الكذب ... هل أصبح حقا عادة


هي مسألة في غاية الأهمية ، وهي أطروحة خطيرة لما لها من آثارٍ سلبية ، وهي أمر ملموس ومشاهد في مجتمعاتنا الأبيّة ، وهي التهرب من الحقائق والوقائع لمصالح شخصية ، وهي بالتأكيد حبُّ الكسب والتخلي عن الإنسانية ، وهي نهج للتخلص من العقوبات والمسؤولية ، أهي الطريق الذي ينجيك مما فعلت من دون عقاب أو حتى مساءلة قانونية ؟

إنه سلوك قبيح بشع ، قذر دنِس ، لا ينمّ إلا عن ضعف ومهانة ، ولا يعبر إلا عن ذلّ وانكسار ، هو الخوف من المحاسبة وهو الخوف من المساءلة ، هو عدم الشعور بالمسؤولية إنه الكذب !

نعم ، إنه الكذب على النفس قبل الآخرين ، وهو الكذب على الضمير الغافل المَهين ، هو التهرب والهروب ، هو الوهم والريبة ، هو الضياع والحَيرة ، فلماذا مع كل ذلك نلجأ إليه ؟!

فإن تطرقنا وتحدثنا من جانب الدين لوجدناه - كما نعلم جميعا - حراما في جميع الشرائع السماوية ، فقد ذكر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنّ آية المنافق ثلاث وذكر منها " إذا حدّث كذب " .

وقبل أن أباشر بالأسباب والدوافع التي قد تدفع الأشخاص إلى الكذب ، لا بدّ لنا من استعراض للوقائع وللأمثال ، إذ يقول المثل العربي : " الكاذب يضيع له صدق كثير ! "،

ويقول الفيلسوف الألماني نيتشه : "الكذبة الأكثر انتشارا هي كذب الشخص على نفسه " .

فلماذا الكذب الذي يمتهنه الكثيرون ، ولماذا غياب المصداقية في الكثير من الأوقات !

أأصبح الصّدق عيبا ؟ والكذب هو المباح ؟

أم أصبح الكذب سلوكا يجري في الشرايين بحيث لا يستطيع البعض العيش من دونه ؟

هي تساؤلات من الممكن أن نسألها جميعا لأنفسنا.

فلماذا نُصِّر على أن نكون من المنافقين ، لا أن نكون من الصّادقين الفائزين !

أقلة في الوازع الديني هي السبب ، أم ضعف بالشخصية والتهرب من المسؤولية ، أم هي وسيلة لدوافع اقتصادية ، أم أن هناك عوامل أخرى قد تسهم في جعل الكذب وسيلة يلجأ لها البعض من أجل أفعال إنسانية ؟!

في هذا الصدد تم السؤال عن الأسباب التي قد تدفع الإنسان إلى الكذب للعديد من الأشخاص ومن مختلف المستويات لنصل إلى ضالتنا ، لعلنا نلقى ما يرشدنا ويهدينا السبيل ، خدمة لوطننا وأمتنا ، وحفاظا على قيمنا وعاداتنا العربية والإسلامية،حيث كانت الإجابات كما يلي :

فعند سؤال سعادة الشريف زيد آل عون عن الأسباب التي قد تدفع الإنسان إلى الكذب ، أجاب قائلا : أن الجبن وضعف الشخصية هما سببان رئيسيان للكذب ، فلا يكذب إلا جبان.

وقد أكدّ معالي الدكتور محمد طالب عبيدات بأنّ هذا الموضوع كبير والإجابة عليه تحتاج لوقت طويل، لكن بالمجمل نقص الوازع الديني وقلّة التربية والتحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع تعدّ من الأسباب الرئيسية للكذب.

وأضاف سعادة النائب خيرالله طه أن الكذب موجود والصدق موجود وهما مترادفان ومن تعود على الكذب وهو صغير أصبح لديه عادة مستديمة ومن تعود على الصدق فهو كذلك الأمر، والأصل هي التربية في البيت ، والصدق أقوى وأكثر وأعم والذين يكذبون فئة ليست بالأكثرية أبدا .

وأشار المحامي لؤي الشريف بهذا الصدد بأنّ البعض يلجأ للكذب ناجم عن خوف يتصوره فيما لو قال الحقيقة ، والبعض يكذب كنوع من الترفيه والهروب من واقعه بل يتفنن به لأنه يخلق حاله لا تطابق الواقع ، وهناك من يكذب ليصلح ما بين الناس أو ليتفادى نزاع بين شخصين أو أكثر، فتتنوع الأسباب ودوافعها بين الناس فمنها ما يكون لأمر نفسي أو لأمر له علاقة لإدارة بعض الأمور والأحداث ليغير نتيجتها التي من المتوقع أن تأخذ منحى سلبي جدا.

وأكّد أبوحسام بأنّ الإنسان يكذب للتخلص من المسؤولية أو العقاب ، وقد يكون الكذب بهدف إرضاء طرف آخر أو لحل مشكلة ما وفي جميع الأحوال أشار إلى أنه ضدّ الكذب.

وتطرّق المهندس فايز عيال عواد بهذا الشأن بأنّ الخوف و النفاق سببان رئيسيان للكذب، وظن البعض أن الكذب ينجي قد يكون دافعا للكذب فإذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى ، و أضاف قائلا : البعض يكذب بقصد الفتنة بين الناس .

كما وأضاف السيد علاء البخيت قائلا : أن الإنسان قد يلجأ للكذب للتهرب من أمر ما أو بسبب الظروف المحيطة بالشخص التي قد تجبره على الكذب.

ويشير الإعلامي بسام العريان بأنّ الدافع للكذب هو الخوف أو الضعف وقد يكون الكذب محمودا عندما يكون لإصلاح ذات البين .

وتطرّق الإعلامي فراس المغاريز معد ومقدم برامج للموضوع بطريقة مختلفة حيث قال : أنه ليس كل الكذب كذبا فأحيانا تقوم بوعد الناس بناء على وعد من قبل الآخرين فيخلف الآخرون وعدهم معك فبالتالي يكون وعدك غير صحيح وهذا لا يعد كذبا لأنك لا ذنب لك به ، أمّا باقي الكذب فهو تربية بيتيّه منذ الصّغر وله علاقة بالوراثة .

وأضافت سهير عوض فنانة تشكيلية بأنّ الكذب موجود بحياة كل إنسان وله العديد من العوامل.

كما وأشار محمد أبوعلوان طالب الصحافة والإعلام بأنّ الكذب قد يكون وسيلة للنجاة والهروب من أي حساب أو عقاب.

وأضاف أيضا:

بأن الشخص الذي يكذب إن لم يحاسب بالدنيا فأمامه الآخرة والعقاب والوعيد يوم القيامة .

ويؤكّد محمود الشريدة الطالب في كلية الطّب أنّ التهرب من الحقيقة والواقع و ضعف الوازع الديني وضعف الشخصية أسباب مباشرة لأن يكون الإنسان كِذّابا ، وأشار أنّ الكذب على النفس من أشدّ أنواع الكذب ويؤدي في أغلب الأحيان إلى تدمير النفسية في نهاية المطاف.

ويعتبر محمود السراحنة طالب في كلية الطب بأن الكذب يعبّر عن ضعف في الشخصية وهو وسيلة للهروب من المواجهة.

وعند سؤال أمجد حسّان طالب هندسة الميكاترونكس سنة خامسة بهذا الصدد اعتبر أن الكذب مرض نفسي ، ونقص في العاطفة وسوء في التربية وقد تعود أسبابه إلى القدوة السيئة .

وتحدّث عامر الشّوابكة طالب في كلية الهندسة بهذا الخصوص قائلا : أن الكذب هو ملح الرجال.

ويقول هشام جمله طالب هندسة الاتصالات : أنّ الهروب من الحقيقة سبب من أسباب الكذب مشيرا إلى وجود العديد من الأسباب التي قد تدفع الناس إلى الكذب كل حسب تجربته بالحياة.

ويضيف محمود القواسمة طالب هندسة الميكانيك : أن الكذب عادة مكتسبة وخوف من الحقيقة.

كما وأضافت طالبة جامعية بأن الإنسان قد يلجأ إلى الكذب لإنقاذ نفسه من موقف معين.

وأشار الطالب الجامعي محمد القيسي أن الإنسان قد يكذب أحيانا ليفهمه الآخرين بشكل صحيح ، وتطرّق إلى وجود أشخاص يكذبون لأن الكذب أصبح عادة عندهم.

وتعتبر أسماء أحمد أنّ السبب وراء الكذب هو عدم الرغبة في جرح مشاعر الآخرين، وقد يكون راجعا إلى عوامل بيئية وأخرى أسرية ، وقد يكون السبب الرئيسي لذلك هو ضعف في الوازع الديني للفرد .

في النهاية لابدّ من نهاية ، ولكن هل يا ترى تكون نهاية هذا الموضوع هو معاهدة أنفسنا وضمائرنا بالصدق دائما ومهما كلّف الصدق من ثمن ؟ فعلا أتمنى ذلك .