتنياهو او بحرب اقليمية أوسع.