لم نكن نتوقع من مجلس النواب
أن يتهافت مثل هذا التهافت على تحقيق مكاسب وامتيازات لأعضائه والذين
يعرفون تمام المعرفة أنهم في الفترة الأخيرة من حياة هذا المجلس والذي كانت
المطالبة الجماهيرية بحله تملأ كل الشعارات التي رفعتها المسيرات بكل
أطيافها وألوانها.
نستغرب بداية كيف يسمح النواب لأنفسهم بتعديل
قانون الجوازات بحيث يتم منح الوزراء والنواب والأعيان، العاملين والسابقين
جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة.
الأمر لن يقتصر على هذا العدد
الكبير من الوزراء والأعيان والنواب السابقين والحاليين، وأنه سيشمل
القادمين أيضاً، تضاف لهم زوجاتهم وأولادهم دون سن الثامنة عشرة وبناتهم
اللواتي لم يحالفهن الحظ، ولم يلتحقوا بقطار الزواج.
أي خرق هذا لكل الأعراف والمواثيق التي تعطي الجواز الدبلوماسي لمن يشغل الوظيفة وكان على رأس عمله، وليس لكل من سبق وأن عمل بها.
لو
قلت أن النواب يطالبون بجوازات سفر مهمة، عند سفرهم للخارج لقلنا أن ذلك
أمراً عادياً، لكن ما لا نقبله أن يفتح الباب على مصراعيه لمنح الجواز
الدبلوماسي لهذه الآلاف.
نستغرب وفي ظل هذه الأوضاع الاقتصادية
الصعبة أن يطالب النواب برواتب تقاعدية، في وقت يجب أن يتم إعادة النظر
برواتبهم الحالية وتخفيضها لأن مجموع أيام العمل طوال العام لا يزيد عن
سبعة أشهر في أحسن الأحوال وأن بعض المجالس النيابية في الخارج تضع مكافآت
على حضور الجلسات فقط سواء للمجلس، أو لجانه.
كيف تم دفع راتب
تقاعدي لشخص خدم نائباً ودون أن يكون له أي اشتراكات في صناديق التقاعد
المدني أو العسكري، أو حتى الضمان الاجتماعي ونكافئه من أموال الشعب، ونقدم
له راتباً تقاعدياً طوال الحياة حتى ولو تم حل مجلس النواب بعد سنة أو
سنتين من عمله، وقد حدث ذلك فعلاً.
أي أسلوب يمارسه السادة النواب،
وهم يهددون جيرانهم من الأعيان بأنهم سيطالبون بانتخاب عضو مجلس الأعيان
بدلاً من تعيينه إذا لم يمرروا ما يريدونه من الحصول على الجواز
الدبلوماسي، والراتب التقاعدي.
كنا نتوقع أن تكون هناك بوادر أزمة
بين النواب والأعيان على قانون المالكين والمستأجرين، أوعلى القوانين
الناظمة للحياة للحياة السياسية والحريات، لكن أن تكون الأزمة حول منح
رواتب تقاعدية للنواب، والعمل على رد القانون المؤقت للتقاعد المدني لأنه
يحرم العشرات من النواب من التقاعد فهذا أمر مستهجن ومستغرب.
احتساب
نواب مدة النيابة كخدمة محسوبة في التقاعد نعتبره أمراً عملياً ومنطقياً،
والعودة إلى منح جواز السفر الدبلوماسي للعاملين فقط من الأعيان والوزراء
والنواب نعتبره أيضاً أمراً منصفاً، لكن تهديد النواب بمقاطعة الجلسات لهذا
السبب لممارسة الضغوط حتى لا يتم إقرار قانون الانتخاب وتشريعات الإصلاح
السياسي فهذا أمر مرفوض بكل المعايير وأن الفترة المتبقية من عمر هذه
الدورة ستكون المحك والامتحان لكل النواب، بأن يترفعوا فوق الصغائر، وتحقيق
المكاسب والامتيازات الشخصية لهم ويضعوا المصلحة العليا، والوطن والمواطن
نصب اعينهم.