جلوة عشائرية في لواء الهاشمية تشرد 1300 شخص وتلقي بـ 102 عائلة تحت خط الفقر

اخبار البلد- موفق كمال-عمان - شردت "جلوة عشائرية" في لواء الهاشمية بالزرقاء نحو 1300 شخص من عشيرة واحدة، بينهم 300 طفل و50 من كبار السن، ناهيك عن عشرات طلبة الجامعات، ممن توقفوا عن دراستهم الجامعية، كما دخلت بسبب ذلك 102 عائلة تحت خط الفقر والعوز.
وتمت هذه الجلوة بناء على قرار لمحافظ الزرقاء سامح المجالي، جراء مشاجرة جماعية وقعت في نهاية ايلول (سبتمبر) الماضي، تخللتها جريمة قتل، ذهب ضحيتها شخصان، أحدهما من عشيرة المتهم، لكنه من فخذ آخر من العشيرة، والآخر من عشيرة أخرى، لكن جميعهم يسكنون في لواء الهاشمية، بحسب أحد أفراد العشيرة المهجرة.
وجرت فصول الجلوة بتهجير هذه العشيرة تحت جنح الظلام ووسط وابل من العيارات النارية.
ويقول أحد أبناء العشيرة المهجرة، الذي يلتقي مع المتهم بالجد السادس، مفضلا عدم نشر اسمه لأسباب ثأرية إن "محافظ الزرقاء أبلغ العائلات المهجرة، بأن إبعادهم سيستغرق ثلاثة أيام حتى تهدئة الأوضاع".
وأضاف إن الاوضاع لم تهدأ "فبدا الامر وكأنه تغرير بنا، اذ أبعدنا عن مسقط رأسنا، وليس ذلك حسب، بل استدعت قوات الأمن اطفالنا من مدارسهم، لتضمهم الى أهاليهم في الإبعاد خارج الهاشمية، بدون أن يكون لهم أي ذنب بما حدث".
ويضيف ان "معظم أطفالنا قضوا العام الدراسي في منازلهم، ولم نعد قادرين على علاج بعض كبار السن في المستشفيات، لعدم مقدرتنا على الحصول على وثائقنا الطبية، التي استمرت محجوزة في منازلنا المهجورة لأكثر من 4 أشهر، وتحولنا من عائلات مستورة الى معوزين تجوز علينا الصدقات".
ويوضح شخص آخر من أبناء العشيرة المهجرة، رفض نشر اسمه هو الآخر، أنه تم تهجير فخذ كامل من عشيرته فـ"حتى النساء المتزوجات من اشخاص من خارج العشيرة، شملتهن الجلوة".
ولفت الى أن عشرات الموظفين خسروا عملهم، ومنهم من حصل على تصنيف وظيفي أقل وخفض راتبه ليحافظ على وظيفته، "ولم نتمكن حتى من تأجير منازلنا التي تركناها عنوة، لنتمكن من الإنفاق على اسرنا".
ويضيف إن "العطوات العشائرية التي وقع عليها، نصت على أن المتهم هو القاتل، إضافة الى تضمينها شروطا غريبة، بينها عدم توكيل محام للدفاع عنه، وعدم تقديم شكوى قضائية ضد من انتهك حرمة منازل اهل المتهم واقاربه، او اعتدى على عدد منهم".
من جهته، قال قاضي العشائر الشيخ بركات الزهير، المكلف برئاسة لجنة عشائرية بمشاركة العين حماد المعايطة والشيخ محمد جدوع العودات، للتحكيم بأمر هذه القضية، وتحديدا من تشملهم الجلوة، التي شردت 102 عائلة، انه "بعد تكليفنا خطيا، تبين أن قرار تكليف اللجنة موقع من عشيرة المتهم فقط، وليس من كافة الأطراف".
وأشار الى أنه يتوجب توقيع جميع الأطراف المتخاصمة على قرار التكليف، على أن تقر جميعها بعدم الاعتراض على قرارها، لكي ينفذ وفقا للأعراف العشائرية.
ويضيف "طلبنا من الجهات الرسمية إلزام الأطراف الاخرى بالتوقيع على طلب تكليف اللجنة، لكن الاطراف رفضت التوقيع، بداعي أن المتهم في القضية رفض الاعتراف امام المدعي العام بأنه القاتل".
وهذا ما أكده محافظ الزرقاء المجالي، الذي اشار الى ان العطوة اشترط فيها ذوو المغدورين أن يعترف المتهم امام القضاء بأنه القاتل، وبخلاف ذلك، فلن يسمحوا لأبناء عشيرته بالعودة الى ديارهم.
وبحسب المجالي، فإنه "لا يجوز ترحيل هذا العدد من الأشخاص، ولكن حقنا للدماء، وخشية من ان تعرضهم إعادتهم الى منازلهم لأعمال عنف وانتقام من ذوي المتوفيين، لم تتم عودتهم"، لافتا الى ان ذلك هو لغايات "حفظ الامن والنظام، وبداعي الحرص على حياة المشمولين بالجلوة".
الا ان القاضي الزهير يؤكد أنه بعد فشل تكوين اللجنة، التي ستنظر بأمر القضية عشائريا، لعدم توقيع جميع الأطراف على التكليف، فقد طلب اعضاؤها "تطبيق الجلوة العشائرية، حسب الوثيقة الموقعة عام 1987 من كافة شيوخ العشائر، بأن الجلوة تنص على ان تشمل حتى الجد الثاني للمتهم فقط، ومن معه في دفتر العائلة، لكن ما تم تطبيقه هو تشريد نحو 102 عائلة، معظمها بعيدة عن درجة القرابة مع المتهم".
ويضيف "حاولنا إلزام المحافظ بتطبيق الجلوة حسب الوثيقة، لكن الأخير لم يتمكن من تطبيقها لنواح أمنية، بخاصة بعد الرفض المطلق من ذوي المتوفيين".
وختم الزهير "حسب الأعراف العشائرية، فإنه في حال كان هناك جريمة قتل، يتم ترحيل ذوي المتهم حتى الجد الثاني، وفي حال صدر قرار قضائي، ثبتت فيه براءة المتهم، يعاد الى منطقته".
ويقول احد وجهاء العشيرة المهجرة هاني عبد الكريم، الذي يشير الى انه يلتقي مع المتهم بالجد الخامس، انه أجبر مع والده واشقائه وعوائلهم وكافة أقاربه على التهجير القسري من لواء الهاشمية.
ويضيف "واجهنا ويلات شبيهة بما يعيشها اللاجئون القادمون من دول اخرى، وللأسف أصبحنا لاجئين في وطننا، والسبب عدم قدرة المسؤولين على تطبيق مبدأ دولة المؤسسات والقانون".
واضاف انه قبيل توقيع عطوتي الاعتراف اصدر المحافظ قرارا بترحيل كافة ابناء العشيرة (الذكور فوق سن 15) وتحت التهديد بترحيلهم بالقوة الأمنية، إن لم يذعنوا لأوامره، على أن يعادوا خلال ثلاثة أيام من تاريخ الاجلاء لغايات ضبط الامن وتهدئة النفوس (...) ما ألحق أضرارا مادية ومعنوية بالمتضررين من الجلوة، فضلا عن الأضرار بتلاميذ المدارس والطلاب الجامعيين.
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتور حسين الخزاعي يؤكد أن هذه الجلوة تحديدا، ولكونها تسببت بظلم عدد غفير من المواطنين، فإنها "لن تؤدي الا لمزيد من التفكك والصراع الاجتماعي بين أفراد المجتمع". ولفت الى ان الجلوة المكانية "تؤدي الى ترحيل الأزمات وتأجيلها، لأنه نجم عنها دخول ابرياء ليس لهم أي علاقة بالصراع الدائر بين أفراد اسرتين وليستا عشيرتين".
ويبين أن هذه الحالة "امتداد لحالات سابقة، جرت في معظم المحافظات، ولم تتخذ أي إجراءات أو تعديلات تشريعية او قانونية تضبطها، فالجلوة، يجب ان تشمل أفراد أسرة المتهم او القاتل فقط، ولا ذنب للأبرياء الآخرين".