جنون العظمة ونصر نتنياهو المزيف

أفاد موقع "واينت" الإلكتروني، الأربعاء، أن نتنياهو وصل إلى "الكريا" مركز قيادة جيش الاحتلال، في أعقاب اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر، وعقد مداولات لتقييم الوضع، وبقي هناك مع غالانت خلال عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية.

انتهى الموقع إلى القول: إن غالانت ونتنياهو انفردا بقرار اغتيال اسماعيل هنية، ولم يشاركا وزير المالية سموتريتش ووزير الامن القومي بن غفير، خشية تسريب المعلومات عن العملية، ولعدم ثقتهما بباقي أعضاء الكابينت الإسرائيلي وقدراتهم.

الإعلام العبري بذلك نسب جريمة الاغتيال إلى نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، إلى جانب قائد الاركان هرتسي هاليفي، في محاولة لتأكيد مكانة نتنياهو كقائد، والأهم تكريس صورته كزعيم إسرائيلي، بعد أن اهتزت في السابع من أكتوبر، فكل شيء يدور حول نتنياهو وصورته، كزعيم عاد مظفرا بالنصر على خصومه في واشنطن بتصفيق الحزب الجمهوري ليواصل حربه في الاقليم.

ذات نتنياهو تضخمت إلى حد الجنون بفعل النصر المزيف الذي توهمه، جنون مثّل نقلة نوعية في شخصية نتنياهو، عبّر عنها بلقطة سريعة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي؛ يشير فيها إلى اسمه من مقطعين، ثم يختفي عن المشهد بعد أن يضع النظارات السوداء كأحد أبطال هوليوود المزيفين.

نتنياهو لم يحقق نصرا للكيان الاسرائيلي على المقاومة، لا في إيران ولا بيروت، فانتصاره مزيف، انتصر فيه على خصومه ومنافسيه ومنتقديه داخل الكيان الاسرائيلي وفي الولايات المتحدة، من خلال تقديم نفسه كزعيم أوحد، قادر على اتخاذ قرارات حاسمة ومصيرية يحتفي بها اليوم، ولكنه سيندم عليها في الغد، إذ سيدفع ثمنها بتصعيد كبير يصعب التحكم به، حيث سيدخل الكيان في مناخات حرب جديدة، يصعب التعامل معها من قبل الجمهور الاسرائيلي، ويصعب حسمها أو الانتهاء منها بتوقيع اتفاق لم يكن نتنياهو يسعى له منذ بداية المواجهة التي أرادها استمرارا لحكومته الفاشية.

عمّق نتنياهو مأزق الاحتلال الاستراتيجي الممثل باستحالة وقف الحرب والاستمرار فيها دون أفق للحسم، فالحرب والمواجهة انتقلتا إلى مستوى جديد عبّر عنه بيان بعثة إيران بالأمم المتحدة، الذي قالت فيه إن "الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران سيكون بعمليات خاصة أكثر صرامة لزرع الندم في نفوس مرتكبه"، والذي عززه الحرس الثوري الإيراني في بيانه بالقول إن "جريمة النظام الصهيوني باغتيال هنية ستواجه ردا قاسيا من جبهة المقاومة القوية، وخاصة إيران".

في حين قالت حركة حماس في بيانها: "إن عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدثٌ فارقٌ وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدةٍ، وسيكون له تداعياتٌ كبيرةٌ على المنطقة بأسرها، وإن العدو قد أخطأ التقدير بتوسيعه لدائرة العدوان واغتيال قادة المقاومة في مختلف الساحات وانتهاك سيادة دول المنطقة، وإن المجرم نتنياهو الذي أعماه جنون العظمة يسير بكيان الاحتلال نحو الهاوية".

ختاما.. نتنياهو وضع الكيان الاسرائيلي والاقليم على حافة حرب إقليمية، مراهنا على الولايات المتحدة لردع المقاومة اللبنانية وإيران للامتناع عن رد واسع يلحق ضررا بصورة النصر الذي بحث عنه في اغتيال هنية في طهران، ففي النهاية كل شيء يدرو حول نتنياهو ومستقبله السياسي؛ حقيقة سيدفع ثمنها الكيان الاسرائيلي بإطالة أمد الحرب، وغياب الحسم، وزعزعة الاستقرار الإقليمي؛ على نحو يهدد بفقدان الاحتلال والولايات المتحدة السيطرة على مدخلاته.