الحقيقة الاستراتيجية التي كشفتها حادثة مجدل شمس

ما يقلق الكيان الإسرائيلي رد فعل حزب الله والمقاومة اللبنانية على اي هجوم إسرائيلي على لبنان، تحت عنوان الانتقام لحادثة مجدل شمس المزعومة، وهو قلق اكد احتفاط حزب الله بزمام المبادرة على الرغم من الاعلانات المتكررة للاحتلال بانه سيرد بقوة، فالقلق والهواجس الاسرائيلية أضعفت وقيدت  الرد الإسرائيلي وقللت من قيمته واهميته العسكرية والسياسية.


فالمصادر المقربة من المؤسسة الأمنية اكدت لصحيفة يديعوت احرنوت العبرية ان وزير الدفاع، يوآف غالانت، أعلن أن الرد يجب أن يكون شديداً وبشكل يوضح لـ«حزب الله» ثمن تغيير قواعد القتال. لكن في الوقت نفسه اكدت محدودية الحرب، ومنعها من التحول إلى حرب شاملة وواسعة، في ختام مداولات شارك فيها غالانت مع قادة هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال الاسرائيلي.


الاحتلال الاسرائيلي بدا مكبل اليدين امام حزب الله ومحرجا امام سكان مجدل شمس التي تعرضت لضربة صاروخية ناجمة عن فشل واضح في القبة الحديدية التي ادعى الاحتلال الاسرائيلي انها لم تستجب للهجوم، في حين وردت شهادات مؤكدة وصور فيديو بانها المسؤولة عن الاصابة في البلدة السورية المحتلة منذ حرب حزيران عام 1967.

مخاوف جيش الاحتلال من رد فعل حزب الله تستند الى ضعف كامن في جيش الاحتلال المستنزف في قطاع غزة، اذ انه عاجزعن التحرك الا من داخل المدرعات والمواقع شديدة التحصين، فضلا عن الطائرات التي يعاني طياروها من  ساعات الطيران الطويلة كما تعاني الطائرات من حاجتها للصيانة بعد مواجهة دامت اكثر من  تسع اشهر من القتال.
الاخطر من ذلك كله، تطورجبهة الضفة الغربية التي  فرضت ضغوط قوية على جيش الاحتلال للدفع بموارد اضافية كبديل للاسحلة والعربات التي تم تمزيقها بعبوات متطورة وشديدة التدمير في الضفة الغربية وهو سلاح نوعي قيد قدرة جيش الاحتلال على التنقل شمال الضفة الغربية وهدد بفقدنه السيطرة على الارض بالتزامن مع اندماج الحاضنة بالمقاومة والمقاتلين عل ىنحو غير مسبوق منذ انتفاضة الاقصى .


الضغط متواصل على جيش الاحتلال وفي كافة الجبهات خصوصا الضفة الغربية التي تحولت الى تحدي كبير يكاد يفوق في اهميته وخطورته الجيوستراتيجية الجبهة اللبنانية، فالاحتلال بات متحسبا لامكانية حدوث قفزات كبيرة في جبهة الضفة الغربية تضغط على قدراته وتكشف المزيد من العجز والضعف في ادائه وقدرته على التخطيط  والتعبئة.

وفي ختام هذه التقديرات برزت المعلومات  الاستخبارية الاسرائيلية الت تحذر من غياب المعلومات الكاملة عن قدرات المقاومة المنتشرة في الاراضي السورية واماكن تواجدها،  والتي استقبلت 90% من الشاحنات المحملة بالذخائر والاسلحة خلال الاشهر القليلة الماضية، ما يجعل من امكانية التعامل مع الضربات الصاروخية وتتبعها عملية اشد تعقيدا بكثير مما واجهته خلال الاسابيع القليلة الماضية، والتي كان اخرها مسيرة يافا التي تخطت كامل المنظومة الامريكية والغربية في البحر الاحمر لتضرب في عمق لواء يافا ( تل ابيب ).

مهرجان التصريحات الذي اطلقه وزير المالية سموتريتش ووزير الامن القومي بن غفير لم يدم طويلا، فنتنياهو ذاته سرب معلومات من على طائرته المحلقة في الجو المتوجهة الى فلسطين المحتلة قادما من اميركا وعل ىلسان صحفيين؛ بان الرد الاسرائيلي سيكون محدودا ويهدف لتجنب حرب اقليمية واسعة، وهو تصريح جاء مخالفا ومناقضا لعربدته التي مارسها في الكونغرس امام ممثلي الحزب الجمهوري، فالاقوال شئ والواقع المرير الذي يواجهه جيش الاحتلال على الارض شئ اخر.

 ختاما.. شمس المجدل كشفت عن تحول سؤال اليوم التالي للحرب بالتدريج الى سؤال اليوم التالي لافشال صفقة الاسرى ووقف اطلاق النار، الى اين ستقود الاحتلال؟، الى مزيد من العجز للاحتلال و الاستنزاف في قطاع غزة والتصعيد في الضفة الغربية وجبهات لبنان واليمن؟، ام الى الحرب الاقليمية في لبنان والعراق وسوريا واليمن؟، ام الى سقوط حكومة نتنياهو، ام الى مزيد من انعدام الثقة و التشرذم و الانقسام والضعف في المجتمع الاستيطاني في الاراضي المحتلة ليتحول الى الجبهة الثامنة التي يستحيل معالجتها بقصف المدنيين.