من ينصف الطبيب؟!


موضوع المسئولية الطبية والخطأ الطبي تناوله الكثير من الباحثين والاعلاميين والقانونيين على حد سواء وكانت المعالجة تركّزعلى جانب حقوق المتضرر( المريض ) بالتعويض عن الضرر وهو حق شرعي وأصيل لايمكن انكاره بأي حال من الأحول ، لكن مثل هذا الموضوع الهام كان من الضروري مناقشته و تناوله من كافة الجوانب مع اعتماد الموضوعية والحيادية، ليكون الهدف هو فائدة الجميع وصحة المواطن وعدم اغفال حقوق الطبيب والأثارالسلبية التي قد تلحق به نتيجة الادانة بتدمر حياته المهنية والشخصية لعدم وجود تشريع الزامي يغطي تعويضات التأمين «ضد الأخطاء الطبية» ,ولعدم وجود تشريع يحدد المحكمة المختصة بحيث تحقق المساواة أمام القضاء لجميع الأطباء والمتضررين ،سواء كان الطبيب أو المريض مدنيا او عسكريا بحيث يحصل جميع الاطراف على حق التقاضي أمام محاكم من الدرجة الاولى والثانية ( محاكم الاستئناف) واخيرا محاكم التمييز ، فحرمان فئة من الأطباء من حق الطعن أمام محكمة التمييز ومنح فئة اخرى من الاطباء نفس الحق بسبب موقع العمل يصيب العدالة شرخا ، وبحاجة الى معالجة قانونية بتعديل التشريعات الناظمة لذلك وخصوصا أن بعض الاطباء قد تضرر من حرمانه هذا الحق ، كما أنه يجب عدم اغفال مسؤولية المؤسسة التي يعمل بها الطبيب بالتعويض عن الضرر وفق قواعد المسؤولية التي نص عليها القانون المدني ( مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع )، خصوصا أن مبالغ التعويض عادة ما تكون عالية ، فلا يستطيع الطبيب تحملها وحده .


حقيقة ما نريده قوانين تحمي المريض والطبيب معا؛ لأن الهدف من تشريعها هو زيادة حذر الطبيب من خلال الرقابة عليه للتقليل من الأخطاء التي قد تودي بحياة المرضى احيانا، او تضر بصحتهم من طرف الطبيب المخطئ ، مع إعطاء المريض حقوقه وتعويضه فيما إذا كان هناك خطأ طبي ارتكب ، وأن تتحمل المؤسسة الطبية والطبيب المقيم والاختصاصي والاستشاري مسؤولية مشتركة ، فالمريض يخضع لاشراف طاقم من الاطباء كل حسب مسؤوليته وليس لاشراف طبيب واحد وعليه تقع المسؤولية عليهم كشركاء متساويين في تحمل التعويض عن الضرر.
وهنا لا بد من التذكير بأن مسئولية الطبيب قانونا هي التزام عناية (بالرعاية الطبية) وليس تحقيق نتيجة أي الشفاء ، وللأسف فان معظم الأهالي في معظم الحالات أوكلها يعتقدون أن المعالجات سواء منها الطبية أو الجراحية يجب وينتظر منها أن تنتهي بالشفاء ودون أية آثار جانبية ولذا يطالبون بمبالغ هائلة كتعويض عند حدوث خطا طبي ، وغالبا ما يتهم الأطباء بالتقصير أو بالإهمال أو بالخطأ منذ البداية ومثل هذه المواقف تمثل نوعا من التهجم والتشهير بالأطباء، ناسين أن الأطباء جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع الذي يشكو من كثيرٍ من المشكلات المتراكمة في كل مناحي الحياة.

حقيقة لا توجد أي معالجة طبية أو جراحية لا تترافق بنسبة محدودة من المخاطر الجانبية ، قد تكون صغيرة و قد ترتقي لتبلغ الموت، ومع كثرة القضايا المطالبة بالتعويض عن الخطا الطبي أو الاهمال والمطروحة أمام القضاء ومنها من انتهى بالادانة لطبيب بعينه وتحمله المسؤولية لوحده ، مما أدى الى شعور الاطباء بالخوف وأن سيف المُساءلة القانونية مسلط على رقبته طول الوقت ، وهذا أثّر على الاداء الطبي لبعض الاطباء ، بحيث أصبح يتفادى أو يتملص من العناية بأي مريض ، مما يسبب ضررا للمرضى بالتأكيد.

كان لا بد من طرح مثل هذا الموضوع لأهميتة البالغة ،لان بعض الأطباء بدأ يفتش على طرق دفاعية متنوعة لتفادي وصولهم إلى المحاكم ، نتيجة الادانة لبعض زملائهم وتحملهم مبالغ تعويض هائله وتدمير حياتهم المهنية ، وآن الآوان لاتخاذ خطوات جدية لمعالجة الموضوع ومن قبل المعنينين من خلال البحث والدراسة ومراجعة التشريعات الناظمة لتوفير تعويضات التأمين الطبي للمتضررعن الخطا الطبي بشكل مؤسسي ، أسوة بالتأمين الذي تدفعه شركات التامين في حالة تسبب سائق المركبة باصابة او موت لاي فرد مهما كان ، وأن تكون المسؤولية مشتركة يتحمل فيها الطاقم الطبي والمؤسسة الطبية المسؤولية عن التعويض مجتمعين .
كان لا بد من تسليط الضوء على هذه القضية الهامة حتى لا تتراجع مستوى هذه المهنة الإنسانية الهامة في الحفاظ على صحة المجتمع ،نتمنى من الله سبحانه أن تبقى مكانة الاردن متقدمة في المجال الطبي وفي جميع المجالات . اللهم آآآمين
محمد سليمان الخوالده
msoklah@yahoo.com