اخبار البلد_ تلكؤ
رجالات الدولة وصمتهم عن طرح روايتهم ترك المجال واسعا للرواية الواحدة
وفتح الباب للمخيال الشعبي ليرسم صوراً على حجم الشائعة وقياسها , واطلق
العنان لصالونات النميمة كي تضيف او تنتقص بحسب المودة والدعم وبحسب
التبعية ومقتضى الأمر .
الخاسر الأكبر صدقية الدولة ومكوناتها ,
وإضعاف صوت العقل عند المراقبين الذين انحسرت معلوماتهم برواية غالبا ما
تكون واحدة ومغلفة بالدموع واللطميات على مقدرات الوطن والدولة , ومسنودة
بذاكرة مثقوبة وسلوك غير حسن لرجالات الدولة ومستوى معيشتهم قبل المنصب
وبعده .
أول أمس خطا د. معروف البخيت خطوة جبّارة بكسر حاجز المألوف
وهو يدلي بروايته حيال الفوسفات , رواية موازية ومناقضة لرواية اللجنة
النيابية والتي -ان صحّت اتهامات البخيت وفريقه الوزاري لها- تضعنا امام
حالة تضليل كبرى وإفساد للرأي العام يتطلب فتح تحقيق وطني, لما قدمته
اللجنة النيابية وما اغفلته , لأن محصلة قرار اللجنة , فتح جرحا نازفا في
خاصرة الدولة الاقتصادية , ينزف كل يوم جمعة وكل مسيرة , بل واثار الحراكات
الشعبية ورفع من سقف شعارها , بعد ان لجأت اللجنة الى الدموع كي تستدر عطف
الشارع على اموال الوطن المنهوبة , رغم ان صدقية النواب بمجملها تحت الصفر
بخاصة بعد قرار الجوازات الحمراء والتقاعد السخي .
خطوة البخيت
وفريقه, فتحت الباب واسعا لرواية ثانية وثالثة في قضايا شائكة , مثل قضية
الكازينو التي جرى تضخيمها وألبت الشارع رغم معلومات مؤكدة بأن الدولة لم
تتكلف للآن فلسا واحدا حيال الملف, والمطلوب لإقفاله 700 الف دولار اتعاب
محاماة , وقصة المليارات وغيرها من ارقام واراض قصة نكايات نخب سياسية
وتأليبات بين اصحاب المواقع والنفوذ الرسمية ,
اسفرت عن الإساءة
لصورة الدولة والبيئة الاستثمارية فيها ومنحت الخصوم في الخارج فرصة ذهبية
لهبش الأردن ونظامه ولتطفيش المستثمرين , ورفعت منسوب الغضب الداخلي وساهمت
بإعلاء الغضب والعتب ورفع السقوف .
ما فعله البخيت وفريقه الوزاري
انهم وضعوا بأيدي المراقبين رواية ثانية , قابلة للنقد والضحك والتصديق
ايضا, بخاصة ان كاتبها محام ووزير برأته لجنة التحقيق النيابية في متن
تقريرها قبل ان تطالب بتحويله للمحكمة في نهاية التقرير واعني المحامي شريف
الزعبي .
تضخيم ايقاع الطبلة في سحجة الفساد , يعني اننا أمام حروب
وهمية تهدف الى خلط الاوراق وإظهار الجميع بصورة الفاسد , وتضعف الحرب
الجادة على الفساد , فالجميع فاسد والجميع متهم الى أن يثبت العكس , والعكس
في ظل الحرب الهوجائية لا يمكن ان يثبت , فالتهمة تعني التجريم والبراءة
تعني فساد جديد .
معظم المراقبين والسياسيين يعرفون ان البخيت نزيه
ونظيف ماليا , والخلاف على مقدار ومنسوب الولاية العامة في حكومته الأولى
وليس على نزاهة الرجل ونظافته المالية, ومع ذلك وقع الرجل تحت القصف من
جموع الخصوم ومن مجاميع الفاسدين , وقد منح البخيت بصمته الاسلحة لخصومه
كما منح آخرين اسلحة لبطئه في القرار وانحيازه للون سياسي على حساب ألوان
اخرى .
قضية الفوسفات يجب الا تطوى , ويجب فتحها من جديد في ظل
رواية البخيت وفريقه , فثمة طرف قد ضلل الرأي العام , على القضاء ان يراجع
بيان البخيت وبيان اللجنة وحسم الأمر , وهذا لمصلحة البلاد والعباد ولمصلحة
الصورة الكلية للأردن وبيئته الاستثمارية .