بعد أم الجمال أنصحهم بحارة المسيحية في الكرك
سبعة مواقع ومعالم أردنية تزين قائمة التراث العالمي لليونسكو، حققت ترشيح لجنة التراث العالمي، في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، ستة منها لمناطق نعلمها كقرى أو مدن أردنية، وهي البتراء ورم والسلط والمغطس وأم الرصاص، وحديثا المدينة الرومانية الأثرية التي اضيفت على القائمة أم الجمال، وموقع واحد بين تلك المواقع مسجل باسمه وهو قُصير عمره، وهذا إنجاز يسجل لكل من ساهم بإعداد ملف تلك المعالم والمناطق الأردنية، ليقودني التفكير متى ومن سيعمل جديا للانتقال لتسجيل أحياء سكنية، جمعت بين جدران بيوتها وثقافة ابنائها وامتداد حضورها التاريخي والثقافة والفكر والعلم كحارة المسيحية في الكرك؟
حارة المسيحية في الكرك هوية لا تشبه أي هوية، ففيها الدين والتاريخ والفكر والعادات والتقاليد الأصيلة المستمرة حتى اليوم، بالرغم من رحيل كثير من ابنائها، واعمدة الحياة فيها، سواء رحيل للرب الذي أعطى الروح فاخذها، أو رحيل خارج حدود الكرك سكناً، وفي حارة المسيحية في الكرك ما هو أكثر من ذلك، مما يجعلها تتجاوز بما تملكه من مخزون اجزم أن جمعه في ملف واحد يحتاج من الوعي والجاهزية واللجان الكثيرة والمختصة.
حارة المسيحية في الكرك ارث مكان وقصة زمان وعقيدة ارتباط وروحانية، تلمسها بعبق حجارة جدران بيوتها القديمة، ووسع ورحابة مساحة الفرح بالرغم من ضيق شوارعها، وحميمية التقارب بين صليب كنيسة ومئذنة مسجد، وفوق ذلك ما أن تلمح عيناك سواد وامتداد جدائل مسنة مسيحية، فيها ما يؤهلها لتكون على قائمة التراث العالمي.
فيا معالي وزير السياحة، اخبرك ان في حارة المسيحية ما يؤهلها لتوجيهاتك بالمباشرة العاجلة تسجيلا لحارة وسط مدينة جامعة بالأصالة والشموخ كالكرك وعلو قلعة صلاح الدين، فيها من القرب الكبير لمدرسة الكرك الثانوية المعلم التعليمي الذي شيد عام 1899، فيها اتصال مع حارات أخرى جمعت التاريخ والعراقة والألفة كحارة الصعوب وحارة الحباشنة، وفيها الكثير من الفكر بما يخدم السياحة الدينية، ويعزز العائد، ويوازن استدامة القطاع، في حارة المسيحية من الطوائف المتماسكة الممتدة تاريخيا في الأردن، كطائفة اللاتين التي يعود تأسيسها الى العام 1876، في حارة المسيحية امتداد لقرى كركية أخرى من عشائر الأصالة والارث والعلم والفكر، فيها سكن نخبة من أكبر عشائر المسيحية في الأردن من اهلنا الحجازين والعكشة، وفيها الهلسة والبقاعين والمدانات، فيها المصاروة والحدادين والصناع والحوراني، وما يندرج تحت كل منهما من عائلات لها الارث والامتداد المستمر.
نعم يا معالي وزير السياحة، نحن نحتاج فعلا لمرحلة جديدة من اختياراتنا نحو العالمية، أو العمل لحماية تاريخ وعراقة تلك المناطق، فكلنا نعلم أن الاهتمام بالإرث وروح المكان يبدأ من الالتزام بحماية وصون وتأهيل تلك الأماكن، وانتم تقومون بدور مميز في هذا المجال، ولهذا ادعوا للتنبه لحارة المسيحية في الكرك، لتبقى رمزا وعنوانا لا ينقطع، لتبقى مزارا لمن رغب بالعودة لقديم لا يزول، ولالتقاط صورة لا تغيب عن الخواطر، لننشئ فيها متحفا للصور لارث اخوتنا المسيحيين ممن سكنوا الكرك، لننشئ فيها بيوت الضيافة ونعيد النشاط والحياة فيها، ولنعلم ان الارتباط بالبشر والعادات اقرب من الارتباط بالحجر والمساحات، وفي حارة المسيحية في الكرك ما جمع البشر والحجر والتاريخ فلا تضيعوها فرصة.