«ميتا» تحذف التعازي باستشهاد إسماعيل هنية

قال الخبير في شؤون الإعلام والاتصال حسام شاكر إن حذف شركة «ميتا» الأمريكية (المالكة لمنصات فيسبوك وإنستغرام وثريد) التعازي في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يعد «إعداما رقميا» للمحتوى الفلسطيني، داعيا للضغط عليها حتى توقف قمعها.
وعقب اغتيال الراحل شكى كثيرون عبر منصات التواصل من حذف منصات «ميتا» تعازيهم في اغتيال هنية ودعاءهم له بالرحمة، بناء على ما تزعمه المنصة أن هكذا مشاركات تعد «خطيرة».
وبعد حذف المنشورات، تشارك المنصات مع أصحابها رسالة «يبدو أنك قمت بمشاركة رموز أو محتوى يعبر عن مدح أو دعم لأشخاص ومنظمات نعرفها بأنها خطيرة، أو تابعتها».
واللافت في هذه الرسالة أن هذه المنصات تستند في هذا القمع الرقمي إلى «مركزية وفوقية» تتعلق بمعايير هي من تضعها فقط، دون أي مراعاة لمبادئ حرية التعبير والقيم والأعراف الإنسانية المتنوعة.
واعتبر شاكر أن حذف المنشورات المتعلقة بغزة والتعزية بهنية «خطوات لا يبدو مفاجئا الإقدام عليها، فهي منسجمة مع اتجاه تصاعدي عام لتقييد المحتوى الداعم لفلسطين في مواقع التواصل».
وأضاف «من الواضح أن ميتا تتبنى معايير منحازة لرواية الاحتلال الإسرائيلي، فهي تصنف وفرة متزايدة من المفردات والمضامين الفلسطينية ضمن قائمة المحظورات، وتفرض قيودا مشددة على الحسابات والصفحات؛ بما يؤدي إلى تقييد الوصول إليها أو إغلاقها».
واستدرك: «مهم ملاحظة أن هذه التدابير، التي تستخدم خوارزميات متحيزة، تمس بالمحتوى الشبكي العالمي المتعلق بفلسطين وليس بالمحتوى الفلسطيني وحده».
وتابع: «وقد كشف سلوك ميتا بعد اغتيال هنية عن هذا المنحى، والنتيجة حرمان العالم، من الجماهير والشخصيات والقادة السياسيين، من إظهار مواقف رافضة للاغتيال».
وأردف: «هذا قمع سافر لحرية التعبير، لكنه لا يجري بأسلوب مقص الرقيب الصدئ أو التدخل الأمني النمطي، بل بأداة غير مرئية هي الخوارزميات، ومن سلطة مركزية التحكم لا يراها أحد».
وزاد: «في وسعنا أن نقول إن سلوك ميتا يتواطأ مع احتلال استعماري مزمن في فلسطين ومع حرب إبادة وحشية جارية في قطاع غزة منذ عشرة شهور، وهي تفرض معاييرها المتحيزة على العالم بأسره».
وحسب شاكر، فإن «مواقع التواصل، التي تقوم بالتوسع في هدم البيوت الافتراضية للمواطنين الشبكيين أو الإعدام الرقمي بحقهم أو عزلهم عن الفضاء الشبكي العام، لا تتصرف بكل هذه المركزية والفوقية إلا لأنها تدرك سطوة قدراتها الاحتكارية، وأنه لا مفر تقريبا لشعوب العالم الشبكي من منصاتها، وأن فرص الاعتراض على هذه السطوة ومقاومة سلوكها القمعي محدودة للغاية أو منعدمة».
ورأى أنه «من المفارقات أن مواقع التواصل ظلت منصات للاعتراض على الحكومات، دون أن تتوفر فرص اعتراض فعالة على سلطاتها الشبكية ذاتها».
ولفت إلى أن «مواقع التواصل ذات المنشأ الأمريكي تتصرف عمليا كما لو كانت فوق سلطة الدول والحكومات، وهي في الواقع كذلك».
وبسؤاله إن كان إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، يسير على خطى مارك زوكربيرغ، مالك «ميتا»، لا سيما مع ظهور تحول لافت في موقفه نحو دعم إسرائيل وترامب، أجاب: «من الواضح أن ماسك اختار نهجا مختلفا بعض الشيء عن وكربيرغ».
ورأى أن «حرب الإبادة في غزة كشفت ذلك بوضوح، رغم أن منصة إكس أو تويتر سابقا ضالعة في سياسات تقييد المحتوى أيضا، لكن بجرعة مخففة نسبيا».