رئيس بنغلاديش يفرج عن زعيمة المعارضة خالدة ضياء بعد فرار حسينة والجيش يبحث تشكيل حكومة
أمر رئيس بنغلادش محمد شهاب الدين اليوم الاثنين بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، وعن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال المظاهرات، وذلك بعد بضع ساعات من فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة غلى الهند بعد تقديم استقالتها.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان أصدره مكتب الرئيس أن اجتماعا برئاسة شهاب الدين "قرر بالإجماع الإفراج فورا عن رئيسة الحزب الوطني البنغلادشي خالدة ضياء" وعن "جميع الأشخاص الذين اعتقلوا خلال مظاهرات الطلاب".
في غضون ذلك أعلن الجيش في بنغلادش أنه سيرفع فجر غدا الثلاثاء حظر التجول الذي فرضه لاحتواء الاحتجاجات، بعد ساعات من إمساكه بمقاليد السلطة عقب الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة. وقال الجيش في بيان إن "المكاتب والمصانع والمدارس والكليات… ستكون مفتوحة" اعتبارا من الساعة السادسة صباح الثلاثاء بالتوقيت المحلي (00,00 بتوقيت غرينتش).
وفي نفس السياق أعلنت الشرطة البنغالية ومصادر طبية مقتل 56 شخصا على الأقل قتلوا في اضطرابات بنغلاديش اليوم. ونقلت 44 جثة على الأقل تحمل أثار الرصاص الى مستشفى العاصمة دكا بحسب ما افاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، فيما قالت الشرطة إن 11 شخصا آخرين قتلوا في انحاء أخرى من العاصمة، مع سقوط قتيل إضافي في مدينة شيتاغونغ الساحلية.
وأضاف وقر الزمان أن ممثلين عن الأحزاب السياسية الرئيسية كانوا حاضرين في المناقشات مع الجيش، مشيرا إلى لقاء مع رئيس البلاد.
ودعا قائد الجيش لوقف الاحتجاجات، وحث الطلاب على العودة لبيوتهم، ووعد بأن الجيش سيجري تحقيقا في كل عمليات القتل التي حدثت على مدى الأسابيع الماضية.
وطلب من الشعب بعض الوقت لإيجاد حل للأزمة، وناشد المواطنين أن يثقوا في الجيش، قائلا إن المؤسسة العسكرية ستعيد السلام للبلاد.
وقبل ساعات من الإعلان عن استقالة رئيسة الوزراء ومغادرتها البلاد، دعا قادة الاحتجاجات إلى تنظيم مظاهرات كبيرة في داكا متحدّين حظر التجول، في حين حث الجيش السكان على الالتزام بحظر التجول.
وقتل نحو 100 شخص بينهم 13 من عناصر الشرطة وأصيب مئات آخرون أمس الأحد في مواجهات عنيفة شملت مناطق مختلفة، وهي أكبر حصيلة للضحايا في يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات على حصص التوظيف في القطاع العام في يوليو/تموز الماضي.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الحصيلة الإجمالية لضحايا الاحتجاجات ارتفعت إلى 300، وذلك استنادا إلى تقارير من الشرطة ومسؤولين وأطباء في المستشفيات.
وفرضت السلطات مساء أمس الأحد حظرا مشددا على التجول، وأغلقت الطرق الرئيسة بما فيها المؤدية إلى مقر الحكومة، ونشرت أعدادا كبيرة من قوات الجيش والأمن في العاصمة داكا وأنحاء البلاد الأخرى.
كما أعلنت الحكومة عطلة تمتد 3 أيام بدءا من اليوم الاثنين في محاولة لاحتواء المظاهرات، وبالتوازي مع ذلك توقفت خدمات الإنترنت والنقل العام بالقطارات وأغلقت مصانع الملابس.
مغادرة حسينة
وأجبرت الاحتجاجات العارمة الشيخة حسينة على الاستقالة من منصبها والفرار إلى الهند اليوم الاثنين. وذكرت صحيفة بنغلاديشية أنها غادرت إلى الهند على متن مروحية عسكرية، في حين نقلت قناة "سي إن إن 18" الهندية عن مصادر استخبارية أنها وصلت إلى مدينة أغراتالا بشمال شرقي الهند، وأن نيودلهي تعهدت بضمان سلامتها.
وقال مصدر مقرب من حسينة لوكالة الصحافة الفرنسية إنها غادرت العاصمة داكا بينما كانت البلاد تشهد مظاهرات حاشدة تطالب باستقالتها.
ووضعت الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ أسابيع حدا لنظام حكم تصفه المعارضة البنغلاديشية ومنظمات دولية بأنه استبدادي.
ويأتي فرار رئيسة الوزراء إلى الهند في وقت اقتحم فيه آلاف المتظاهرين مقرها الرسمي في العاصمة داكا.
ونشر ناشطون مقطع فيديو يظهر لحظة اقتحام المتظاهرين للمقر ونهب محتوياته والعبث بها. كما احتشد عشرات الآلاف في الساحات العامة وسط داكا للاحتفال برحيل حسينة.
دعم لمطالب المحتجين
وكان ضباط سابقون أعلنوا دعمهم لمطالب المحتجين وطالبوا رئيسة الوزراء بسحب الجيش من الشوارع واتخاذ مبادرة لحل الأزمة.
وبعد أن كانت تستهدف الإجراءات الخاصة بالتوظيف في القطاع العام، ركزت الاحتجاجات في الأيام القليلة الماضية على الإطاحة بحكومة الشيخة حسينة التي تقود البلاد بقبضة من حديد منذ 15 عاما.
وفي البداية كانت الاحتجاجات تقتصر تقريبا على طلاب الجامعات، لكنها توسعت مؤخرا لتشمل مختلف الفئات.
وخلال مظاهرات أمس الأحد، اتهم المحتجون حكومة حسينة بتنفيذ عمليات قتل وإخفاء قسري للعديد من الناشطين، ورددوا شعارات مثل "يسقط الاستبداد".
وفي الأيام القليلة الماضية، سُجلت هجمات أحرقت خلالها مبان حكومية ومقارّ لحزب رابطة عوامي الحاكم في مناطق عدة.
يذكر أن الشيخة حسينة فازت في يناير/كانون الثاني الماضي بفترة رابعة على التوالي، واتُهمت بشن حملات قمع متكررة ضد المعارضة، وشمل ذلك اعتقال 10 آلاف شخص خلال الاحتجاجات الحالية، وحظر حزب الجماعة الإسلامية وجناحه الطلابي "شيبير"، واعتقال العديد من القادة المعارضين.
ردود فعل دولية
وفي ردود الفعل الدولية على التطورات أكد الاتحاد الأوروبي الاثنين على ضرورة "ضمان انتقال منظم وسلمي نحو حكومة منتخبة ديموقراطيا" في بنغلاديش.
واعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل في بيان عن "حزنه للخسائر المأسوية في الارواح خلال التظاهرات في الايام الاخيرة" في بنغلادش، داعيا الى الإفراج عن المتظاهرين "الموقوفين تعسفا".
وأضاف أن ضمان حصول "انتقال منظم وسلمي نحو حكومة منتخبة ديموقراطيا، في إطار الاحترام الكامل لحقوق الانسان والمبادىء الديموقراطية هو أمر أساسي".
كما دعت المملكة المتحدة الإثنين الى عودة "الهدوء" و"نزع فتيل التوتر" في بنغلادش، وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان "على جميع الاطراف الآن أن يعملوا معا لوضع حد لأعمال العنف واستعادة الهدوء والتوصل الى نزع فتيل التوتر".