بناكل رمل .. أمراض جلدية وتنفسية تنهش أجساد الأطفال في مخيمات النزوح جنوبي غزة

مأساة إنسانية تتكشف في مخيمات النزوح جنوبي قطاع غزة، حيث يعاني الأطفال وطأة الحرب الإسرائيلية المستمرة وتداعياتها الصحية الكارثية.

فبعد مرور 9 أشهر من الحرب على القطاع المحاصر، لا يزال شبح المرض يخيّم على حياة الأطفال الأبرياء، فهم محاصرون بين جدران خيام مكتظة، ويعانون أمراضًا جلدية وتنفسية متفشية، مع ظروف معيشية مزرية ونقص حاد في الرعاية الصحية.

واقع محزن، إذ تصطف الخيام البالية على أرض قاحلة، محاطة بتلال من القمامة.
 
وفي صورة قاتمة الخيام متلاصقة ومكتظة بالأسر النازحة، وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة. ويصف أكوام القمامة المنتشرة، والرمال المتسخة التي تحيط بهم، والحشرات التي تهاجمهم، كل ذلك يفاقم معاناة الأطفال الصحية.


في إحدى الخيام، يلتقي المراسل بأم شابة، تحمل رضيعًا على صدرها، يبدو عليه الإعياء والوهن. تخبرنا والدة الطفل ناصر أبو عودة، بصوت يملؤه الحزن، عن معاناة أطفالها الثلاثة الذين يعانون حمّى شديدة وطفحًا جلديًّا.

وتقول الأم شُوب كثير وصغارنا كلهم مليانين حمّى وحرارة ، وتشير إلى أنها تُجبَر على غسل أجسادهم ثلاث مرات يوميًّا، لكن دون جدوى، فالحرارة والطفح الجلدي لا يزالان يسيطران عليهم.

وتضيف قالوا لي يعني خليه يقعد في مكان بارد وبعيد عن الشوب والمعلبات. زي ما أنت شايف، فشّي حياة فشّي. كل وين ما بدّك تروح شوب خيام، حياتنا كلها شوب وخيام .

وتؤكد الأم المحطَّمة أن عدم توفر الرعاية الصحية والطعام الصحي يفاقم معاناة أطفالها، فأسعار الخضروات والفواكه مرتفعة جدًّا، ولا يستطيعون توفيرها لأطفالهم.

وفي خيمة أخرى، تلتقي الجزيرة مباشر طفلًا يُدعى أحمد أبو روضة، يعاني طفحًا جلديًّا مزمنًا.

تقول والدته النفايات منتشرة في كل مكان هنا، مما يسبب مشاكل صحية للأطفال. الحر الشديد ونقص الأطعمة الصحية يزيدان من صعوبة الوضع. ابني يعاني من الصفار بسبب التعرض المستمر للشمس والحر. الأطباء نصحوني أن أجعله يبقى في مكان بارد وبعيد عن الشمس، وأن أوفر له طعامًا صحيًّا، ولكن كما ترى، الظروف هنا صعبة للغاية، حيث لا توجد حياة طبيعية. حتى عندما دخلنا إلى هذا المكان، كانت النفايات تحيط بالخيام. هذا الوضع بالتأكيد يؤثر على صحة الجميع، الأطفال خاصة .

وتشير الأم إلى أن أطفالها يلعبون على الرمال، وينامون عليها، ويأكلون منها، وهو ما يفاقم مشاكلهم الصحية، وتضيف صاروا يأكلون رمل. بناكل رمل. حياتنا رمل. قد ما بتنضّف، ما بتقدر تنضّف من الرمل، لأنك أنت عايش على رمل. أولادك بيمشوا ويخبطوا على الرمل بالفراش. وكل هذا من الحرارة ومن الرمل كمان .


وناشدوا المراسلون المؤسسات والمنظمات الدولية للنظر في هذه المأساة الإنسانية، والتدخل لإنقاذ أطفال غزة من شبح المرض الذي يلاحقهم.

ويحذر من أن استمرار الوضع على ما هو عليه، سيؤدي إلى كارثة صحية حقيقية، تهدد حياة عشرات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون في ظروف لا تُطاق.