أردنيون ولكن

لو سألت أي مواطن أردني فقير – وهم كُـثرُ – يسكن في بيت طيني ، أو كوخ قصبي، أو خيمة على خاصرة الصحراء في هذا الوطن ، أين هي جنتك ؟؟ لنظر إلى بيته الطيني، بعينين تفيضان محبة ، وتنفس عميقاً ، ورفع رأسه زهواً ، وكبرياء وقال هذا جنتي ، ووطني ، هذه حقيقة أظن أن كل من سوف يقرأ المقال يوافقني عليها ، ولو أردنا عن حُسن نية أن نوجّــه نفس السؤال إلى أغنياء الأردن – وهم قلة - ومعظمهم قد سرق قوت الشعب ، ومقدرات الوطن، وجميعهم يعيشون في قصور كبيرة، وفلل فخمة لا ينقصها شيء سوى العزة، والكرامة ، لو سألناهم أين هي جنتكم ؟؟ لأخذوا يتأفأفون ، وينفخون ، ويتلفتون حولهم بقرف واضح ، وقالوا بصوت مرتعش ، أوروبا ،أو أمريكا ، فقد اختاروا جنتهم التي يمارسون فيها المتع الدنيوية، الدونية ، فهم لا يعتبرون البيت الذي سرقوه من مال الوطن هو جنتهم الحقيقية .
جواب الفقير واضح ولا يحتاج إلى تأويل ، وجوابهم ليس لغزاً لأنه يمثل حالهم ، وطبيعة علاقتهم بالوطن، والبيت ، وأظن أن السر في تحول البيت الطيني إلى جنة ووطن، وتحول القصر إلى وكر، هو الانتماء ، نعم فقط الانتماء للوطن ، وللبيت ، ولمليك الوطن ، وأنا على يقين أنه في الوقت الذي يصحو في صدورهم حُب الوطن ، ويمارسوا حقيقة الانتماء ، سوف تصبح قصورهم أوطان ، وجنات نعيم .
أعجب من الشعب الأردني الذي ما زال يقبل بهم بينه ، وكيف يتعامل معهم وكأنهم أصحاب نفوذ ، وهم أصحاب قيوده ، ويزداد عجبي عندما أعرف أن نواباً للوطن ، وللشعب، يلهثون حتى يتشبهوا بهم ، أنهم يسعون إلى أن يصبحوا نواب مسؤولين ، وليس نواب شعب ، إن بعض النواب هم في الحقيقة موظفون عند بعض المسؤوليين ، وهم الصدى لأصواتهم .
يؤلمني جداً جواب الأغنياء عن الجنة ، ويزيدني شرفاً جواب الفقراء ، وحسبي الله ونعم الوكيل .