"التحديث الاقتصادي".. تنفيذ لا يرتقي لطموح الرؤية
لم يرتق البرنامج الحكومي لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي إلى طموحات الرؤية، فبقيت مكتسبات البرنامج في مستوى متدن بعيدة عن الهدف والمأمول من الرؤية، بحسب خبراء.
وفي جلسة عقدتها مجالس الغد حول البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي، أكد خبراء اقتصاديون ضرورة مضي الحكومة بمشاريع الشراكة إلى المستثمرين بالعالم والصناديق الاستثمارية لتنفيذها. وعدم الاختباء وراء الظروف الاقليمية والجيوسياسية.
وأكد الخبراء ضرورة تهيئة المناخ الاستثماري وتثبيت التشريعات بهدف تعزيز ثقة المستثمر بالاقتصاد الوطني، لافتين إلى أن ما تم تنفيذه، في قطاع الطاقة مثلا، خلال سنتين لم يتعد 2 % إلى 5 % من الرؤية.
وحول التحول الرقمي، يرى الخبراء أن الطريق ما تزال طويلة ونحتاج إلى شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص لمواكبة التطورات التقنية والاستفادة منها مثل الذكاء الاصطناعي.
رؤية التحديث الاقتصادي التي تم وضعها منتصف عام 2022، بمشاركة أكثر من 500 من المتخصصين والمعنيين والخبراء الاقتصاديين، وتعد خريطة طريق للاقتصاد الوطني خلال عقد، مضى منه عامان.
وتعتمد رؤية التحديث على ركيزتين رئيسيتين، هما ركيزة النمو الاقتصادي (إطلاق كامل الإمكانات)، وركيزة جودة الحياة (النهوض بنوعية الحياة)، حيث تتشارك الركيزتان بخاصية "الاستدامة”.
وبخصوص النمو، تهدف الرؤية إلى تحسين معدل النمو الاقتصادي المسجل في الأردن وصولا إلى 5.6 %، لكن المتحقق حتى الآن نمو خجول بلغ 2.6 % خلال العام 2023، في حين انخفض هذا النمو إلى 2 % خلال الربع الأول من العام 2024.
ويشار إلى أن تقرير نتائج سير العمل للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي للربع الأول لعام 2024، كشف أن نسبة إنجاز البرامج والمشاريع المدرجة في البرنامج التنفيذي للعام الحالي قد بلغت ما نسبته 16.9 % من المشاريع المدرجة في البرنامج، الذي بدأ في تنفيذه مطلع العام 2023.
ووفقا لنتائج تقرير الأداء العام للربع الأول من العام الحالي، بلغت نسبة المشاريع المتأخرة 11.9 %، في حين وصلت نسبة المشاريع قيد التنفيذ ما نسبته 69.3 %.
وبلغ عدد المشاريع التي تم إنجازها منذ انطلاق العمل بالبرنامج عام 2023، نحو 87 مشروعا، فيما بلغ عدد المشاريع المتأخرة 61 مشروعا، في حين ناهز عدد المشاريع التي ما تزال في مرحلة قيد التنفيذ قرابة 355 مشروعا.
ويرى وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الأسبق يوسف منصور أن البرنامج الحكومي لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي لم يحقق أهداف وطموحات الرؤية بالصورة المأمولة بعد.
وأكد أن التركيز الحكومي خلال العام الماضي والحالي انصب في مجمله على التعديلات التشريعية والتنظيمية بعيدا عن تنفيذ مبادرات الرؤية، معتبرا أن ذلك يعمق من انعدام الثقة لدى المواطنين بإمكانية نجاح هذه الرؤية وتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي.
وقال "رؤية التحديث الاقتصادي خلت من وجود دور واضح للحكومة في صناعة الأسواق والاستثمار على غرار دول مثل الصين وسنغافورة والهند وأميركا” مشددا على أهمية أن ينصب دور الحكومة في تنفيذ مشروعات الشراكة في قطاعات حيوية خصوصا البنى التحتية منها وبناء قطاع خاص قوي.
وأوضح منصور أن رؤية التحديث الاقتصادي خالية من الدعم الحكومي حيث إن رأس المال يعتمد فيها على الاستثمارات الخارجية بالإضافة إلى غياب واضح لتمويل صناديق البحث والتطوير والابتكار، مشيرا إلى أن هنالك مشروعات تم إعداد الدراسات لتنفيذها منذ عام 1977 ولم تنفذ حتى اللحظة مثل مشروع قناة البحرين.
وقال "يفترض ان تذهب الحكومة بمشروعات الشراكة إلى المستثمرين بالعالم والصناديق الاستثمارية لتنفيذها” مشددا على ضرورة عدم الاختباء وراء الظروف الاقليمية والجيوسياسية في تراجع الاستثمار وتدفقها إلى المملكة.
وأوضح أن الحكومات المتعاقبة وضعت قرابة 55 خطة وإستراتيجية خلال الأعوام السابقة ولم يتم تنفيذها، متسائلا، هل سيتم تنفيذ مضامين رؤية التحديث الاقتصادي؟ مشددا على ضرورة التركيز على مشاريع ذات قيمة مضافة عالية.
وأشار منصور إلى أن محدودية وضعف معدلات النمو الاقتصادي ما زالت تمثل التحدي الأكبر أمام نهوض الاقتصاد الوطني إذ لم تزد معدلات النمو الاقتصادي على 3 % على مدار الـ13 عاما الماضية ونسب البطالة وصلت 22 % ، حيث إن السياسات الاقتصادية المتبعة من الحكومات المتعاقبة المتمثلة في ضعف الإنفاق الرأسمالي، إضافة إلى الإصرار على النظام الضريبي السائد ولا سيما ضريبة المبيعات التي ارتفعت خلال العقدين الماضيين من 6 % وصولا إلى 16 % وما تتركه من أثر على النشاط الاستهلاكي المحلي، عدا عن ارتفاع الكلف التشغيلية وممارسة الأعمال على القطاعات الاقتصادية التي تحد من قدرة القطاعات الإنتاجية على التصدير، إلى جانب إضعاف القطاع الخاص، كان لها كلها تأثير سلبي في الحد من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو.
واعتبر منصور أن استمرار ارتفاع حجم الدين العام يعد من التحديات المعيقة للاقتصاد الأردني وتنميته، محذرا من استمرار الحكومة الاعتماد على الاقتراض لتمويل نفقاتها، داعيا إلى ضرورة التوسع في المشروعات الكبرى ذات القيمة المضافة والعائد التنموي التي تصب في تحسين مستوى النمو الاقتصادي واستدامته.
ودعا منصور إلى أهمية التركيز على نوع فرص العمل التي يولدها الاقتصاد الوطني وليس عددها، إذ إن توليد 20 ألف فرصة عمل فقط ذات عائد مرتفع يكون لها أثر إيجابي في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وزيادة حجم الإنتاجية وتحسين المستوى المعيشي ما يعني أن توليد فرص العمل لفرص عمل إضافية، مبينا أن رؤية التحديث الاقتصادي في تطلعها لحل مشكلة البطالة ركزت على الكم أكثر من النوع إذ حددت هدفا بخلق 100 ألف فرصة عمل وذلك غير ممكن.
وشدد على ضرورة تهيئة المناخ الاستثماري وتثبيت استقرار التشريعات بهدف تعزيز ثقة المستثمر بالاقتصاد الوطني بما ينعكس على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وبالتالي تحسين المؤشرات الاقتصادية وضمان توفير التمويل اللازم لتنفيذ مبادرات رؤية التحديث.
وأوضح منصور أن الاقتصاد المحلي يحتاج إلى المزيد من الاستثمارات الخارجية، لا سيما في القطاعات الصناعية والتحويلية التي لها قدرة على مضاعفة حجم الصادرات الوطنية والحد من معدلات البطالة من خلال استحداث المزيد من فرص العمل.
وأكد منصور أهمية تغيير طريقة إدارة الاقتصاد الوطني من قبل الحكومة والتركيز على نوعية الإنفاق الحكومي من خلال زيادة حجم الإنفاق الرأسمالي الحقيقي الموجه نحو المشروعات التنموية، إضافة إلى الحد من الإنفاق العشوائي.
ولفت منصور إلى أهمية تركيز الحكومة في برامجها وخططها الاقتصادية على الابتكار والريادة في القطاعات الاقتصادية كافة لا سيما الإنتاجية والابتعاد عن التقليدية بما يسمح بزيادة حجم الإنتاجية وتوفير المزيد من فرص العمل، مشيرا إلى أن مشروعات رؤية التحديث الاقتصادي افتقدت بصورة واضحة إلى الابتكار الذي يعد اليوم عاملا حاسما للنجاح الاقتصادي.
من جهته، أوصى رئيس لجنة السياحة في مجلس النواب النائب مجدي اليعقوب بأهمية البحث عن أسواق جديدة مثل الصين والهند وكوريا بالإضافة إلى البرازيل وافريقيا لجذب السياح إلى المملكة ومن كينيا وروندا واثيوبيا.
وأكد اليعقوب أن تلك الدول لا تعرف عن الأردن الكثير ولديها سياحة بشكل كبير وتفاجأوا بعد تقديمنا للسياحة في الأردن بعد الزيارات إليهم من المواقع الموجودة فيها.
كما أوصى بضرورة جذب الاستثمار السياحي إلى المملكة وتوفير الخدمات السياحية في مختلف المواقع السياحية والأثرية بالإضافة إلى تجهيز البنية التحتية لتلك المواقع.
ولفت إلى أن القطاع السياحي في البترا ومادبا ومختلف مناطق المملكة تأثر بشكل كبير منذ العدوان الصهيوني على غزة ومختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبين اليعقوب أنه في ظل تراجع أعداد السياح الملحوظ نتيجة استمرار ارتكاب المجازر والجرائم بحق المدنيين من الأطفال والنساء من جيش الاحتلال، يجب العمل بشكل مباشر على تهيئة المواقع السياحية والأثرية لتوفير القصة (قصة المكان) أو (السردية) وهذه مشكلة في الأردن.
وقال رئيس لجنة السياحة في مجلس النواب النائب مجدي اليعقوب إن "رؤية التحديث الاقتصادي ركزت على القطاع السياحي لاهميته.
وأكد اليعقوب خلال "مجالس الغد” ركزنا على جذب أكبر عدد ممكن من السياح إلى المملكة من مختلف دول العالم.
وأضاف قمنا خلال الفترة الماضية بتعزيز السياحة الدينية والحج المسيحي نظرا لوجود أهم المواقع الدينية المسيحية في العالم بالأردن التي تم إعلانها واعتمادها من دولة الفاتيكان في المملكة مثل المغطس والذي يعتبر أهم موقع على مستوى العالم ومكاور إضافة إلى جبل نيبو وكنيسة سيدة الجبل وكنيسة مار الياس.
وأشار إلى أن هذا الموضوع له تأثير كبير ويجب التركيز عليه والاهتمام به نظرا لوجود تلك المواقع المهمة في المملكة رغم ضعف العمل من الجهات المعنية في العمل على هذا الجانب.
وبين اليعقوب أن السائح إلى أي منطقة أو موقع يحتاج إلى خدمات وبعض تلك الخدمات كانت ضعيفة في بعض المواقع السياحية وغيابها في بعض المواقع.
بدوره، قال عضو مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه د.ماهر مطالقة إنه "رغم أن رؤية التحديث الاقتصادي تم العمل عليها بجهد وطني مميز، إلا أن ما تم تنفيذه خلال سنتين لم يتعد في قطاع الطاقة ضمن الرؤية
2 % إلى 5 %”.
وأضاف مطالقة "لا توجد خطة شمولية لكل القطاعات المتداخلة مع بعضها البعض تتوافق عليها جميع الأطراف كل منها يعمل بمعزل عن القطاع الآخر”.
ولفت إلى أنه على مدار سنتين لم يتحقق إلا بعض الملفات الصغيرة مثل التعرفة المرتبطة بالزمن، مع أن هذه الرؤية درست جميع السيناريوهات للأردن في قطاع الطاقة.
وقال " إذا كان الأردن سيتقدم يجب أن تكون خدمات قطاع الطاقة بأسعار معقولة لأنه يدخل في عمل جميع القطاعات ويجب أن يحفز كل القطاعات على التنافس لأن المشاريع الكبرى التي ستأتي للاستثمار في الأردن مثل مشاريع التعدين ستنظر إلى مصادر طاقة رخيصة ونظيفة حتى تتمكن من تمكين الاقتصاد”.
وزاد "هنا يأتي الحديث عن جدية التنفيذ من قبل المعنيين في الجهاز الحكومي، لأنها ما تزال غير مأخوذة على محمل الجد من قبل المسؤولين ، بالإضافة إلى ذلك لم يعكس كل ما تم الحديث عنه في رؤية التحديث الاقتصادي على إستراتيجية الطاقة ، كما لم يتم عمل العديد من الأمور التي أوردتها الرؤية ومن ذلك دراسة واقع شركة الكهرباء الوطنية”.
ولفت إلى أن الهاجس المالي هو الذي يدير المشهد وأكبر مثال على ذلك تعديل بندين في قطاع الطاقة المتجددة وهما إلغاء الإعفاءات الممنوحة في القطاع ورفع أسعار بيع الطاقة المباعة للمستهلك المشغل لنظام طاقة متجددة بقيم أعلى من قيمة شراء الشبكة لهذه الطاقة التي ينتجها، وهو أمر ينفر المستهلكين من إقامة مشاريع جديدة للطاقة المتجددة بدلا من تحفيزهم بالأسعار وتنفيذ مشاريع تخزين وعدادات ذكية.
وفيما يخص العدادات الذكية، قال مطالقة "مخرجات الرؤية كانت تتضمن أن يتم استبدال جميع العدادات بأخرى ذكية بنهاية 2024، إلا أن النسبة الحالية لهذه العدادات من أصل مليوني عداد 28 % إلى 30 %، وهذا عين أن العمل لا يتم بالطريقة الصحيحة من ناحية الإجراءات ما يؤثر على استقطاب مشاريع كبرى مولدة للعمالة، وذات قيمة مضافة عالية.
وقال "إذا لم يتم حل مشكلة شركة الكهرباء الأردنية لن يتقدم قطاع الطاقة في الأردن، وحل مديونيتها بطريقة ما وعدم تحميل مديونيتها مسؤولية كل التأخير”.
وأوصى مطالقة بالأخذ بعين الاعتبار المخرجات التي تم التوصل إليها في لجنة رؤية التحديث الاقتصادي والدخول في عمقها، كما يجب التأكيد على أهمية الاستقرار التشريعي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والحفاظ على هذه الاستثمارات وتطمين المستثمرين واعطائهم الأمان التشريعي بعدم تغيير النموذج الذي قدموا بموجبه إلى المملكة.
أما رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية رعد التل فقال إن "أحد الدوافع الأساسية التي جاءت من أجلها رؤية التحديث الاقتصادي هي مشكلة البطالة إذ حددت الرؤية هدفا إستراتيجيا يتمثل بتوفير 100 ألف فرصة عمل سنويا على مدار سنوات الرؤية العشر، لكن تحقيق هذا الهدف ما يزال بعيد المنال”.
وقال "هناك فجوة كبيرة جدا بين عدد فرص العمل التي يتيحها الاقتصاد الوطني سنويا من جهة والتي تتراوح ما بين 50-30 ألف فرصة وما بين عدد الداخلين إلى سوق العمل سنويا من جهة أخرى والذي يقدر بحوالي 120 ألف خريج سنويا”.
وأكد التل الذي كان عضوا في لجنة رؤية التحديث الاقتصادي، ان الاقتصاد الوطني في المرحلة الآنية يواجه تحديات جمة لا سيما العجز المستمر للموازنة العامة وكذلك ارتفاع الدين العام، عدا عن ضعف معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة، إذ إن هذه التحديات تضع ضغوطات على إمكانية تحقيق أهداف الرؤية وسير عملها.
ويرى التل أن مشهد الاقتصاد الأردني اليوم يتطلب العمل على معالجة هذه التحديات وتفعيل خطط طوارئ لتعامل مع الظروف الاقتصادية الآنية التي فرضها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي كان له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني إذ أثر العدوان على النشاط السياحي في المملكة وكذلك تراجع النشاط الاستهلاكي، إذ اتضح ذلك بتقلص النمو الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 2 %، متوقعا أن لا تتجاوز نسبة النمو لهذا العام مستوياتها في السنوات الأخيرة والتي بلغ متوسطها نحو 2.5 %.
ولفت التل إلى أن الحكومة مطالبة بمضاعفة حجم الإنفاق الرأسمالي الحقيقي والمثمر وتوجيهه بشكل حقيقي نحو تنمية الاقتصاد الوطني، وأن لا يكون مجرد مخصصات اسمية يتم تدويرها في نهاية المطاف لغايات أخرى.
وقال التل إن "العام الأول من رؤية التحديث الاقتصادي وفق البرنامج التنفيذي للمرحلة الأولى من الرؤية خصص لإعداد البنية التنظيمة والتشريعية لبرامج ومبادرات الرؤية إذ تمكنت الحكومة بحسب تقاريرها التي تقيم سير عمل الرؤية من إنجاز ما نسبته 80 % من القوانين والتشريعات التي حددها البرنامج التنفيدي لعام 2023.
وتابع التل مع إنطلاق العام الثاني للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2025-2023، من المفترض أن يبدأ العمل على تحقيق عدد من برامج ومبادرات الرؤية، وهي ما يتطلع المواطنين إليها وانعكاسها على تحسن المستوى المعيشي لهم، والتغلب على تحديات البطالة والفقر التي تؤرقهم.
من جهتها، اعتبرت وزيرة النقل السابقة المهندسة لينا شبيب ان تأخير تنفيذ مشروع سكة الحديد الوطنية يرفع تكلفة المشروع، لافتة إلى أن ما تم إنجازه حتى الآن دراسات فقط.
وبينت أنه تم الحاق مؤسسة سكة حديد العقبة قبل نحو 10 سنوات بشركة تطوير العقبة حتى تتمكن من الحصول على قروض لتنفيذ المشروع بعد انشاء الميناء الجديد إلا أنه لم تحدث أي خطوة عملية لتنفيذ المشروع.
واعتبرت أن إنجاز 100 تشريع خلال عام دون وجود خطط تنفيذية ورصد المخصصات اللازمة لا يفيد، مشيرة إلى إقرار قانون النقل متعدد الوسائط دون تنفيذ، فأين سكة الحديد وأين المراكز اللوجستية والموانئ البحرية والبرية وتحديث أسطول الشحن؟
وقالت إن إنشاء الميناء البري في الماضونة ليس مجديا اقتصاديا دون وجود ربط سككي مع مطار الملكة علياء مع جعل الميناء البري في الماضونة مركزا للوجستيات ما يوفر فرص عمل ويصبح مجديا للقطاع الخاص مؤكدة أهمية أن يصبح النقل صناعة تدخل فيه التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي.
وأكدت أن القطاع الخاص لا يقدم على الاستثمار دون أن يرى إنجازا على الأرض فيما يتعلق بالبنية التحتية. وأوصت بإيلاء مشروع سكة الحديد الأهمية اللازمة ووضع خطة تنفيذية ورصد المخصصات المطلوبة اعتبارا من موازنة العام المقبل، مؤكدة أن الخطط والدراسات وذكر المشروع في رؤية التحديث دون تنفيذ غير مجد.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي حيدر المجالي أن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الأردن ما يزال "غير ناضج”.
وقال "ليس هناك إرادة حقيقية لدى الحكومات في التوسع تطبيق مفهوم الشراكة بين القطاعين، وإدراجه بشكل حقيقي في الخطط والبرامج الحكومية”.
وأكد المجالي أن الشراكة بين القطاعين ذات الأثر الحقيقي على العملية الاقتصادية تتطلب التركيز على المشاريع الكبرى ذات القيمة المضافة والعائد الاستثماري الكبير كمشروعات السكك الحديدية، ومشاريع الطاقة البديلة، والمشروعات التشغيلية والإنتاجية لا سيما في المحافظات.
وتابع "نجاح هذه الشراكة يحتاج كذلك إلى اتاحة الحكومة المجال امام القطاع الخاص لدخول إلى كافة القطاعات بما فيها القطاع المصرفي، إذ يفتقد الأردن لمشروعات البنوك الاستثمارية والصناديق السيادية التي لها دور بالغ الأهمية في تنشيط الحركة الاستثمارية” مشددا على أهمية تعزيز دور القطاع الخاص في الدورة الاقتصادية.
وأكد المجالي أن تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال الشراكة بين القطاعين تستوجب من الحكومة تقديم المزيد من الحوافز والتسهيلات للقطاع الخاص، والحد من البيروقراطية وتهيئة المناخ الاستثماري المناسب.
ولفت المجالي إلى أن التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني لا يمكن معالجتها خلال فترة وجيزة كما يعتقد البعض وليس هناك "عصا سحرية” يمكن أن تنجح في ذلك، مشيرا إلى أنه من المهم العمل على وضع خطة منطقية وممكنة التنفيذ للتغلب على التحديات خاصة ارتفاع الدين العام والبطالة وضعف الاستثمارات.
ونوه المجالي إلى أن ارتفاع حجم المديونية العامة التي تراكمت بصورة كبيرة خلال السنوات الـ15 الماضية، تنذر بمخاطر كبيرة على الاقتصاد الأردني وتهدد استقراره واستمراريته، وهو ما يستدعي الانتباه والعمل على الحد منها وإطلاق إستراتيجية وطنية منطقية لمعالجتها، فضلا عن العمل على ضبط النفقات العامة وتقليل حجم الاقتراض خاصة القروض التي يترتب عليها خدمة دين مرتفعة.
وشدد المجالي على أهمية تفعيل منطقة العقبة الخاصة واستغلال المزايا الاقتصادية التي تزخر بها وموقعها الجغرافي، إذ تتوفر فيها إمكانيات كامنة لم تستثمر بعد، داعيا في هذا الصدد إلى وجوب السعي إلى جعل العقبة العاصمة الاقتصادية للمملكة وتوفير الشروط التي تحقق ذلك.
ودعا المجالي إلى ضرورة خفض ضريبة المبيعات التي تشكل عبئا كبيرا على الناس حتى لو كان هذا التخفيض بشكل تدريجي على مدار فترة زمنية محددة، إضافة إلى أهمية دعم القطاعات الإنتاجية.
بدوره، أكد الخبير في مجال الاتصالات وتقنية الاتصالات وصفي الصفدي أنه رغم ما وصلت إليه خدمات الاتصالات المتنقلة والإنترنت من انتشار في الأردن، مع وجود أكثر من 9 ملايين مستخدم للإنترنت، إلا أنه ما يزال هنالك بحاجة ماسة لزيادة تغطية الخدمات ونشرها وخصوصا تقنيتي الفايبر والجيل الخامس التي مر على دخولها للسوق المحلية أكثر من عام.
وقال الصفدي "ما يزال الاهتمام بتغطية هذه التقنيات الحديثة يتركز في المحافظات الرئيسية لا سيما عمان وإربد والزرقاء ذات الكثافة السكانية العالية، وما نحتاجه زيادة التغطية وخصوصا لما تتمتع به هاتان التقنيتان من سرعات عالية نحتاجها لتطبيق مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة والتطبيقات المتقدمة”.
وأشار إلى أنه يجب العمل على زيادة التغطية وتوفير أسعار مناسبة بالشراكة بين الحكومة والشركات العاملة، لافتا إلى حلول أخرى لزيادة التغطية مثل الاستفادة من البنية التحتية للكهرباء للوصول إلى المناطق النائية والبعيدة.
وبخصوص عملية التحول الرقمي يرى الصفدي أنه ما يزال أمامنا عمل طويل في هذه الطريق رغم توفير الحكومة خدمة مثل تطبيق "سند” الذي يمثل اليوم المظلة لكل خدمات الحكومة المرقمنة، لافتا إلى أن عدد من الخدمات ما يزال غير مكتمل رقميا بالكامل، كما أن تجربة المستخدم على التطبيق ما تزال " متواضعة” كونها تواجه بين الحين والآخر صعوبات ومشاكل في الاستخدام.
وأكد الصفدي أن عملية التحول الرقمي الكاملة تحتاج إلى شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص وإيجاد الاستفادة من قاعدة بيانات موحدة على مستوى المملكة، ومواكبة التطورات التقنية الحديثة والاستفادة منها مثل الذكاء الاصطناعي والتي يمكن أن تختصر الكثير بدلا من بناء خدمات بأجيال قديمة. وأشار إلى أهمية توفير الإنترنت عالي السرعة في المؤسسات الحكومية وبشمولية لجميع السكان، لانه يمثل العمود الفقري لكل عمليات الرقمنة والتحول الرقمي.