صفقات "البكجات" تنحرف عن مسارها والسماسرة يفرضونها على المستشفيات والرقابة الصحية "لا حس ولا خبر"


خاص- يُعد القطاع الطبي في الأردن أحد الأعمدة الأساسية التي يفتخر بها الأردنيون بفضل ما يقدمه من خدمات طبية متقدمة مقارنة بدول الجوار ومع ذلك، فإن هذه الصورة الناصعة تخفي خلفها ظواهر خطيرة تهدد بسمعة هذا القطاع وبجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إحدى هذه الظواهر هي "البكجات" أو الصفقات الطبية التي أضحت مجالًا للتلاعب والفساد في ظل غياب الرقابة الفعالة.

البداية النبيلة والانحراف الخطير

انطلقت فكرة "البكجات" قبل عشرين عامًا بهدف نبيل وهو توفير تمويل للمريض الفقير عبر تقديم خصومات على العمليات الطبية إلا أن هذه الفكرة النبيلة انحرفت عن مسارها، وتحولت إلى وسيلة لملء جيوب بعض السماسرة من الأطباء، يُمارس هؤلاء ضغوطًا على المستشفيات لتقديم أسعار منخفضة لا تغطي حتى التكاليف الأساسية، ما يؤدي إلى خفض جودة الخدمات الطبية المقدمة.

تجارة الأطباء وتضليل المرضى

يشير البعض إلى أن هناك أطباء في الأردن يتجاوزون دورهم الطبي ويتحولون إلى سماسرة يتاجرون بحياة المرضى إذ يقومون بتوجيه المرضى نحو شراء أدوية من شركات معينة مقابل عمولات أو هدايا، ويستغلون جهل المرضى لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، الأسوأ من ذلك، أن هؤلاء الأطباء يقومون بترويج الأكاذيب عن المستشفيات التي ترفض التعامل معهم، ما يشكك في سمعة هذه المستشفيات ويؤثر على ثقة المرضى فيها.

الأخطاء الطبية نتيجة حتمية

تؤدي الممارسات غير القانونية المرتبطة بنظام "البكجات" إلى زيادة الأخطاء الطبية، حيث يتم ضغط الأطباء لتقليل تكاليف العلاج، مما يؤثر سلباً على جودة الرعاية الصحية، وقد حدثت بالفعل حالات وفاة نتيجة لهذه التجاوزات، والتي كان آخرها وفاة شاب بسبب نقص جودة الرعاية الطبية في أحد المستشفيات.

السلطات الرقابية في موقف المتفرج

تتحمل وزارة الصحة الأردنية ونقابة الأطباء المسؤولية في انتشار هذه الظاهرة بسبب غياب الرقابة الفعالة فعلى الرغم من أن القانون يمنع التعامل بنظام "البكجات"، إلا أن الوزارة والنقابة تشجع استخدامه لجذب المرضى من الخارج ضمن إطار السياحة العلاجية، ما يتعارض مع قوانين نقابة الأطباء والمستشفيات الخاصة.

الدور المطلوب من الجهات الرقابية

يتطلب الوضع الحالي تدخلًا حاسمًا من الجهات المعنية، مثل وزارة الصحة ونقابة الأطباء، لتفعيل القوانين المتعلقة بالأجور الطبية وضمان الالتزام بها، ويجب أن تُفرض عقوبات صارمة على الأطباء الذين ينتهكون القانون ويتلاعبون بحياة المرضى كما يجب تعزيز قدرات المراقبة والمتابعة لوقف هذه التجاوزات وحماية سمعة القطاع الطبي الأردني.


إن استمرار العمل بنظام "البكجات" دون رقابة فعالة سيؤدي إلى تدهور جودة الخدمات الطبية وزيادة عدم الثقة بين المرضى والأطباء لذلك، من الضروري أن تتخذ الجهات المختصة إجراءات صارمة لحماية المرضى وضمان حصولهم على الرعاية الطبية التي يستحقونها في ظل بيئة طبية عادلة وشفافة، ولا يجب أن نسمح بأن يصبح القطاع الطبي مجالا للفساد والابتزاز، بل يجب أن يكون مجالًا للإبداع والتطوير والتميز.