مشاهد الأسرى من الجانبين تؤكد انتصار المقاومة على الاحتلال حتى في معركة الأخلاق

أماط ملف الأسرى الإسرائيليين - الذي لم يطوَ بعد- اللثام عن فوارق أخلاقية وإنسانية بين المقاومة الفلسطينية، التي أثبتت حسن معاملتها لمن بين يديها من الأسرى، مقابل الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق من تعتقلهم من الفلسطينيين.

وبدأت المقارنة في المعاملة بين الجانبين مبكرا، عندما توصل الطرفان إلى هدنة مؤقتة شملت تبادلا للأسرى، حين ظهر الإسرائيليون الخارجون من قطاع غزة وهم يتبادلون التحايا والابتسامات وتلويحات الوداع مع مقاتلي المقاومة.

واجتاحت مشاهد بعض أولئك الأسرى مواقع التواصل، نظرا لما حملته من شعور بالأمن بل وبألم الفراق في بعض الأحيان، كما حدث مع الأسيرة مايا ريجيف التي ودعت مقاتلا من كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- بقولها: "شكرا" مصحوبة بنظرة غزت التعليقات عليها مواقع التواصل في غضون ساعات.

وعلى مدى أيام الهدنة، تابع العالم كله صور الأسرى الإسرائيليين الذين عادوا سالمين إلى بيوتهم، ثم أكدت تقارير المستشفيات الإسرائيلية سلامتهم النفسية والجسدية قبل أن يؤكد بعض الأسرى بأنفسهم أنهم كانوا يعامَلون باحترام وإنسانية.

الأسرى يشهدون للمقاومة

فقد خرجت الأسيرة المسنّة يوخباد ليفشتس -في مؤتمر صحفي بعد عودتها لإسرائيل- مؤكدة أن الأسرى تلقوا معاملة جيدة، وأن المقاومة كانت تهتم بكل التفاصيل، ووفرت نساء لمرافقة الأسيرات، حتى إنها كانت تحضر للمرضى منهم الأدوية التي يحتاجون إليها.

وسببت هذه الشهادات إزعاجا لحكومة الحرب الإسرائيلية كونها تعزز تفوق المقاومة أخلاقيا على جيش يصر قادته العسكريون والسياسيون على وصفه بأنه "الأكثر أخلاقية في العالم" رغم مناقضة الواقع تماما لهذا الوصف، وهو ما دفعها لحظر إدلاء الأسرى العائدين بأي تصريحات وألزمتهم بالمكث في المستشفيات حتى العودة إلى ذويهم.

في المقابل، كان الأسرى الفلسطينيون يتعرضون لكل صنوف التنكيل داخل سجون الاحتلال وخارجها، وقد شكلت حالة الأسير الفلسطيني المحرر فاروق الخطيب صورة قاتمة عن سوء معاملة الإسرائيليين للأسرى حيث استشهد بعد أيام قليلة من تحريره نتيجة إصابته بالسرطان ومنعه من تلقي العلاج لفترة طويلة، وهو السبب نفسه الذي أدّى لاستشهاد الأسير وليد دقة داخل المعتقل.

وجاءت المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم النصيرات وسط غزة خلال قيامها باستعادة 4 أسرى لتؤكد الفوارق الكبيرة بين الجانبين في الناحية الأخلاقية، حيث قتل الإسرائيليون قرابة 300 فلسطيني وأصابوا 400 آخرين وخلّفوا دمارا واسعا في المكان بينما ظهرت الأسيرة العائدة نوعا أرغاماني ضاحكة سليمة تماما بعد 9 أشهر قضتها في الأسر.

وأثارت الحالة الصحية والنفسية الممتازة لأرغاماني فضول إحدى مذيعات القناة الـ12 الإسرائيلية ودفعتها للقول "إنها تبدو أكثر أناقة منها"، مما دفع القناة لإنهاء خدمات المذيعة.

أما في غزة، فإن المعتقلين يعودون من مراكز الاعتقال الإسرائيلية وقد تحولوا إلى هياكل عظمية جراء التعذيب والتجويع، فضلا عن فقدان بعضهم أطرافهم بسبب البقاء في القيود شهورا طويلة.

وربما يكون مظهر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الأسبق عزيز الدويك قبل اعتقاله وبعد الإفراج عنه دليلا دامغا على السقوط الإنساني لقوة الاحتلال التي تؤكد الأحداث حقيقة أنها فوق القانون ودون الأخلاق.