والدا الطبيبة الهندية عقب اغتصابها وقتلها: "أرادت أن تعيش حياة طيبة"
أثار اغتصاب وقتل طبيبة متدربة في كولكاتا بالهند، سخطا واسعا في البلاد مطلع هذا الشهر. فقد خرج عشرات الآلاف للاحتجاج في الشوارع مطالبين بالعدالة.
تحدث قسم اللغة الهندية في بي بي سي مع والدي الطبيبة، عن ابنتهما، التي يذكران بأنها كانت شابة ذكية تريد أن تعيش حياة طيبة وتعتني بعائلتها.
"لم نذكر أسماء أفراد العائلة لأن القانون الهندي يمنع ذكر أسماء ضحايا الاغتصاب وعائلاتهن".
"الرجاء أن تتأكدي من أن أبي قد تناول دواءه في الوقت المحدد. لا تنشغلي بي".
هذا آخر ما قالته الطبيبة، البالغة من العمر 31 عاما، لأمها، قبل أن تتعرض لاعتداء وحشي في المستشفى الذي تعمل فيه.
وقالت الوالدة لبي بي سي، في بيتها، على بعد كيلومترات من كولكاتا: "في اليوم التالي حاولنا الاتصال بها، ولكن هاتفها ظل يرن دون رد".
وفي الصباح نفسه، عُثر على جثتها، نصف عارية في قاعة المحاضرات، وعليها جراح غائرة. وألقت الشرطة القبض على عامل متطوع في المستشفى في جريمة القتل.
وأثار الحادث سخصا واسعا في البلاد، إذ خرجت مظاهرات ضخمة في العديد من المدن. وفي نهاية الأسبوع، نظم الأطباء في الهند إضرابا على المستوى الوطني دعت إليه نقابة الأطباء الهندية، مع ضمان خدمات الطوارئ فقط في المستشفيات الكبرى.
وتقول العائلة إنها تشعر بالخواء النفسي، بسبب فقدان ابنتها.
وقال الوالد لبي بي سي: "بلغت من العمر 62 عاما، وتحطمت أحلامي كلها".
ومنذ حادث القتل المروع، أصبح بيتهما، الواقع في أحد الأحياء الراقية، محط أنظار وسائل الإعلام.
ووقف فريق تصوير خلف حاجز للشرطة، لعلهم يلتقطون صورة للوالدين إذا خرجا من البيت. ويحرس ما بين (10- 15) فردا من الشرطة البيت باستمرار لمنع تصويره.
ووقعت الجريمة يوم 9 أغسطس/ آب ليلا، عندما ذهبت الطبيبة في كلية آر جي كار، إلى قاعة المحاضرات لتستريح من عناء 36 ساعة من العمل.
ويذكر الوالدان كيف كانت الطبيبة الشابة طالبة مثابرة تجتهد في دراستها من أجل أن تصبح طبيبة.
يقول الوالد، الذي يعمل خياطا، عن عائلته: "نشأنا في الطبقة المتوسطة، وبنينا كل شيء بأيدينا. عندما كانت صغيرة كنا نواجه صعوبات مالية".
وتكدست في الغرفة التي يجلس فيها أدوات مهنته: ماكنة خياطة، وبكرات خياطة، ومكواة ثقيلة. وقطع صغيرة من القماش مبعثرة على الأرض.
ويضيف الوالد أن أياما مرت عليهم لم يكونوا يجدون فيها المال لشراء الرمان، فاكهة ابنتهم المفضلة. "ولكنها لم تكن تطلب شيئا لنفسها".
وقال، وقد غلبته الدموع: "الناس يقولون لا يمكنك أن تجعل ابنتك طبيبة. ولكن ابنتي أثبتت لهم العكس، وتمكنت من دخول كلية الطب الحكومية".
وتذكر الوالدة كيف أن ابنتها كانت تدوّن يومياتها، كل ليلة، قبل النوم.
"كتبت إنها تريد ميدالية ذهبية على شهادة الطب التي حصلت عليها. وأنها تريد أن تعيش حياة طيبة وأن ترعانا أيضا".
وفعلت ذلك.
ويقول الوالد، الذي يعاني من ارتفاع الضغط، إن ابنتهما كانت تحرص دائما على أن يتناول الدواء في وقته.
"عندما ينفد الدواء، وأقول في نفسي سأشتريه في الغد، إذا عرفت بذلك، وكانت الساعة 10 أو 11 ليلا، تقول لا أحد يأكل قبل أن يحضر الدواء".
"هكذا كانت. لا تدع شيئا يقلقني".
كانت أمها تستمع باهتمام، وتلمس بيدها سوارا ذهبيا اشترته مع ابنتها.
وقال الوالدان إن زواج ابنتهما كان وشيكا. "ولكنها كانت تقول لنا إنها ستتكفل بدفع مصاريفنا حتى بعد الزواج".
وعندما تلفّظ الوالد بهذه الكلمات انفجرت الأم بالبكاء، وكان نحيبها يُسمع في الخلفية. وكانت أحيانا تنظر إلى الدرج المؤدي إلى غرفة ابنتهما.
الغرفة بقيت مغلقة، منذ 10 أغسطس/ آب، فلم يدخلها الوالدان منذ سماعهما خبر مقتلها.
ويقولان إنهما لا يستطيعان حتى الآن استيعاب كيف حدث هذا الأمر المروع لابنتهما في مكان عملها.
وقال الوالد: "يفترض أن يكون المستشفى مكانا آمنا".
ويعد العنف المسلط على النساء قضية كبيرة في الهند. فقد سجلت الإحصائيات الحكومية معدل 90 حادث اغتصاب في اليوم في عام 2022.
ويقول الوالدان إن مقتل ابنتهما يعيد إلى الأذهان قضية 2012، التي تعرضت فيها متدربة في العلاج الطبيعي تبلغ 22 عاما، إلى اغتصاب جماعي على متن حافلة أثناء السير في العاصمة دلهي. وتوفيت متأثرة بجراحها.
وبعد ذلك الحادث الذي تصدر عناوين الصحف العالمية، وأدى إلى أساببع من الاحتجاجات، شددت الهند قوانين الاعتداءات الجنسية.
ولكن حالات الاعتداءات الجنسية ارتفع عددها منذ ذلك الحين، ولا تزال النساء تواجهن صعوبات في إحقاق العدالة.
وشارك الآلاف الأسبوع الماضي في مسيرة احتجاج في كولكاتا، مطالبين بتوفير السلامة للنساء عبر البلاد.
وسلط مقتل الطبيبة الضوء على التحديات التي يواجهها العاملون في الرعاية الصحية الذين طالبوا بتحقيق عادل وشامل في ظروف القتل وبإصدار قانون يحمهيم في العمل خاصة النساء منهم.
وطمأن وزير الصحة الهندي جي بي نادا الأطباء بأنه سيتخذ إجراءات لضمان سلامتهم في أماكن العمل.
ولكن بالنسبة لوالدي الطبيبة القتيلة، هذه الإجراءات غير كافية وجاءت متأخرة.
وقال الوالد: "نريد أقصى العقوبة للجاني".
"بلادنا وكل العالم كله يطالبون بالعدالة لابنتنا".