وَلَكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ
وَلَكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ
الكاتب : منتصر بركات الزعبي
سَأكونُ مَعَكُمْ اليْومَ فِي مَوضُوعٍ مِنَ الأهَميَّةِ القُصْوَى بِمَكانٍ وهو بِعنْوان "عقوقُ الوَالِدَيْن" فاسْمَحُوا لِيَ أنْ أقُولِ لَكُم : أعِيرونِي القُلُوبَ والوِجْدَان ، واللهَ أسألُ أنْ يَجْعَلَنا مِنَ (الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[الزمر: 17، 18]
العُقُوقُ مِنْ أكْبَرِ الكَبَائِرِ ،وأعْظَمِ الجرَائِمِ بَعْدَ الشِّركِ باللهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ : النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ ؟ ثَلاثًا . قَالُوا : بَلى يَا رَسُول اللهِ . قَال: الإشْرَاكُ بِاللهِ ، وَ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَ جَلسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَال : أَلا وَ قَوْلُ الزُّورِ ،وشهادة الزور ، قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلنَا : ليْتَهُ سَكَتَ ) [ رواه البخاري ومسلم ] . وهو سببٌ مِنْ أسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الجَنَّةِ ،والطَّردِ مِنْ رَحمَةِ اللهِ التي وَسِعَتْ كلَّ شَئٍ ، لاينْفعُ معهُ أيُّ عَمَلٍ مَهْمَا كانَ سواءٌ كانَ صلاةً، أو صيامًا ،أو زكاةً ،أو حجَّا ،أو صَدقةً ،قالَ – صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم – :(ثلاثةٌ لا يقبلُ اللهُ منهم صرفًا ولا عدلاً "فرضًا ولا نفلاً " العاقُّ لوالدَيهِ ، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ) وقالَ أيْضًا :(ثلاثةٌ لا ينَظُرُ اللهُ - عزَّ وجلَّ - اليْهِم يومَ القيامَةِ : العاقُّ لوالِدَيْهِ ،والمَرْأةُ المُتَرَجِّلةُ ،والدَّيوثُ – الذِي لا غِيْرَةَ عِنْدَه ولا حَمِيَّة -) فالعقوقُ شُؤمٌ كلُّه ، وخَطرُ كلُّه ، فهو سببٌ الحِرمانِ مِنْ رَحْمةِ اللهِ . وكَمْ نَجِدُ ونَسمَعُ مَنْ يلتَمِسُ رِضَا زَوْجَتِهِ ، وَيُقدِّمُهُ على رِضَا وَالِدَيْهِ ، فربَّما لَو غَضِبَت الزَّوجَةُ لأصبحَ طَوَالَ يومِه حَزِيْناً كَئِيباً لا يَفرَحُ بابتسامَةٍ، ولا يسرُّ بخبرٍ، حتَّى تَرضَى عَنْهُ زَوْجَتُهُ المَيْمُون، وربَّما لّو غَضِبَ عليْهِ وَالداه، ولا كأنَ شَيْئاً قدْ حَصَلَ.
ذكَرَ أحدُ بائِعي الجَوَاهِرِ قَصَةَ غَرِيبَةً ، وَصَورَةً مِنْ صُورِ العُقُوقِ، يقولُ: دَخَلَ علي رَجُلٍ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ، وَمَعَهُم عَجُوزٌ تَحمِلُ ابنَهُما الصَّغَيرُ، أخذَ الزَوْجُ يُضَاحِكُ زوجَتَهُ وَيَعْرِضُ عليْها أفخَرُ أنواعُ المُجَوْهَرَاتِ يشْتَرِي مَا تَشْتَهي، فلَّما رَاقَ لَها نَوْعٌ مِنَ المُجَوْهَرَاتِ، دَفَعَ الزَوجُ المَبَلغَ، فقالَ لَه البَائِعُ: بَقِيَ ثمَانُون رِيالاً، وكَانَتْ الأمُّ الرَحِيْمةُ التِي تَحْمِلُ طِفْلُهُمَا قدْ رَأتْ خَاتَمًا فَأعْجَبَها لِكَي تَلَبَسَهُ فِي هَذا العِيدِ، فقالَ: ولِمَاذا الثمانون رِيالاً؟ قالَ: لِهذهِ المَرأةِ؛ قدْ أخذَتْ خاتَمًاً، فصرَخَ بأعْلَى صوتِهِ وقالَ: العَجوزُ لا تحتاجُ إلى الذهَبِ، فألقتْ الأمُّ الخاتَمَ وانطلَقتْ إلى السَّيارَة تبكِي مِنْ عُقوقِ ولدِها، فعاتَبَتْه الزَّوْجَةُ قائِلةً: لِمَاذا أغضَبْتَ أمَّكَ، فَمَنْ يَحْمِل وَلدَنا بعدَ اليومِ؟ ذَهَبَ الابنُ إلِى أمِّه، وَعَرَضَ عَليْها الخاتَمُ فقالِتْ: واللهِ مَا ألبَسُ الذَّهَبَ حتَّى أمُوتَ، ولكَ يا بُنَيَّ مِثْلَهُ، ولكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ.
الصُّورَةُ الثَّانِيةُ : عرب نيوز - اعتَقَلَتْ الشُّرْطَةُ التُونُسِيَّةُ رجُلاً بِمُحَاَفظَةِ قَاِبسْ (جَنُوبِ العَاصِمَةِ) وَضَعَ والدَتَهُ العجُوزَ داخِلَ كِيسٍ كَبِيرٍ ثمَّ ألقَى بِها فِي مَكانٍ مهجورٍ للتخَلصِ مِنَ النَّكّدِ الذِي كانَت تُسَبِبَهُ لَه بِشِجَارِها الدَّائِم معَ زوجَتِهِ.وذَكَرَتَ صَحِيَفَة 'التُونُسيَّة' الالكتْرونيَّة الثلاثاء، أنَّ الرجُلَ وهَو فِي العِقْدِ الرَّابِع مِنْ عُمُرِهِ 'أشْبعَ أمَّهُ ضَرْبًاعَنِيفًا ثمّ قَيَّدَها وَوَضَعَهَا داخِلَ كِيسٍ كَبيرٍ وألقَى بِها فِي أحدِ الأماكِنِ المَهجُورة' بعدَ أنْ أبلغَتهُ زوْجَتَه أنَّها قامَت بِشَتْمِهَا وضَربِهَا.وأضَافَتْ أنَّ أحدَ المَّارَةِ لاحظَ حرَكةً داخِلَ الكِيسِ ، فأبلغَ الشُّرطَةَ التِي جاءَتْ إلَى المَكانِ وأنقذَت الأمَّ مِنَ مَوْتٍ مُحقَّقٍ.وقالَ الرَجَلُ : إنَّ والدَتَهُ نغَّصَتْ عليْه حياتَه بِعِرَاِكها المُسْتَمرِّ مَعَ زَوْجَتِه وإنَّه أقدَم علَى ما فَعلَه للتخلُّصِ نِهَائِيًا مِنَ 'القَرَفِ' الذِي كانَتْ تُسَببُه لَهُ.
الصُّورَة الثالِثَةُ :عَنْ العُوَامِ بِنِ حَوْشَبِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : قالَ : نزلْتُ مَرَّةً حياً ، وإلى جَانِبِ ذَلك الحيِّ مَقْبَرَةٌ ، فلمَّا كانَ بَعدَ العَصْرِ انشَقَّ مِنْها قَبْرٌ ، فخَرَجَ رجَلٌ رَأسَهُ رأسَ حِمَاٍر ، وَجَسَدُهُ جَسَدُ إنسَانٍ ، فنَهَقَ ثلاثَ نَهْقَاتٍ ، ثمَّ انطبَقَ عليْهِ القَبْرُ ، فإذا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًاً أو صُوفًاً ، فقالَتْ امرأةٌ : ترَى تلكَ العجوزَ قُلتُ : مالَهَا . قالَتْ : تِلكَ أمُّ هَذَا . قُلْتُ : ومَا كانَ قِصَّتُهُ . قالَتْ : كانَ يَشْرَبُ الخَمْرَ فإذا راحَ تقولُ لهُ أمُّهُ : يا بُنَيَّ اتَّقِ اللهَ ، إلَى مَتَى تَشرَبُ هذا الخَمْرَ ؟ فيقولُ لهُا : إنَّما أنتِ تَنْهَقِين كَما يَنْهَقَ الحِمَارُ . قالَتْ : فمَاتَ بَعْدَ العَصْرِ .: فَهَوَ يَنْشَقُّ عنْهُ القَبْرُ بَعْدَ العَصْرِ كلَّ يومٍ ، فيَنْهَقُ ثلاثَ نَهْقَاتٍ ، ثمَّ ينطبقُ عليْهِ القَبْرُ .
صُورَةُ رَاِبَعَةُ :رَجُلٌ تقدَّمَ بِهِ العُمْرُ فأشَارَ عليْه أبنَاؤهُ بأنْ يَرْتَاحَ بعدَ مِشْوارٍ طويلٍ مِنَ العنَاءِ والشَّقَاءِ ، فوافقَ الأبُ تحتَ ضَغطِ الأبناءِ ، وكان بعدَ عَصْرِ كلِّ يومٍ ياتِي إلى مِنجَرتِهِ التِي قَضَى فيْها أكثرَ مِنْ رُبْعِ قَرنٍ مِنَ الزَّماَن ِيَجْلِسُ أمَامَهَا حتَّى الغُروبِ ، مُتَسَلِّيًا بِمَا يَقَضِيْه مِن وقْتٍ ، ثمَّ يعودُ معَ الغثروبِ إلَى بَيْتِهِ بِصُحْبَةِ أبناَئِهِ ، فكانَ إذا جاءَ أحدُ زبائِنِهِ القُدَامَى لعمَلِ شَيئٌ فِي المَنْجَرَةِ ، طلبَ مِنْهُ مساعدَتَهُ فِي تَخفِيْضَ السِّعرِ، ولَّمَا تكَرَرَتْ المسْأّلّةُ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ ، طلبَ ابنُه الأكبرُ الذِي كانَ يُدِيرُ المَنْجَرَةَ أنْ لايتدخَّلُ ، فكانَ الوالدُ يجيبُ ابنَهُ وكيفَ يكونُ ذلكَ ياولدِي ، فهؤلاءِ زَبَائِني مِنْ قَبْلِ أنْ تُوَلدَ ، ولا أستطيعُ ردَّ طلبِ أيٍّ مَنْهُم . وفِي يومٍ مِنَ الأيامِ جاءَ زَبُونٌ ، وبعدَ أنْ اتفقَ معَ الإبنِ علَى سِعرٍ مُعَينٍ، جاءَ إلى الأبِ يَسْتعْطِفُه لِتَخْفيْضِ السِّعْرِ ، فمَا كانَ مِنَ الوالِدِ إلَّا أنْ طلبَ مِنَ الإبنِ أنْ يَقْبَلَ سِعرَ مُخفضًا ، فاستشاطَ الإبنُ غَضَبًا ، وأخذَ يتوعَدُ أبِيْهِ ، ويَصْرَخُ فَي وَجْهِهِ ويَتَهدَدُه بأصْبَعِهِ "السَّبَابَةُ" بأنَّهُ سوفَ يَمنَعُهُ مِنَ القُدومِ إلى المَنجَرَةِ ، وأنَّ هذهِ هي المرَّةُ الأخيرةُ يَحضُرُ فِيها ألى المَنْجَرَةِ ،أخذَتْ دُمُوعُ الأبِ تَسِحُّ على وَجْنَتَيْهِ سَحًّا مِنْ شِدَّةِ الألَمِ ، علَى مَرْأَى مِنَ الزَبُونِ والمَارَّةِ ، ثمَّ عادَ الإبنُ إلَى عمَلِه وقدْ تَمَلَّكَهُ الغضَبُ، وأمسكَ بِلَوٍح خَشَبِيٍّ وبدَأَ بِقُصَّهُ، ولمّا وصَلَ المِنشارُ إلى الطرف الممسك به ، وإذا بالمنشارِ يقصُّ أصبَعَهُ الذِي كانَ يَتَهدَّدُ بِه والدَهُ ويُلْقِيه على الأرضِ معَ قِطْعَةِ الخشبِ . صدقت يا حبيبي يارسول اله- صلى الله عليك وسلم- عنندما قلت: {كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَجِّلُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ } .
العقوقُ دَيْنٌ لابدَّ مِنْ قَضَائِه فِي الدُّنْيَا قبلَ الآخرة ، فكَما تُدِينُ تدُاَنُ ، فإنْ بَذَلْتَ البرَّ لوالدَيْكَ سَخَّرَ اللهُ أبناءَكَ لِبِرِّكَ،وإنْ عَقَقْتَ والدَيْكَ سلَّطَ اللهُ أبناءَكَ لِعقُوقِكَ، سَتَجْنِي ثَمَرَةَ العُقُوقِ فِي الدُّنْيا قبلَ الآخرةِ ، ففي الحديثِ ،أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : [اثْنَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ : الْبَغِيُّ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ]
الَّلهُمَّ أعِنَّا على بِرِّ والدِيْنَا، الَّلهُمَّ وَفِّقِ الأحيَاء مِنْهُما، واعْمُرْ قَلْبَيْهِمَا بِطاَعَتِكَ، ولسانَيْهِمَا بِذِكْرِكَ، واجْعَلْهُمَا راضِينَ عنَّا، الَّلهُمَّ مَنْ أفْضَى مِنهُم إلى ما قدَّمَ، فنَوِّرْ قَبْرَهُ، واغْفِرْ خَطَأَه ومَعْصِيَتَهُ، الَّلهُمَّ اجزِهِما عنَّا خيرًا الَّلهُمَّ اجعلْنَا وإِياهُمْ علَى سُرُرٍ مُتَقَابِلين يُسْقَوْنَ فِيْهَا مِنْ رَحِيقٍ مَخْتومٍ خِتَامُه مِسْك. آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــ يارب العالمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن .
Montaser1956@hotmail.com
الكاتب : منتصر بركات الزعبي
سَأكونُ مَعَكُمْ اليْومَ فِي مَوضُوعٍ مِنَ الأهَميَّةِ القُصْوَى بِمَكانٍ وهو بِعنْوان "عقوقُ الوَالِدَيْن" فاسْمَحُوا لِيَ أنْ أقُولِ لَكُم : أعِيرونِي القُلُوبَ والوِجْدَان ، واللهَ أسألُ أنْ يَجْعَلَنا مِنَ (الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[الزمر: 17، 18]
العُقُوقُ مِنْ أكْبَرِ الكَبَائِرِ ،وأعْظَمِ الجرَائِمِ بَعْدَ الشِّركِ باللهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ : النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ ؟ ثَلاثًا . قَالُوا : بَلى يَا رَسُول اللهِ . قَال: الإشْرَاكُ بِاللهِ ، وَ عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ، وَ جَلسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَال : أَلا وَ قَوْلُ الزُّورِ ،وشهادة الزور ، قَال: فَمَا زَال يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلنَا : ليْتَهُ سَكَتَ ) [ رواه البخاري ومسلم ] . وهو سببٌ مِنْ أسْبَابِ الْحِرْمَانِ مِنَ الجَنَّةِ ،والطَّردِ مِنْ رَحمَةِ اللهِ التي وَسِعَتْ كلَّ شَئٍ ، لاينْفعُ معهُ أيُّ عَمَلٍ مَهْمَا كانَ سواءٌ كانَ صلاةً، أو صيامًا ،أو زكاةً ،أو حجَّا ،أو صَدقةً ،قالَ – صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم – :(ثلاثةٌ لا يقبلُ اللهُ منهم صرفًا ولا عدلاً "فرضًا ولا نفلاً " العاقُّ لوالدَيهِ ، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ) وقالَ أيْضًا :(ثلاثةٌ لا ينَظُرُ اللهُ - عزَّ وجلَّ - اليْهِم يومَ القيامَةِ : العاقُّ لوالِدَيْهِ ،والمَرْأةُ المُتَرَجِّلةُ ،والدَّيوثُ – الذِي لا غِيْرَةَ عِنْدَه ولا حَمِيَّة -) فالعقوقُ شُؤمٌ كلُّه ، وخَطرُ كلُّه ، فهو سببٌ الحِرمانِ مِنْ رَحْمةِ اللهِ . وكَمْ نَجِدُ ونَسمَعُ مَنْ يلتَمِسُ رِضَا زَوْجَتِهِ ، وَيُقدِّمُهُ على رِضَا وَالِدَيْهِ ، فربَّما لَو غَضِبَت الزَّوجَةُ لأصبحَ طَوَالَ يومِه حَزِيْناً كَئِيباً لا يَفرَحُ بابتسامَةٍ، ولا يسرُّ بخبرٍ، حتَّى تَرضَى عَنْهُ زَوْجَتُهُ المَيْمُون، وربَّما لّو غَضِبَ عليْهِ وَالداه، ولا كأنَ شَيْئاً قدْ حَصَلَ.
ذكَرَ أحدُ بائِعي الجَوَاهِرِ قَصَةَ غَرِيبَةً ، وَصَورَةً مِنْ صُورِ العُقُوقِ، يقولُ: دَخَلَ علي رَجُلٍ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ، وَمَعَهُم عَجُوزٌ تَحمِلُ ابنَهُما الصَّغَيرُ، أخذَ الزَوْجُ يُضَاحِكُ زوجَتَهُ وَيَعْرِضُ عليْها أفخَرُ أنواعُ المُجَوْهَرَاتِ يشْتَرِي مَا تَشْتَهي، فلَّما رَاقَ لَها نَوْعٌ مِنَ المُجَوْهَرَاتِ، دَفَعَ الزَوجُ المَبَلغَ، فقالَ لَه البَائِعُ: بَقِيَ ثمَانُون رِيالاً، وكَانَتْ الأمُّ الرَحِيْمةُ التِي تَحْمِلُ طِفْلُهُمَا قدْ رَأتْ خَاتَمًا فَأعْجَبَها لِكَي تَلَبَسَهُ فِي هَذا العِيدِ، فقالَ: ولِمَاذا الثمانون رِيالاً؟ قالَ: لِهذهِ المَرأةِ؛ قدْ أخذَتْ خاتَمًاً، فصرَخَ بأعْلَى صوتِهِ وقالَ: العَجوزُ لا تحتاجُ إلى الذهَبِ، فألقتْ الأمُّ الخاتَمَ وانطلَقتْ إلى السَّيارَة تبكِي مِنْ عُقوقِ ولدِها، فعاتَبَتْه الزَّوْجَةُ قائِلةً: لِمَاذا أغضَبْتَ أمَّكَ، فَمَنْ يَحْمِل وَلدَنا بعدَ اليومِ؟ ذَهَبَ الابنُ إلِى أمِّه، وَعَرَضَ عَليْها الخاتَمُ فقالِتْ: واللهِ مَا ألبَسُ الذَّهَبَ حتَّى أمُوتَ، ولكَ يا بُنَيَّ مِثْلَهُ، ولكَ يَا بُنَيَّ مِثْلَهُ.
الصُّورَةُ الثَّانِيةُ : عرب نيوز - اعتَقَلَتْ الشُّرْطَةُ التُونُسِيَّةُ رجُلاً بِمُحَاَفظَةِ قَاِبسْ (جَنُوبِ العَاصِمَةِ) وَضَعَ والدَتَهُ العجُوزَ داخِلَ كِيسٍ كَبِيرٍ ثمَّ ألقَى بِها فِي مَكانٍ مهجورٍ للتخَلصِ مِنَ النَّكّدِ الذِي كانَت تُسَبِبَهُ لَه بِشِجَارِها الدَّائِم معَ زوجَتِهِ.وذَكَرَتَ صَحِيَفَة 'التُونُسيَّة' الالكتْرونيَّة الثلاثاء، أنَّ الرجُلَ وهَو فِي العِقْدِ الرَّابِع مِنْ عُمُرِهِ 'أشْبعَ أمَّهُ ضَرْبًاعَنِيفًا ثمّ قَيَّدَها وَوَضَعَهَا داخِلَ كِيسٍ كَبيرٍ وألقَى بِها فِي أحدِ الأماكِنِ المَهجُورة' بعدَ أنْ أبلغَتهُ زوْجَتَه أنَّها قامَت بِشَتْمِهَا وضَربِهَا.وأضَافَتْ أنَّ أحدَ المَّارَةِ لاحظَ حرَكةً داخِلَ الكِيسِ ، فأبلغَ الشُّرطَةَ التِي جاءَتْ إلَى المَكانِ وأنقذَت الأمَّ مِنَ مَوْتٍ مُحقَّقٍ.وقالَ الرَجَلُ : إنَّ والدَتَهُ نغَّصَتْ عليْه حياتَه بِعِرَاِكها المُسْتَمرِّ مَعَ زَوْجَتِه وإنَّه أقدَم علَى ما فَعلَه للتخلُّصِ نِهَائِيًا مِنَ 'القَرَفِ' الذِي كانَتْ تُسَببُه لَهُ.
الصُّورَة الثالِثَةُ :عَنْ العُوَامِ بِنِ حَوْشَبِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : قالَ : نزلْتُ مَرَّةً حياً ، وإلى جَانِبِ ذَلك الحيِّ مَقْبَرَةٌ ، فلمَّا كانَ بَعدَ العَصْرِ انشَقَّ مِنْها قَبْرٌ ، فخَرَجَ رجَلٌ رَأسَهُ رأسَ حِمَاٍر ، وَجَسَدُهُ جَسَدُ إنسَانٍ ، فنَهَقَ ثلاثَ نَهْقَاتٍ ، ثمَّ انطبَقَ عليْهِ القَبْرُ ، فإذا عَجُوزٌ تَغْزِلُ شَعْرًاً أو صُوفًاً ، فقالَتْ امرأةٌ : ترَى تلكَ العجوزَ قُلتُ : مالَهَا . قالَتْ : تِلكَ أمُّ هَذَا . قُلْتُ : ومَا كانَ قِصَّتُهُ . قالَتْ : كانَ يَشْرَبُ الخَمْرَ فإذا راحَ تقولُ لهُ أمُّهُ : يا بُنَيَّ اتَّقِ اللهَ ، إلَى مَتَى تَشرَبُ هذا الخَمْرَ ؟ فيقولُ لهُا : إنَّما أنتِ تَنْهَقِين كَما يَنْهَقَ الحِمَارُ . قالَتْ : فمَاتَ بَعْدَ العَصْرِ .: فَهَوَ يَنْشَقُّ عنْهُ القَبْرُ بَعْدَ العَصْرِ كلَّ يومٍ ، فيَنْهَقُ ثلاثَ نَهْقَاتٍ ، ثمَّ ينطبقُ عليْهِ القَبْرُ .
صُورَةُ رَاِبَعَةُ :رَجُلٌ تقدَّمَ بِهِ العُمْرُ فأشَارَ عليْه أبنَاؤهُ بأنْ يَرْتَاحَ بعدَ مِشْوارٍ طويلٍ مِنَ العنَاءِ والشَّقَاءِ ، فوافقَ الأبُ تحتَ ضَغطِ الأبناءِ ، وكان بعدَ عَصْرِ كلِّ يومٍ ياتِي إلى مِنجَرتِهِ التِي قَضَى فيْها أكثرَ مِنْ رُبْعِ قَرنٍ مِنَ الزَّماَن ِيَجْلِسُ أمَامَهَا حتَّى الغُروبِ ، مُتَسَلِّيًا بِمَا يَقَضِيْه مِن وقْتٍ ، ثمَّ يعودُ معَ الغثروبِ إلَى بَيْتِهِ بِصُحْبَةِ أبناَئِهِ ، فكانَ إذا جاءَ أحدُ زبائِنِهِ القُدَامَى لعمَلِ شَيئٌ فِي المَنْجَرَةِ ، طلبَ مِنْهُ مساعدَتَهُ فِي تَخفِيْضَ السِّعرِ، ولَّمَا تكَرَرَتْ المسْأّلّةُ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ ، طلبَ ابنُه الأكبرُ الذِي كانَ يُدِيرُ المَنْجَرَةَ أنْ لايتدخَّلُ ، فكانَ الوالدُ يجيبُ ابنَهُ وكيفَ يكونُ ذلكَ ياولدِي ، فهؤلاءِ زَبَائِني مِنْ قَبْلِ أنْ تُوَلدَ ، ولا أستطيعُ ردَّ طلبِ أيٍّ مَنْهُم . وفِي يومٍ مِنَ الأيامِ جاءَ زَبُونٌ ، وبعدَ أنْ اتفقَ معَ الإبنِ علَى سِعرٍ مُعَينٍ، جاءَ إلى الأبِ يَسْتعْطِفُه لِتَخْفيْضِ السِّعْرِ ، فمَا كانَ مِنَ الوالِدِ إلَّا أنْ طلبَ مِنَ الإبنِ أنْ يَقْبَلَ سِعرَ مُخفضًا ، فاستشاطَ الإبنُ غَضَبًا ، وأخذَ يتوعَدُ أبِيْهِ ، ويَصْرَخُ فَي وَجْهِهِ ويَتَهدَدُه بأصْبَعِهِ "السَّبَابَةُ" بأنَّهُ سوفَ يَمنَعُهُ مِنَ القُدومِ إلى المَنجَرَةِ ، وأنَّ هذهِ هي المرَّةُ الأخيرةُ يَحضُرُ فِيها ألى المَنْجَرَةِ ،أخذَتْ دُمُوعُ الأبِ تَسِحُّ على وَجْنَتَيْهِ سَحًّا مِنْ شِدَّةِ الألَمِ ، علَى مَرْأَى مِنَ الزَبُونِ والمَارَّةِ ، ثمَّ عادَ الإبنُ إلَى عمَلِه وقدْ تَمَلَّكَهُ الغضَبُ، وأمسكَ بِلَوٍح خَشَبِيٍّ وبدَأَ بِقُصَّهُ، ولمّا وصَلَ المِنشارُ إلى الطرف الممسك به ، وإذا بالمنشارِ يقصُّ أصبَعَهُ الذِي كانَ يَتَهدَّدُ بِه والدَهُ ويُلْقِيه على الأرضِ معَ قِطْعَةِ الخشبِ . صدقت يا حبيبي يارسول اله- صلى الله عليك وسلم- عنندما قلت: {كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَجِّلُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ } .
العقوقُ دَيْنٌ لابدَّ مِنْ قَضَائِه فِي الدُّنْيَا قبلَ الآخرة ، فكَما تُدِينُ تدُاَنُ ، فإنْ بَذَلْتَ البرَّ لوالدَيْكَ سَخَّرَ اللهُ أبناءَكَ لِبِرِّكَ،وإنْ عَقَقْتَ والدَيْكَ سلَّطَ اللهُ أبناءَكَ لِعقُوقِكَ، سَتَجْنِي ثَمَرَةَ العُقُوقِ فِي الدُّنْيا قبلَ الآخرةِ ، ففي الحديثِ ،أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : [اثْنَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ : الْبَغِيُّ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ]
الَّلهُمَّ أعِنَّا على بِرِّ والدِيْنَا، الَّلهُمَّ وَفِّقِ الأحيَاء مِنْهُما، واعْمُرْ قَلْبَيْهِمَا بِطاَعَتِكَ، ولسانَيْهِمَا بِذِكْرِكَ، واجْعَلْهُمَا راضِينَ عنَّا، الَّلهُمَّ مَنْ أفْضَى مِنهُم إلى ما قدَّمَ، فنَوِّرْ قَبْرَهُ، واغْفِرْ خَطَأَه ومَعْصِيَتَهُ، الَّلهُمَّ اجزِهِما عنَّا خيرًا الَّلهُمَّ اجعلْنَا وإِياهُمْ علَى سُرُرٍ مُتَقَابِلين يُسْقَوْنَ فِيْهَا مِنْ رَحِيقٍ مَخْتومٍ خِتَامُه مِسْك. آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــ يارب العالمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن .
Montaser1956@hotmail.com