سقوط 24 آذار


شذوذ الأهداف الحقيقية لشباب 24 آذار وانحرافهم عن الأعراف الديمقراطية الأردنية أدي إلى هذا السقوط المتوقع الذي شهدناه على دوار الداخلية ،وكشف عنه عددهم المحدود وتقلصهم الواضح في محيط الدوار أثناء محاولة إحياء الذكرى السنوية لاعتصامهم الأول .ويعتقد إن عدد هم لم يتجاوز العشرات ،بينما الأغلبية كانوا رجال امن بلباس مدني وفضوليين وعابري سبيل ومؤيدين من تيارات أخرى.
اثبت هذا الظهور المتضائل صحة المعلومات التي تؤكد انفراط عقد الائتلاف ،وتخلى اغلب الأعضاء والداعمين له لدوافع ذاتية لعدم انسجام أفكارهم وبرامجهم مع حركة الإصلاح الوطنية التي تجري في الساحة الأردنية منذ أكثر من عام ،وقد فسرت المحاولة على أنها عملية تحرش بالأجهزة الأمنية لإثارة الفتنة وليس أحياءا للذكرى المزعومة .
هذا هو السبب الفعلي المباشر وليس بفعل كثافة التواجد الأمني لان حجم القوة الأمنية لم يزد عن العام الماضي ورغم ذلك حضر المئات ونفذوا الاعتصام.
أما المقدمات التي أفضت إلى هذه النتيجة فقد ارتبطت بأفكار الحركة وبرامجها التي لم تكن مقنعة ،وفشلت في استقطاب الشباب لأنها ولدت مشوهه ولم يكتب لها النمو ،فوقعت مبكرا في فخ الوعي الأردني المتمرس في التجربة الديمقراطية المتراكمة منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ،التي منحت الأردني القدرة على تمييز الغث من السمين ،ومكنته من إحباط اغلب محاولات أعداء الداخل والخارج الممتدة للنيل من أمنه واستقراره ووحدته الوطنية.
تشكيلة الحركة كانت خفيفة وخلت من الكبار ومن الشخصيات ذات الوزن القيادي السياسي والاجتماعي الثقيل. ويقول الذين تفحصوا أطروحات الحركة أنها لم تكن أصيلة أو أردنية المنشأ ،وكانت نتيجة لارتدادات اضطراب الواقع العربي ،وقيموا برنامجها على أنها انفعالية ومقلدة وصيغت على عجل ،فجاءت المطالب المعلنة سطحية وخيالية يصعب ترجمتها الى ارض الواقع ،وتمحورت حول شعار (كرامة الإنسان أصل الحياة البشرية ) ،وهي مقولة تصلح كخاطرة ولم تتولد عنها طاقة فكرية كافية لتشغيل الحركة ،ولا يمكن ان تشكل رسالة او رؤية سياسية لمعالجة السلبيات الوطنية .
غربال الحراك الوطني اسقط سريعا عوالق النوبات العدوانية للتجمعات الصغيرة التي فاتها العودة (لقرمية )التكوين الأردني وفهم أهمية البعد الهاشمي فيه فهوت سريعا ولم يكتب لها النجاح .fayz.shbikat@yahoo.com
رئيس الشبكة الأردنية للأمن الاجتماعي