هل سيكون المجلس النيابي القادم مختلفا؟
سؤال يطرح على نطاق واسع وسط محاولات تسخين حزبية، وإجماعات عشائرية تكشف في بعض جوانبها عن اختراقات متبادلة بين القائمتين الحزبية والمحلية، وعن تنسيق يرتقي إلى مستوى تبادل الأصوات بين الحزبيين والعشائريين، وتفعيل الفائدة من أصوات القائمتين الحزبية والمحلية. فالبعض يرى أنه من الممكن توظيف حق الناخب بـ «صوتين» أحدهما للقائمة الحزبية والآخر للمحلية، في عملية رفد المرشح العشائري بأصوات حزبيين بالتبادل.
السؤال لا يصل إلى أجوبة مقنعة ولو بنسبة تقريبية لجهة أن الصورة ما تزال غائمة، وأن ما هو متاح من معطيات لا يشكل نهجا يمكن من خلاله الوصول إلى رؤية واضحة للمشهد. وذلك لا يعني عدم وجود معطيات تطرح كأساس للنقاش الدائر، حول مفاصل العملية الانتخابية الجديدة والنتائج المنتظرة.
فالحكومة لا تنتظر المعجزات من تلك الانتخابات، وترى أنها بمثابة خطوة مهمة على طريق التغيير الذي لا يمكن أن يحدث فجأة، ولا بـ «كبسة زر». وإنما بشكل تدريجي. وبالتالي هناك أمل حكومي بأن يتحقق التغيير ولو بنسبة بسيطة، ترتفع مع مرور الوقت وتتماشى مع النصوص القانونية التي اعتمدت أسلوب التدرج في الانخراط الحزبي وصولا إلى الأغلبية وإلى الحكومات الحزبية. ويتفق مع هذا الرأي نسبة لا بأس بها من المعنيين بهذا الشأن.
ويبدو أن الأحزاب قد التقطت كما من الإشارات التي تصب في هذا الاطار وارتضت بالمهلة التي حددها القانون، دون أن تتخلى عن بعض أحلامها واندفاع قياداتها نحو حرق المراحل والحصول على مقاعد إضافية من خلال الدوائر المحلية تمكنها من المشاركة في الحكومات أو حتى تشكيلها. مع علم تلك القيادات بأن تشكيل الحكومات الحزبية يحتاج إلى نضج سياسي وبرامجي وإلى توافق مع الدستور والقانون، وليس بأسلوب حرق المراحل.
فبعض الأحزاب تشخص واقعها منطقيا، وبعضها الآخر يعتقد أن بإمكانها الحصول على عشرة مقاعد برلمانية من خلال القائمة العامة، وزيادتها بعدد آخر من خلال القوائم المحلية للدوائر الانتخابية. مع أن أعداد الحزبيين المسجلين رسميا لا يساعد على تحقيق تلك الأحلام.
فالعدد الإجمالي للحزبيين المنتمين إلى كافة الأحزاب المرخصة لا يتجاوز مائة ألف حزبي، وعدد سكان المملكة من دون اللاجئين وغير الأردنيين بحدود ثمانية ملايين نسمة، منهم حوالي ثلاثة ملايين طفل.
بمعنى أن عدد الناخبين الإجمالي في الأردن يصل إلى خمسة ملايين ناخب، يشكل الحزبيون منهم 2 بالمائة فقط. ويشكلون واحدا وربع بالمائة من عدد السكان الأردنيين بمن فيهم الأطفال.
وهي نسبة متدنية مقارنة مع المقاييس العالمية، ومع ما يفترض أن تكون عليه وما يتوافق مع الطموحات الحزبية التي لم يتخط حاجز العشرة آلاف عضو سوى اثنين منها، إضافة إلى ائتلاف بين حزبين آخرين وصلا مجتمعين الى هذا الرقم. وهناك حزب واحد تخطى حاجز التسعة آلاف صوت. أما باقي الأحزاب فقد تراوح عدد أعضائها ما بين ألف وما يزيد على ثلاثة آلاف بقليل.
في الصورة الخاصة بالأحزاب والعمل الحزبي، ثمة سؤال يطرح حول أسباب عدم انتساب المنظرين الحزبيين والداعين إلى تعظيم العمل الحزبي إلى الأحزاب القائمة أو تشكيل أحزاب جديدة. وهو السؤال الذي يشمل الكثير ممن اشتركوا في وضع برامج الإصلاح السياسي، ويعترفون صراحة بأنهم لا ينتسبون إلى أي حزب.
والسؤال الذي يطرح هنا قد يتحول ضمنا إلى إجابة بأن هؤلاء ليسوا مقتنعين بالأحزاب ولا بالحزبية. وأنهم لو كانوا على قناعة بها لانتسبوا إليها هم وأنصارهم ولزاد عدد الحزبيين إلى أضعاف هذا العدد. ولارتفعت نسبة الحزبيين من بين الذين يحق لهم الانتخاب.
في النقاش الدائر حول هذا الملف، هناك من يرى أن التصويت للقوائم الحزبية لا يقتصر على الحزبيين فقط، وهذا صحيح غير أن وجهة النظر الأخرى ترى أن من انتسبوا للأحزاب هم الملتزمون أكثر من غيرهم بالتصويت لقوائم أحزابهم. وأن الآخرين ما زالوا مترددين، وأنهم لو كانوا مقتنعين بالعملية لانتسبوا لتلك الأحزاب.
يساعد في ذلك كله أن غالبية الأحزاب لم تكشف عن برامجها التي ستخوض الانتخابات وفقها، حيث يتخوف البعض من سطو أحزاب أخرى على بعض بنود تلك البرامج ونسبها إلى أحزابهم. وأنهم ينتظرون بدء الدعاية الانتخابية للكشف عن برامجهم وإعلانها بتفاصيلها للعامة ومحاورتهم بها.
وفي النقاش أيضا، توقف عميق عند ظاهرة الرشى الحزبية بدفع مبلغ كبير من المال مقابل الترشح في موقع متقدم من القائمة، والتي تغض الحكومة النظر عنها، وسط قراءات لا تستبعد وصول أصحاب ثروات طائلة إلى القبة بأموالهم وتوجيه الدفة نحو مصالحهم.
ومع ذلك كله، فالعملية تجري وفقا لبرنامج أعدته الهيئة المستقلة للانتخاب. حيث ستجري الانتخابات في العاشر من أيلول (سبتمبر) المقبل. بينما تبدأ عملية الترشيح للقوائم الحزبية والمحلية في الثلاثين من تموز(يوليو) الحالي، ولمدة ثلاثة أيام. وتبدأ فترة الدعاية الانتخابية بعدها مباشرة.