الأردن يصدر للسوق العراقية منتجات بنحو 700 مليون دولار سنويا
- الأسمدة، والدهانات والأجهزة الكهربائية أهم المنتجات الرائدة في السوق العراقي
- دعوة للاستفادة من الخبرة الفنية الأردنية وتوجيهها الى السوق العراقي بما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين
- السوق العراقي يُعَدّ ثالث الأسواق التصديرية من حيث الأهمية أمام المنتجات الأردنية
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات تحت عنوان "الصادرات الأردنية إلى العراق: آفاق وفرص واعدة"، تتضمن تحليل الواقع التجاري للسوق العراقي، ودراسة تطور العلاقات التجارية والاقتصادية بين الأردن والعراق، وتحليل القطاعات ذات الأولوية في التصدير إلى السوق العراقي، بالإضافة إلى تقديم بعض التوصيات التي تستند إلى نتائج التحليل.
وبينت نتائج الدراسة الى أن السوق العراقي يُعَدّ ثالث الأسواق التصديرية من حيث الأهمية أمام المنتجات الأردنية؛ نظرًا للتنوع السلعي للصادرات الأردنية فيه، وبقيمة سنوية بلغت بالمتوسط حوالي 700 مليون دولار خلال العقد الأخير.
وقد شكلت هذه القيمة ما نسبته 8.1% من إجمالي الصادرات الوطنية. هذا وقد بلغ عدد المنتجات الأردنية المصدرة إلى السوق العراقي 348 منتجًا سلعيًّا.
وعلى مستوى الواقع الاقتصادي والتجاري للسوق العراقي، أشارت النتائج الى أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للعراق وصل لما يقارب 250.8 مليار دولار مع نهاية عام 2023، ليأتي في المرتبة الثالثة بين البلدان العربية في منطقة الشرق الأوسط.
وأشارت الورقة إلى أن الاقتصاد العراقي يعد من بين الاقتصادات التي تعتمد بشكل رئيس على صادراته من النفط، والتي وصلت إلى حوالي 131.4 مليار دولار، وبنسبة 95% من إجمالي صادراته الكلية عام 2022. ويؤشر ذلك إلى تواضع مستوى تنوع القاعدة الإنتاجية للصناعات التحويلية في السوق العراقي.
كما بينت الورقة أن المستوردات تعتبر جزءا حيويا من الاقتصاد العراقي، إذ تؤدّي دورًا كبيرًا في تلبية الاحتياجات المحلية من السلع التي لا تُنتج محليا بشكل كافٍ؛ حيث بلغت قيمة مستوردات العراق ما يقارب 76.2 مليار دولار. مسجلة بذلك نموًّا سنويًّا بمعدل 8.2% خلال فترة (2010 - 2022)، ما يشير إلى حجم الطلب المتزايد داخل السوق العراقي.
وفيما يتعلق بأبرز الدول المصدرة إلى السوق العراقي، بينت النتائج مستوى المنافسة الشديدة داخل السوق العراقي، وبالتحديد من السوق التركي والصيني والإيراني. فقد استحوذت حصة صادرات تلك البلدان الثلاثة بالمتوسط، على نسبة 47.3% من إجمالي المستوردات العراقية.
وعند النظر الى مستوردات العراق السلعية، أشارت الورقة إلى أن المشتقات النفطية هي الأكثر استيرادا، بنسبة 12.3% من إجمالي المستوردات الكلية، تلاها كل من الأجهزة الكهربائية، والمعدات والآلات.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية ما بين الأردن والعراق، بينت الورقة أنها قد اتسمت بمستوى رفيع من الصداقة والأخوة، اذ يرتبط البلدين بالعديد من الخصائص المتقاربة، منها، القرب الجغرافي، واللغة والثقافة المشتركة، علاوة على العلاقات الاقتصادية والتجارية التي امتدّت على مدى عقود من الزمن.
حيث شهدت العلاقات التجارية بين الأردن والعراق خلال العقود الماضية تحسناً واضحاً، وتحديدًا خلال الفترة 2008-2014، إذ بلغ متوسط التبادل التجاري ما بين البلدين آنذاك ما يقارب 1.1 مليار دولار، بعد أن كانت 734 مليون دولار سنوياً بالمتوسط خلال الفترة (2001-2007). في حين بلغ حجم التبادل التجاري ما بين البلدين نحو 741 مليون دولار بالمتوسط سنوياً خلال الفترة (2015-2023).
وأوضحت الورقة، ان الصادرات الأردنية إلى العراق شهدت تحسنا واضحًا خلال السنوات الثلاثة الماضية، فقد ارتفعت من 580 مليون دولار عام 2021 الى 897 مليون دولار عام 2023 (أي بمعدل نمو بلغ حوالي 54.6% مقارنةً بين العامين)، وهو أعلى مستوى وصلت إليه الصادرات الوطنية منذ عام 2014.
مشيرة الى أن تحسن الصادرات الوطنية الى السوق العراقي خلال السنوات الثلاثة الماضية قد جاء بشكل رئيس نتيجة ارتفاع صادرات الأردن من المنظفات ومحضرات الغسيل، والأسمدة، والأجهزة والمعدات الكهربائية.
وعلى مستوى المستوردات الأردنية من العراق، فقد ارتفعت ارتفاعًا واضحًا بعد عام 2021 لتصل إلى حوالي 222 مليون دولار عام 2022، وإلى 276 مليون دولار عام 2023، بسبب ارتفاع المستوردات من النفط.
وفي ذات السياق، بينت الورقة أن الأردن قد استطاع ان يحقق فائضاً في ميزانه التجاري مع العراق بواقع 622 مليون دولار عام 2023، وحوالي 577 مليون دولار سنويا بالمتوسط خلال الفترة (2016-2023).
وأوضح المنتدى، أنه بالرغم من ارتفاع حجم الصادرات الأردنية إلى السوق العراقي، إلا أنها لم تصل بعد إلى مستواها في عام 2013، الذي بلغ حوالي 1.24 مليار دولار، علاوة على أن حصتها من إجمالي مستوردات السوق العراقي الكلية تراجعت تراجعًا واضحًا خلال السنوات الماضية، فبعد أن كانت تشكل ما نسبته 3.7% و4.5% عامي 2001 و2002، انخفضت الى 2.2% عام 2009، ووصلت الى أقل من 1% عام 2022.
وعند النظر إلى المنتجات الأردنية المصدرة إلى السوق العراقي من منظور حصتها داخل السوق (كنسبة من إجمالي مستوردات العراق من المنتج نفسه)، بينت الورقة أن أنه على الرغم من ارتفاع قيمة المنتجات الأردنية المصدرة إلى السوق العراقي نسبيًّا، إلا أن حصتها تُعَدّ متواضعة جدًا داخل السوق (باستثناء منتجات الأسمدة، والمنظفات).
ولتحديد الأسباب وراء ضعف حصة الصادرات الأردنية داخل السوق العراقي، قام منتدى الاستراتيجيات بتحليل القدرة التنافسية لتلك المنتجات الأردنية مقابل المنتجات ذاتها من البلدان المنافسة (تركيا، والصين، وإيران).
حيث بينت نتائج تحليل المنتدى، بأن قيمة الوحدة (السعر) للمنتجات الأردنية كانت الأعلى مقارنة بالمنتجات نفسها من البلدان المنافسة، وبنسب تجاوزت الضعف في منتجي "المنظفات" و"المحضرات الغذائية" مقارنة بالبلدان الأخرى، وهذا يدل على أن تلك الصادرات تواجه منافسة سعرية شديدة من الأسواق الأخرى داخل السوق العراقي. إلا أن ارتفاع قيمة صادرات تلك المنتجات الأردنية يشير الى قدرتها في المنافسة من حيث الجودة.
وقد تم استخدام مصفوفة "أداء السوق / القطاع" والتي تحدد أبرز القطاعات التصديرية ذات الأولوية من أجل إيلاءها الأهمية اللازمة ضمن الاتفاقيات والاستراتيجيات التجارية بين الدول، وكذلك توجيه البرامج والسياسات الوطنية التي تمكن تلك القطاعات من الوصول إلى الأسواق التصديرية، وتعزيز تنافسيتها.
وبينت نتائج تحليل المصفوفة، بأن قطاعات مثل الأسمدة، والدهانات، والأجهزة الكهربائية، والاثاث...، جاءت ضمن القطاعات الأردنية الرائدة في السوق العراقي، والتي تتمتع بطلب واعد وحصة مرتفعة من السوق. ويمكن القول: إن هذه القطاعات استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة مميزة في السوق العراقي، وتتمتع أيضًا بفرص تصديرية عالية.
فيما جاءت قطاعات كـ مستحضرات التجميل، والورق والكرتون، والألمنيوم ومصنوعاته...، ضمن القطاعات الناشئة، وهي ذات إمكانات عالية، ولكن تعاني من ضعف الطلب عليها داخل السوق العراقي. حيث أشارت الورقة إلى أهمية العمل على رفع تنافسية هذه السلع، من خلال قيام المنشآت الأردنية بالعمل على تطويرها من أجل زيادة الطلب عليها في السوق العراقي.
أما القطاعات النامية، ومنها: منتجات الألبان، والمنتجات الكيماوية المتنوعة، والمحضرات الغذائية...، فقد بينت الورقة أنها تواجه طلبًا مرتفعًا في السوق العراقي، إلا أن صادراتها تشهد انخفاضًا في الحصة الإجمالية من الصادرات الوطنية إلى السوق العراقي، ما يتطلب زيادة حجم جهود التسويق والترويج لتلك المنتجات في السوق العراقي.
كما أوضحت النتائج أن القطاعات الراكدة: البلاستيك ومصنوعاته، ومنتجات حلويات السكر، والمنتجات الصيدلانية... فتُعَدّ ذات معدل نمو منخفض من حيث الطلب داخل السوق العراقي، كما أنها تشهد تراجعًا في معدل مشاركتها من مجموع الصادرات الوطنية الإجمالية إلى السوق العراقي. وهذه القطاعات تحتاج إلى دراسة معمقة من أجل تحديد أبرز المستجدات والتوجهات حول تلك الصناعات، والوقوف على المعيقات التي تحول دون زيادة الطلب عليها في السوق العراقي.
وأوصى المنتدى بضرورة وضع المعنيين خطط فعالة تعمل على تحسين وصول المنتجات الأردنية الرائدة، والناشئة، والنامية، والراكدة إلى السوق العراقي، وفق نتائج تحليل مصفوفة "أداء السوق / القطاع".
ولفت المنتدى إلى ضرورة استمرار الشركات الأردنية بتطوير منتجاتها، وتعزيز جودتها، وتحسين استراتيجياتها السعرية، لزيادة تنافسيتها في السوق العراقي. كما أوصى بأهمية إزالة جميع العقبات غير الجمركية، وتبسيط الإجراءات، والتشريعات، والرسوم والضرائب، وغيرها بين كلا الطرفين، علاوة على تعزيز مستويات الاستثمار المتبادل ما بين البلدين، باستقطاب المستثمرين العراقيين إلى السوق الأردني، وتحديدًا في القطاعات الواعدة (كالصناعة، والطاقة، والزراعة، والتعدين)، وأيضًا توجيه المستثمرين الأردنيين نحو السوق العراقي، وتحديدًا في قطاع السياحة، والقطاع المالي، والإنشاءات، وغيرها من القطاعات.
وأضاف المنتدى: "لا بد من العمل على معالجة التحديات المتمثلة في تمويل التجارة بين البلدين. من خلال تعزيز التعاون والشراكة ما بين مؤسسات القطاع المالي في كلا البلدين، وبما يضمن إزالة جميع العوائق المالية المرتبطة في العملية التجارية بينهما.
كما دعا المنتدى الى أهمية البناء على الخبرة الفنية الأردنية للمساهمة في تطوير البنية الأساسية داخل الاقتصاد العراقي الشقيق، خاصة في مجالات تقديم الدعم الفني، والتدريب، ونقل التكنولوجيا، وتحديدًا في قطاعات التصنيع، والبنية التحتية، والرعاية الصحية، والزراعة، والخدمات المالية، وغيرها. مما يسهم في دعم السوق العراقي، وتحسين جودة عملياته الإنتاجية وكفاءتها، وتعزيز مستوى العلاقات التجارية بين البلدين.