مليون مريض نفسي!
في الأخبار أن مليون أردني مصابون
باضطرابات نفسية مختلفة، وتفوقت في ذلك الاضطرابات الذهنية فهي الأكثر
شيوعاً في مراكز الصحة النفسية.
يذكرني الحديث في
الأمراض النفسية بمسلسل قديم كان يبثه التلفزيون الأردني في الثمانينات، لا
أتذكر اسمه، لكني أتذكر كم كان يضحكنا الممثل الذي يؤدي دور الطبيب النفسي
في هذا المسلسل، فيظهره بشكل كوميدي ساخر وهو نفس الأسلوب المتبع في تصوير
شخصية الطبيب النفسي في أغلب مايعرض على الشاشة من أفلام ومسلسلات. بصراحة
لقد ظلم الإعلام صورة الطبيب النفسي إذ صوره شخصية فكاهية وشخصاً غريب
الأطوار، حتى عزز في مفهومنا أن الطب النفسي مرتبط بعلاج الجنون والمجانين
وليس له علاقة بالناس الأصحّاء وهذا مفهوم خاطئ جداً. وقد أخبرني أحد
الأطباء النفسيين أن مراجعي عيادته النفسية يتجنبون التعرف إليه أو السلام
عليه إذا صودف خارج العيادة خوفا من نظرة الناس لهم فلا تثبت عليهم تهمة
الجنون.وهذا بعكس مايبديه عادة المرضى في حالات أخرى من حفاوة بأطبائهم إذا
ماالتقوهم صدفة خارج عياداتهم.
مليون مريض نفسي..
وأجزم أن الرقم قليل جدا مقارنة بالواقع، فالرقم أظنه لم يحص أولئك الذين
لا يعترفون أنهم يعانون تشوشاً أو اضطراباً ولا يشعرون بأنهم بحاجة لإرشاد
نفسي أو الذين يعرفون ولا يستطيعون طلب العلاج أو المشورة لأسباب اجتماعية
بحتة، فليس أي اضطراب يحتاج علاجاً بالدواء، وليس طالب المشورة والإرشاد
مجنون بالضرورة!.. فهناك أمور يومية نعاني منها جميعاً تتطلب فقط النصح
والتوجيه الصحيح والتخفف منها عن طريق الحوار إلى مختصين قبل التدهور نحو
الاكتئاب أو المرض النفسي، فالحياة تصبح شديدة بمرور الوقت ومزدحمة ومليئة
بالمشكلات والانحرافات والمنغصات ، ولا أحد مستثنى أن تغلبه عواطفه ومخاوفه
فتؤدي به إلى التأرجح كرقاص بندول بين عتمة وأخرى. إن الأمور الصغيرة تكبر
عادة إذا ماأهملت.. فبسبب المسمار فقدت نعلة الحصان، وبسبب نعلة الحصان
هلك الحصان، وبسبب الحصان هلك الفارس. يبقى الأهم هو التحصن بذكر الله فذلك
أجدى علاج يومي لمقاومة اضطرابات الحياة.
نعود لصورة
الطبيب النفسي في أذهان الناس، إنها صورة فكاهية وبحاجة ماسة وسريعة إلى
تصحيح، فالناس لن تقبل نحو ارشاد أو علاج مادام الطبيب النفسي بنظرها يشير
إلى الجنون، ولن تتغير هذه الصورة إلا عبر توعية بأهمية الصحة النفسية وأن
يأخذ الإرشاد النفسي جدية أكبر عبر تدريسه في مناهج المدارس والجامعات
بالإضافة إلى جهود المؤسسات الإعلامية.
في كتاب
(العادة الثامنة ) ستيفن كوفي يقول : الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة
لكنهم قد يهاجمونك إذا أردت مساعدتهم لأنهم لن يعترفوا بالمشكلة.. ساعدهم
على أية حال.