الأثرياء يهجرونها والميزانية تعاني من عجز تاريخي.. الاقتصاد الإسرائيلي يواجه أزمات غير مسبوقة
لم تكن إسرائيل في أي وقت معرضة لمجموعة المخاطر والأزمات غير التقليدية، حتى مع دخولها أية حروب إقليمية، إلا أن الحرب على قطاع غزة، أوجدت أزمات اقتصادية "غير تقليدية". ولأول مرة منذ عدة عقود، يغادر عدد أكبر من المهاجرين الأثرياء إسرائيل، مقارنة بالقادمين إليها، وفقاً لتقرير هجرة الثروات الخاصة.
وتعطل الاقتصاد الإسرائيلي وتكبد خسائر فادحة، حيث أظهرت معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثرمن 270 مليار شيكل (73 مليار دولار).
وتشير تقديرات البنك المركزي إلى أن تكلفة الحرب وحدها في غزة مع احتياجات الجيش٬ ستصل إلىنحو 67 مليار دولارحتى نهاية العام، أو ما يقرب من 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 لأول مرة منذ ثماني سنوات، وفقاً لصندوق النقد الدولي، فيما تقول الحكومة الإسرائيلية إنها في طريقها إلى تسجيل أكبر عجز في ميزانيتها هذا القرن خلال العام 2024.
إسرائيل تخرج من تصنيفات هجرة الثروات الخاصة لعام 2024
أظهر تقرير إسرائيلي الأسبوع الماضي، خروج إسرائيل من تصنيفات هجرة الثروات الخاصة لعام 2024 التي نشرتها شركة الاستشارات الاستثمارية Henley & Partners المتخصصة في الإقامة والجنسية الدولية.
وفي كل عام، تسرد الشركة 20 دولة استوعبت أكبر عدد من الأثرياء؛ ففي العام الماضي، احتلت إسرائيل المرتبة الثانية عشرة مع 600 شخص ثري إضافي يعيشون في البلاد؛ بينما احتلت المرتبة الثامنة في عام 2022.
يقول تقرير هجرة الثروات: "في انقلاب للأحوال، يكشف التقرير أن إسرائيل خرجت من قائمة أكبر تدفقات الأموال لأول مرة في عام 2024.. ويمثل هذا تحولاً كبيراً".
وبالعودة إلى تاريخ التقرير المستمر منذ قرابة 50 عاماً، احتلت إسرائيل المرتبة العاشرة بين أفضل الوجهات لمهاجري المليونيرات لعدة عقود، كمرتبة متوسطة.
ويعني ذلك، أن الحرب دفعت عدداً أقل من المستثمرين الأثرياء الذين أبدوا اهتماماً بالاستقرار في البلاد، لكن ما حصل أن شريحة واسعة من المستثمرين، نقلوا رؤوس أموالهم إلى أماكن أخرى أكثر أماناً.
وتعرف شركة هنلي الشخص الثري، بأنه شخص لديه أصول سائلة تزيد عن مليون دولار. واحتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الأول في القائمة، حيث اجتذبت 6700 مهاجر من أصحاب الأموال خلال العام الماضي. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، حيث اجتذبت 3800 مهاجر.
قيود على التأشيرة الأمريكية للإسرائيليين
يقول تقرير لوكالة الأناضول٬ إن من الأزمات التي واجهت إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة، هو أن الولايات المتحدة -الحليف الأكبر لإسرائيل- قيدت دخول رجال الأعمال الإسرائيليين إلى أراضيها.
وبحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، إن المقابلات التي تتم مع إسرائيليين للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، تظهر قيوداً وأسئلة حساسة حول انتسابهم للجيش.
ويعني ذلك، أن رجال الأعمال الإسرائيليين، أمام مخاطر تأثر أعمالهم في السوق الأمريكية، والتي تعد الحديقة الخلفية للاقتصاد الإسرائيلية بالنسبة لهم.
ونقلت الصحيفة عن رجال أعمال قولهم، إن المقابلات التي تجريها مكاتب الهجرة والقنصليات، تظهر أن الأسئلة وكأنها صادرة عن محكمة الجنايات الدولية، وليس عن قنصلية.
تقول الصحيفة: "يبدو أن السبب وراء ذلك هو الحرب في غزة، حيث يتم التحقيق مع بعض الإسرائيليين المتقدمين بطلبات للإقامة، حول ما إذا كانوا قد خدموا في الجيش الإسرائيلي وطبيعة خدمتهم السابقة".
وزادت: "بحسب تحقيق صحفي أجريناه، فإن الولايات المتحدة تسأل الإسرائيليين المتقدمين للحصول على البطاقة الخضراء عما إذا كانوا قد ارتكبوا جرائم حرب".
وخلص التحقيق إلى أن "المتقدمين الإسرائيليين للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة أصبحوا يخضعون حالياً لتحقيق معمق فيما يتعلق بخدمتهم في الجيش، بما في ذلك مهارات استخدام الأسلحة والمتفجرات".
"قادة التكنولوجيا" يريدون التغيير
وبعد إحباطهم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يفكر بعض قادة الأعمال الإسرائيليين في دخول السياسة، بحسب مخرجات منتدى اقتصادي نقلت تفاصيله وكالة "بلومبرغ".
ودعا المنتدى الذي يضم أكبر 200 من قادة الأعمال في إسرائيل، الأسبوع الماضي، إلى إجراء انتخابات مبكرة "لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة".
ووفق مسح للأناضول لبيانات المشاركين في المنتدى، فإن نصف الشركات المدرجة في مؤشر بورصة تل أبيب TA-35 ممثلة فيه، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لأربعة أكبر البنوك (هبوعليم، ليئومي، ديسكونت، مزراحي).
ومن بين الذين حضروا المناقشات والذين قيل إنهم يفكرون في دور سياسي من داخل عالم التكنولوجيا، كيمي بيريز من بيتانجو، نجل الرئيس السابق شمعون بيريز.
كذلك، من بين الأسماء، الرئيسة التنفيذية لشركة بابايا جلوبال إينات جيز؛ وإزهار شاي، شريك في شركة رأس المال الاستثماري Disruptive AI؛ وهو وزير علوم سابق قُتل ابنه الجندي أيضا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتسببت الحرب في إجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال -حوالي 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم- حيث تم إيواؤهم في 438 فندقاً ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.4 مليار شيكل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الإسرائيلية.
وبمرور نصف عام على الحرب يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية، وذلك مع استمرار الارتفاع في كلفة الحرب وتداعياتها على الموازنة العامة لإسرائيل، التي تعاني عجزاً بقيمة 6.6% من الناتج المحلي، بحسب ما أفاد تقرير بنك إسرائيل في نيسان/أبريل الماضي.