أثرياء أميركا يتسابقون على التبرع لترامب وهاريس.. إليك الدوافع
يتسابق أثرياء أميركا على التبرع لصالح المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأميركية في محاولة للتأثير في المشهد السياسي بما يحقق مصالحهم الاستثمارية ومصالح شركاتهم، ورغم أن أميركا دولة ديمقراطية من حيث المبدأ، حيث يكون لكل صوت نفس القيمة في الانتخابات الرئاسية، إلا أنها دولة رأسمالية يحتكر النفوذ فيها الأثرياء وتوجه السياسة فيها وفق مصالح من يملك المال، خاصة وأن الحملات الانتخابية باتت باهظة الكلفة وتزداد كلفتها دورة بعد أخرى، وسط الضوضاء الإعلامية التي تحجب البرامج الحقيقة للمرشح.
وبلغت كلفة الحملة الرئاسية بين الرئيس الحالي جو بايدن ودونالد ترامب في العام 2020 نحو 14.4 مليار دولار، وفق الأرقام التي أوردها موقع "أوبن سيكرتس"، الأميركي في 11 فبراير/شباط 2021.
وتعد هذه الكلفة ضعف ما تم إنفاقه في الحملة الرئاسية في العام 2016. ومن المتوقع أن يكون الإنفاق على الحملة الرئاسية الحالية أكبر من 14.4 مليار دولار، خاصة وأن المرشح ترامب دخل الحملة بدعم كبير من كبار أثرياء أميركا يقودهم إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم بثروة صافية قدرها 253 مليار دولار، بحسب مجلة فوربس.
وأيد الملياردير ماسك حملة ترامب في يوليو/تموز بعد محاولة اغتياله الفاشلة. ووفق موقع "بيزنس إنسايدر" قال إنه سيتبرع بمبلغ 45 مليون دولار إلى لجنة عمل سياسية جديدة تسمى America PAC، والتي حصلت على دعم من آخرين في وادي السيليكون.
ووفق تقرير بزنس إنسايدر في 16 يوليو الماضي، فإن هنالك 25 مليارديراً يدعمون ترامب. لكن في المقابل فإن حملة منافسته كامالا هاريس باتت تحظى بدعم كبير من أثرياء أميركا كذلك.
ووفق مجلة "فوربس" في تقريرها يوم الثلاثاء، يدعم حملة هاريس مليارديرات مثل مليندا فرينش غيتس، وشيريل ساندبيرغ، وريد هاستينغز، ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من كبار الداعمين من أثرياء أميركا مستق وكانت هاريس خلال انتخابات عام 2020، عندما ترشحت لمنصب الرئيس في حملة الحزب الديمقراطي، قد حظيت بتبرع عدد أكبر من المليارديرات وأزواجهم مقارنة بأي مرشح آخر، حتى من بايدن نفسه.
ومن بين الداعمين البارزين لهاريس من قيادات "وول ستريت" المليارديرات جوناثان غراي، رئيس إدارة الأصول بلاكستون، ومارك لا سري من شركة الاستثمار الائتماني "أفينيو كابيتال غروب"، وبارون صناديق التحوط جورج سوروس. لكن المحللين ما زالوا يتوقعون أن يكون ترامب أكثر ودية مع الشركات المالية، حيث وعد بتخليص وول ستريت من "اللوائح التنظيمية المرهقة".
أسباب اندفاع أثرياء أميركا
ووفق تحليل للاقتصادي بول كروغمان بصحيفة "نيويورك تايمز، في يوليو 2020"، فإن معدلات الضرائب على الشركات والدخول المرتفعة تواصل الانخفاض، كما تم سحق النقابات، وأصبح الحد الأدنى للأجور، المعدل حسب التضخم، أقل مما كان عليه في الستينيات.
وتساءل كروغمان كيف يعقل ذلك؟ ويجيب إن الفوارق الهائلة في الدخل والثروة تترجم إلى فوارق مماثلة في النفوذ السياسي. ويشير إلى مثال مشروع زيادة الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية في العام 2011.
ويقول "في ذلك الوقت، كانت واشنطن واقعة في قبضة حمى العجز". ورغم أن الحكومة الفيدرالية كانت قادرة على الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة تاريخياً، بدا الأمر وكأن كل من يهمه الأمر يقول إن عجز الميزانية كان القضية الأكثر أهمية التي تواجه أميركا، وإنه من الضروري كبح جماح الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
من جانبها ترى الكاتبة كاثرينا بشهولز في تحليل بمجلة فورتشن الأميركية بتحليل في 21 أبريل/ نيسان 2023، أن الطبقة الوسطى في أميركا ظلت تتقلص على مدى الخمسين عاماً الماضية. وتقول "في حين ظل الأميركيون من الطبقة المتوسطة يمثلون أكبر مجموعة دخل من حيث عدد الأشخاص، لا يمكن قول الشيء نفسه عن إجمالي الدخل الذي يكتسبونه". وتعكس فجوة التفاوت الجامحة والأزمة الاقتصادية الحالية ما فعلته الحكومة لمساعدة الأغنياء وما لم تفعله لحماية مصالح الطبقة المتوسطة.
وفي ذات الصدد تقول دراسة حديثة بمركز " بيرنين سنتر" للعدالة الأميركي إن حفنة من المانحين من أثرياء أميركا تهيمن على التبرعات والإنفاق الانتخابي في الولايات المتحدة، وبالتالي تؤثر على القرار السياسي الأميركي. وترى أن هنالك حاجة إلى فرض قيود على تمويل الحملات الانتخابية والشفافية، والتنفيذ الفعّال لهذه القواعد.
ويرى محللون أن هيمنة أثرياء أميركا على القرار السياسي في واشنطن، زادت من التشوه في الدخول في أميركا، إذ إن الأثرياء أصبحوا أكثر ثراءً خلال العقود القليلة الماضية، في حين أن معظم الأميركيين لم يتمكنوا من تحسين أوضاعهم.
ويرون أن أثرياء أميركاتمكنوا من إعادة هيكلة الاقتصاد لجني نصيب الأسد من المكاسب وتحويل خسائرهم في أسواق المال إلى أرباح عبر التأثر على الكونغرس الأميركي لخفض الضرائب على ثرواتهم وقوانين تعويضهم في أوقات الانتكاسات المالية مثلما حدث عندما انهارت أسواق المال في العام 2008.