بعد الدكتور البرش.. استشهاد الدكتور الرنتيسي من غزة جراء التعذيب في السجون الصهيونية

بعد أكثر من سبعة أشهر على اغتياله بالتعذيب، كشف النقاب عن استشهاد الدكتور إياد الرنتيسي جراء التعذيب في السجون الصهيونية.

ستة أيام فقط بين اعتقال الدكتور الرنتيسي وبين اغتياله بالتعذيب، وبقي ذلك طي الكتمان كما هو الأمر مع باقي آلاف المعتقلين الفلسطينين.

دينة ابنة الشهيد أعلنت عبر حسابها على موقع إكس، استشهاد والدها، وكتبت في تدوينة، مساء الثلاثاء بُعَيد كشف صحيفة هآرتس الخبر، "بكلّ فخر واعتزاز، أزفّ إليكم خبر استشهاد حبيب الفؤاد، والدي الدكتور إياد الرنتيسي”.

وقد ضمّنت تدوينتها قلباً مفطوراً وصورتَين تظهران والدها منهمكاً في غرفة عمليات. وقبل هذه التدوينة، كانت دينة قد نشرت، يوم السبت الماضي في 15 يونيو/ حزيران الجاري الموافق يوم وقفة عرفة، تدوينتَين جاء فيهما "لطفاً ما تنسوا الدعاء لـ بابا وكلّ الأسرى في هذا اليوم الفضيل”، و”يعني خلص كمان هاد العيد بدون بابا!”.

ووفق صحيفة هآرتس العبرية؛ فإن الدكتور إياد الرنتيسي استشهد في مركز تحقيق إسرائيلي تابع لجهاز الأمن الداخلي "الشاباك” في عسقلان، بعد ستّة أيام من اعتقاله في قطاع غزة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

والرنتيسي -53 عاماً- كان يدير قسم الأمراض النسائية والتوليد في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

وفي التفاصيل التي أوردتها صحيفة هآرتس، اعتُقل الطبيب البارز إياد الرنتيسي في 11 نوفمبر 2023، لتُعلَن وفاته بعد ستّة أيام في سجن شيكما بمدينة عسقلان في الأراضي المحتلة عام 1948.

وبعد استشهاد الرنتيسي، أصدرت ما يسمى "محكمة الصلح” في عسقلان أمر حظر نشر خبر وفاته لمدّة ستة أشهر، بالإضافة إلى كلّ ما يتعلّق بهذه القضية، بما في ذلك أمر حظر النشر. يُذكر أنّ صلاحية الأمر الإسرائيلي انتهت في مايو/ أيار الماضي.⁠

مدير مستشفى كمال عدوان، الطبيب حسام أبو صفية، أكد أنّ الاحتلال اعتقل زميله إياد الرنتيسي عند حاجز عسكري أثناء محاولته الانتقال من شمال غزة إلى الجنوب، بعدما أمر جيش الاحتلال بتهجير سكان غزة وشمالها في إطار الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأضاف أبو صفية أنّه لم يتلقَّ هو ولا عائلة الطبيب الرنتيسي أيّ معلومات عن مصيره، بعد ذلك.

والدكتور إياد الرنتيسي الطبيب الثاني من قطاع غزة إلى جانب عدنان البرش اللذَين تعلن سلطات الاحتلال عن استشهادهما في معتقلاتها، ولا يُعلَم كم من الحالات المشابهة سوف تظهر قريباً أو بعد مدّة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي: إن إعدام الاحتلال "الإسرائيلي” للدكتور الطبيب إياد الرنتيسي داخل السجون جريمة مُروّعة تستوجب تحقيقاً دولياً، مطالبا بالإفراج عن 310 من الكوادر الطبية يتعرضون للتعذيب.

وأضاف: بمزيد من الحزن والألم تلقينا نبأ إعدام الاحتلال "الإسرائيلي” للدكتور الطبيب إياد الرنتيسي رئيس قسم الولادة بمستشفى كمال عدوان داخل سجون الاحتلال تحت التعذيب، حيث تم اعتقاله منذ شهور واقتياده إلى زنازين معتقلات الاحتلال ثم تم إعدامه.

وأفادت التقارير الأولية الواردة حول الشهيد الطبيب د. إياد الرنتيسي بأن الاحتلال أعدمه من خلال قوة سجانين "إسرائيلية” حيث عرّضته للتعذيب بالصعق بالكهرباء وممارسة أشكال مختلفة من التعذيب بحقه، مما أدى إلى استشهاده منذ شهور ولكن الاحتلال تكتّم على استشهاده، ولم يعلن عن جريمته الوحشية.

وأشار المكتب الإعلامي إلى أن هذه الجريمة تُذكرنا بجريمة سابقة أعدم الاحتلال خلالها الدكتور الطبيب عدنان البرش داخل السجون بعد تعريضه للتعذيب بشكل ممنهج، كما وتذكرنا بجريمة إعدام الاحتلال لـ499 من الكوادر الطبية، وكذلك جريمة الاحتلال باعتقال 310 كادراً طبياً يتعرضون للتعذيب الشديد داخل السجون في إطار إبادتهم وإعدامهم أمام صمت دولي فظيع وغير مسبوق.

وحمّل الاحتلال "الإسرائيلي” والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة الطواقم الطبية سواء تلك التي مازال يعتقلها جيش الاحتلال أو العاملين في المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة.

وطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية القانونية للكوادر الطبية الفلسطينية والسماح لها بالعمل بحرية خلال أوقات الحرب دون تخويف من الاعتقال ودون تهديد بالقتل والاغتيال طبقاً لاتفاقية جنيف الرابعة ومراعاة للمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية.

ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والدولية إلى فتح تحقيق دولي في جرائم اعتقال وإعدام الكوادر الطبية الفلسطينية على يد الاحتلال "الإسرائيلي”، وعلى رأسهم قضيتي إعدام الطبيبين إياد الرنتيسي وعدنان البرش، وإحالة المجرمين المتورطين في هذه الجرائم إلى المحاكم الدولية لمحاكمتهم.

كما دعا المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية والإنسانية والحقوقية للضغط على الاحتلال "الإسرائيلي” للإفراج العاجل عن جميع الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي الفلسطيني بشكل فوري وعاجل ودون مماطلة.

وأعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني في بيان مشترك مطلع مايو/أيار الماضي استشهاد معتقلين اثنين من قطاع غزة، أحدهما الطبيب عدنان البرش (50 عاما) رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء.

واتهم بيان مشترك الاحتلال بتنفيذ عملية اغتيال متعمدة بحق الطبيب البرش، مضيفا أن جيش الاحتلال اعتقل الطبيب عدنان البرش في ديسمبر/كانون الأول الماضي أثناء وجوده في مستشفى العودة مع مجموعة من الأطباء.

ووفق الشؤون المدنية الفلسطينية؛ فإن البرش استُشهد في سجن عوفر (قرب رام الله بالضفة الغربية المحتلة) في 19 أبريل/نيسان الماضي، ولا يزال جثمانه محتجزا، وكان قد تعرض لإصابة خلال وجوده في المستشفى الإندونيسي قبل نحو 5 أشهر.

وفي وقت سابق، نشر موقع إنترسبت تقريرا يسلط الضوء على محنة الأطباء الفلسطينيين في غزة، ويشير التقرير إلى أن مئات من أعضاء الأطقم الطبية في غزة استشهدوا أو تعرضوا للاعتقال والتعذيب الجسدي.

واعتقلت قوات الاحتلال آلاف المعتقلين من قطاع غزة ولا تزال تخفيهم قسرًا، وأخضعتهم لتعذيب وحشي، وقد استشهد العشرات منهم وفق ما ذكرته وسائل إعلام عبرية.

وكشفت هآرتس عن استشهاد 36 معتقلا فلسطينيا "سدي تيمان” وشهيدين بمركز اعتقال عناتوت إضافة إلى استشهاد شخصين في الطريق إلى مركز الاعتقال. ولا تشمل هذه الأرقام الفلسطينيين من غزة الذين توفوا بمراكز الاحتجاز التي تديرها إدارة السجون الإسرائيلية.