الحراك الوطني هو الاستقلال الثاني للأردن

rl

 لا زالت الحكومات الأردنية المتعاقبة لديها تقصير كبير في فهم مطالب الشارع الأردني المطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي حتى قبل ما يسمى بالربيع العربي ، والانتفاضة الأردنية لم تتوقف وكانت متواصلة تعبر عن نفسها بين الحين والآخر وحسب الظروف ولكنها تفجرت في هبة نيسان المجيدة عام 1989م ، التي أخذت طابعا سلميا رغم تعنت وعدم فهم حكومات وادي عربه المتعاقبة ، حيث كان الحل الأمني للأسف هو الوسيلة ، الأمر الذي زاد المطالب الشعبية وأدى الى ارتفاع سقف المطالب ، وقمة المهزلة كانت استخدام الدهماء من الموطنين للتنكيل بدعاة الإصلاح ، وحدثت إصابات بعضها كان خطيرا ، وفي المقابل الحكومة تركت كل القوى الوطنية والنقابية وقادت الحراك وحاورت الإسلاميين فقط ، الذين هم جزءا من الحراك ولكن ليس كل الحراك ولا بالحجم الذي تتصوره الحكومة وأجهزتها . ولعل ما يميز الحراك الشعبي هذا العام أنه لم يكن من قلب القرار أي من العاصمة عمان ولكن أغلبه جاء من المناطق التي كانت ركنا أساسيا لنظام الحكم الأردني، وعندما تتهم هذه المناطق ويشكك بوطنيتها فان ذلك مؤشرا خطيرا. لقد كان نظام الحكم الأردني سابقا قادرا على الاحتواء ومرنا ولم يكن هناك في قلب النظام من يدعو لتنخيل المواطنين أو التهديد بارتداء اللباس العسكري ، ولذلك كان نظام الحكم كما يقول الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه الشهير (( كلام في السياسة )) أنه في نظر الغالبية العظمى من الأردنيين أن النظام قادرا في الثانية الأخيرة من الدقيقة الأخيرة من الساعة الأخيرة على إيجاد حل ما للخروج من الأزمات التي عانى منها الأردن مهما استفحلت . ولكن يبدو اليوم أن النظرة قد تغيرت والسياسة قد تبدلت ، وهناك حلين للقضايا الوطنية لا زالا للأسف المعتمدين لدى النظام ، الأول إهمال المطالب الشعبية والتطنيش لكل مطالب للإصلاح ، والحل الثاني الاعتماد على الأمن ، وفي الحالتين ليس هذا سليما لنظام قام على التوافق والتراضي قبل أي شرعيه أخرى ، والآن الوضع اختلف كثيرا خاصة بعد معاهدة وادي عربه المشئومة وارتكبت الحكومات الأردنية الأخيرة وخاصة حكومة أبو الراغب والذهبي والرفاعيين الكبير والصغير أخطاء قاتلة من هبة نيسان حتى اليوم . انظروا لكم التزوير لإرادة الوطن والمواطن في قوانين علي أبو الراغب المؤقتة وبيع مؤسسات الوطن ومقدراته والاعتداء على أراضي الدولة ألأردنية لصالح الحيتان والقطط السمان التي لا تشبع في كل الحكومات المتعاقبة من هبة نيسان وخاصة تلك التي أشرنا إليها ، وشعبنا الأردني لم يسكت ولم تنطلي عليه أكاذيب تنابل السلطان وبقيت روح الانتفاضة مستمرة من هبة نيسان عام 1989 م ، وثم انتفاضة الخبر عام 1996م ، وصولا الى الاعتصامات والإضرابات قبل ما يسمى بالربيع العربي والتي تحمل شعارا بسيطا (( كفى للفساد والاستبداد)) . اليوم وعلى هامش ما يحدث في المنطقة من حولنا لم يعد السكوت مقبولا ولا سياسة دعه يسرق دعه يمر مقبولة ، فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني لم يعد باستطاعة المواطن العادي تحملها كما بيعت مؤسسات الوطن الناجحة قبل الفاشلة واتسع حزب العاطلين عن العمل ليشكل قنبلة موقوتة بأي لحظة إضافة لارتفاع المديونية بشكل مضاعف خلال العقد الأخير لإضعاف ما كانت عليه قبل ذلك ، وتأتي القضية الأمنية والاعتقالات السياسية وضرب الناشطين وتلفيق التهم لهم وحتى اغتيال الشخصية بطريقة لا أخلاقية ، كما حدث مع الناشطة إيناس مسلم ناهيك عن تهمة إطالة اللسان كما يلفق اليوم لأحرار الطفيلة . ولذلك ما يهمنا قوله لأصحاب القرار أن الوطن لم يعد يحتمل أكثر من ذلك فقد فاض الكيل وبلغ السيل الزبى وهناك قنبلة اسمها البطالة في كل بيت أردني إضافة الى الظلم والقهر الذي طال الكثيرون في أرزاقهم وكل ذلك قنابل موقوتة . ولذلك على أصحاب القرار ورجال الدولة إن وجدوا عمل شيئا لإنقاذ وطن أصبح يموج بالثورة ، فإما الإصلاح والتغير وأما المجهول الذي لا يعلمه إلا الله ، اللهم أشهد أني بلغت . عبد الهادي الراجح alrajeh66@yahoo.com