دروس وعبر ...خلّفها الربيع العربي


لم يكن يخطر في بال احد بزوغ فجر جديد على منطقة الشرق الاوسط محورالاستقرار والنشاط السياسي والاقتصادي العالمي لا سيما بعد حالة الاحباط التي سادت المنطقة عقب احتلال العراق وسقوط رمز من رموز العزة والقومية العربية الشهيد البطل صدام حسين ....

ودخلت المنطقة العربية في حالة سبات عميق ويأس شديد...وتحول المزاج العام لدى الشعوب العربية من ثقافة القومية والوحدة العربية الى ثقافة القومية المحلية والوطنية...وهذا في اعتقادي احد اهم الاسباب التي ادت الى ارساء قواعد الثورات الشعبية والربيع العربي.....

وبعد انطلاق الشرارة الاولى من تونس وانتقالها الى باقي الدول العربية والتي غيّرت الخارطة السياسية للمنطقة بأسرها بما حملت من سقوط لرموز وقواعد كان اهمها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك والذي شكّل وجوده على رأس الهرم المصري ومن ورائه الهرم العربي ضمانة لا تعوّض لاستقرار وانسيابية الاجندة الامريكية والاسرائيلية في المنطقة العربية

وهذه الخسارة الكبرى والجسيمة للولايات المتحدة الامريكية جعلها تسارع الى احتواء الوضع من خلال التناغم والانسجام مع مطالب الشعوب العربية ثم مسايرة هذه الموجة وصولا الى ركوبها والتحكم بها من خلال حلفاء كانوا اصغر حجما واقل شأناً في السابق من ان يتولوا مهمة يد امريكا في المنطقة!!!!!!!!!!!!

هذا باختصار شديد خلاصة ما قبل الربيع العربي وما بعده .....ولان الحكمة والعبرة هي ضالة المؤمن فلا بد من ان نستعرض بعضاً من اهم العبر والدروس التي خلّفها قطار الحرية حينما شق طريقه من تونس وتوقف في القاهرة ليسير بعد ذلك على سكة حديدية صنعت خصيصا له وبالشكل الذي يراه البيت الابيض مناسباً.

واما اولى هذه الدروس والعبر فلقد تمثلت في زئبقية المبادئ والقيم لدى الكثير من التيارات والاحزاب السياسية في المنطقة العربية وخصوصا الاحزاب الاسلامية والتي لطالما كانت تتأسى وتتألم على تعامل الانظمة الحاكمة مع قوى الشر والاستعمار والامبريالية وطالما اشبعتنا نواحاً وعويلاً على الاقصى المغتصب وفلسطين الاسيرة ...وها هي اليوم وبعد ان تبوئت عرش السلطة في بعض الدول او في طريقها اليه نراها قد اغرقت في الاعتدال والتناعم مع اللحن الامريكي بل والتحالف مع الغرب في سبيل نشر الحرية المبرمجة ونصرة المظلومين وهيئت الفتاوى وجيشت المقاتلين لمعارك يخوضها الغرب بأدواته ووسائله... فاصبحت في خندق واحد مع من كانت وحتى الامس القريب تعتبر مجرد مصافحته او الحوار معه شبهة خيانة للامة والدين...ولم تقتصر زئبقية المبادئ والقيم على تلك التيارات والاحزاب بل تعدتها الى بعض الانظمة الحاكمة والتي اصبحت تجاهر في انقلابها على القيم والمحرمات فكثير من الدول قدمت اولوية العداء للشيعة على اسرائيل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

واما ثاني هذه الدروس والعبر فلقد مثّّلته قاعدة ان المال هو من يصنع الرجال وليس العكس ...ولا يخفى على احد في هذه الايام صنائع المال من ارذال الرجال والذين كانوا اقزاماً واصبحوا عمالقة.

واما ثالث هذه الدروس والعبر فهو القدرة الخارقة لأهم الفضائيات العربية على قلب الحقائق وتزييف الوقائع فأنقلب دورها من ناقل امين للحقيقة الى صانع للسياسة و للرأي العام ووسيلة قذرة للتزوير والغبن ينطبق عليها قول الشاعر جرير:

اذا غضبت عليك بنو تميم .......حسبت الناس كلهم غضابا

وكأن جرير يقول اليوم:

اذا غضبت عليك الفضائيات.....حسبت الناس كلهم غضابا


ليست هذه كل العبر بل جلها....وليس مانراه فيضها بل غيض من غيظها


قيس عمر المعيش العجارمه

المملكة الاردنية الهاشمية