مكاسب الدولار ومخاوف الشركات العاملة بالخارج في حال فوز ترامب

أثارت المناظرة التي جرت قبل أسبوعين تقريباً بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه الجمهوري المحتمل الرئيس السابق دونالد ترامب مخاوف الكثيرين من عودة الأخير إلى البيت الأبيض، نظراً لما قد يسببه ذلك من تداعيات على سعر الدولار مقابل العملات الرئيسية، كما على أسواق الأسهم الأميركية، خاصة في ظل ما هو معروف من تفضيل الرئيس السابق للسياسات الانعزالية والحمائية، تحت شعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

 

ورغم تراجعه مؤخراً على خلفية نتائج الانتخابات، وعودة اليسار غير المتوقعة في فرنسا، شهد الدولار الأميركي صيفاً قوياً بشكل ملحوظ، حيث أصبح أقوى بنحو 13% مقابل مجموعة من عملات الاقتصادات الكبرى، وفقاً لمؤشر خاص ببنك الاحتياط الفيدرالي، مقارنة بما كان عليه في عام 2021، قبل أن يبدأ البنك الفيدرالي حملة رفع أسعار الفائدة الأقوى في أكثر من عقدين.

 

ويعد ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى خبراً رائعاً بالنسبة للسياح الأميركيين الذين يخططون للقيام برحلات إلى الخارج هذا العام، ولكنه ليس من الأخبار السعيدة بالنسبة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات التي تشكل أغلبية مؤشر ستاندرد آند بورز 500، والتي تكون لها أعمال، ومن ثم إيرادات، بالعملات الأخرى، مما ينبغي تحويله إلى دولار في نهاية المطاف.

 

وبعد أن أظهرت نتائج متفاوتة معظم فترات النصف الأول من العام، تحولت استطلاعات الرأي الرئاسية الأخيرة لصالح الرئيس السابق على حساب الرئيس الحالي. وإذا جرت ترجمة تقدم ترامب في استطلاعات الرأي إلى فوز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، فمن المرجح أن يعني ذلك الحفاظ على التخفيضات الضريبية، وزيادة التعريفات الجمركية، أو توسيعها. وخلال المناظرات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي، أكد ترامب مجدداً رغبته في فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات، وهو ما يرجح عودة التضخم في الاقتصاد الأكبر في العالم إلى الارتفاع، ويزيد من الشكوك في موعد بدء دورة جديدة لخفض الفائدة، ستكون الأولى منذ عام الجائحة.

 

وفي مذكرة نشرتها، أمس الاثنين، كتبت ليزا شاليت، مدير الاستثمار العالمي في مورغان ستانلي لإدارة الثروات: "بعد تباين نتائج استطلاعات الرأي خلال أغلب فترات الأشهر القليلة الماضية، مالت الاستطلاعات بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية بشكل حاسم لصالح فوز الجمهوريين، وبدأت الأسواق التي تجاهلت الخطاب السياسي لفترات مطولة في التعامل مع احتمالات وصول ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى، وهو ما ظهرت علاماته في التقلبات الكبيرة في معدلات العائد المطلوبة على سندات الخزانة الأميركية".

 

 

الرئيس الأميركي جو بايدن - أطلانطا/ولاية جورجيا الأميركية 27 يونيو 2024 (Getty)

اقتصاد دولي

ماذا يفعل مانحو بايدن بعد أدائه الضعيف في المناظرة؟

وقالت: "بينما استمرت الأسهم في الارتفاع، سيحتاج مستثمرو الأسهم في نهاية المطاف إلى التعامل مع العواقب المحتملة للسياسات المقترحة التي تتضمن ثلاثة متغيرات حاسمة، تشمل التخفيضات الضريبية والتعريفات الجمركية والحدود المغلقة". وتشير تقديرات أبحاث بنك مورغان ستانلي إلى أن توسيع التخفيضات الضريبية التي جرى تقديمها في 2017 من شأنه أن يزيد العجز بشكل حاد، مما يدفع الدولار إلى الارتفاع، بسبب توقعات الإبقاء على معدلات الفائدة الرئيسية المرتفعة.

 

وكانت هناك أسباب أخرى قد دفعت الدولار إلى الارتفاع مقابل العملات الأخرى، حيث شهدت بعض الاقتصادات الأوروبية والآسيوية نمواً ضعيفاً، وكان الاقتصاد الأميركي مرناً نسبياً بسبب ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، في حين انزلقت منطقة اليورو إلى الركود وعانت الصين واليابان من نكسات اقتصادية. وقال لويس نافيلييه، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس شركة Navellier & Associates لشبكة سي أن أن الإخبارية: "لقد كان الدولار قوياً بشكل مثير للدهشة حيث قادت الولايات المتحدة انتعاشاً اقتصادياً عالمياً، رغم أن ذلك يأتي مع تداعيات محتملة. ويمكن للدولار القوي أن يعوق الشركات متعددة الجنسيات، مثل الأسهم الكبيرة التي تهيمن على مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومع ذلك، فإن الشركات الأصغر حجماً والأكثر محلية تستعد للازدهار".

 

وقال إنه في حين أن التوقعات لأرباح الربع الثاني، التي يبدأ الإعلان عنها بشكل جدي يوم الجمعة، لا تزال مرتفعة، فقد يكون هناك بعض التشاؤم بشأن الدعوات حول ما يمكن أن يعنيه الدولار القوي في المستقبل. وأشار إلى أن الدولار القوي يجعل الصادرات الأميركية أكثر تكلفة ويقلل من أرباح الشركات الأميركية العاملة في الخارج عندما يتم تحويل الأرباح مرة أخرى إلى الدولار. وأكد أيضاً أن ذلك يكون له تبعاته على المنافسة مع الواردات الأرخص. ورغم أن الدولار القوي يعمل على خفض تكاليف المواد الخام المستوردة، فإنه من الممكن أن يؤدي إلى زيادة التضخم والإضرار بالاستثمارات الأجنبية، وفقاً لنافيلييه.