شراكة اقتصادية وتوافق سياسي.. أردوغان يزور إسبانيا لأول مرة بعد اعترافها بفلسطين

يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بداية من اليوم الأربعاء العاصمة الإسبانية مدريد، في إطار زيارة رسمية تمتد ليومين، قبل التوجه إلى إيطاليا لحضور قمة مجموعة السبع.

 

وسيلتقي أردوغان بملك إسبانيا فيليب السادس ورئيس الوزراء الإسباني يدرو سانشيز، ومن المقرر أن يبحث الجانبان التطورات الدولية وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها.



وتأتي زيارة الرئيس التركي إلى مدريد بعد إعلان الحكومة الإسبانية اعترافها رسميا بالدولة الفلسطينية في 28 مايو/أيار الماضي.

وخلال اتصال هاتفي سابق مع رئيس الوزراء الإسباني ثمّن أردوغان قرار إسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الخطوة ستعزز إرساء السلام والعدالة في المنطقة، مع التأكيد على أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق سلام ينهي العنف في الشرق الأوسط، والتوصل إلى حل الدولتين.

ووفقا لمصادر دبلوماسية، يعقد أردوغان محادثات في إسبانيا بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتعتبر مسألة وقف الهجمات الإسرائيلية وتحقيق سلام دائم في المنطقة من أبرز أولويات هذه المباحثات.

وأشار الباحث في الشأن التركي أحمد أوزغور في حديثه للجزيرة نت إلى أن الموقف السياسي الذي اتخذته إسبانيا تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يعكس تقاربا واضحا في وجهات النظر بين البلدين.

ويرى أوزغور أن المناقشات التي ستُجرى خلال الزيارة بشأن الحرب على غزة قد تشكل أساسا لتحركات دبلوماسية جادة.

وأضاف أن هذه التحركات قد تستقطب بعض الدول التي تبحث عن تحالف قوي لدعم القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانبها بشجاعة.

القمة الحكومية الثامنة

ومن المقرر أن يترأس الرئيس التركي القمة الحكومية التركية الإسبانية الثامنة في مدريد غدا الخميس.

ووفقا لما نقلته وسائل إعلام تركية، تسعى القمة الثامنة إلى "تطوير العلاقات السياسية الممتازة بين البلدين لتشمل موقفا إقليميا ودوليا مشتركا، بالإضافة إلى تعزيز الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والمضي قدما نحو الشراكة الشاملة".

وبحسب مصادر دبلوماسية، من المنتظر توقيع نحو 15 اتفاقية ثنائية بين الوزارات والمؤسسات الحكومية في مجالات متعددة تشمل التجارة والمالية والثقافة والرياضة.


من جانب آخر، يحضر الرئيس أردوغان افتتاح منتدى الأعمال الذي سيحضره رجال الأعمال الأتراك والإسبان، لبحث فرص التعاون والاستثمار في 11 قطاعا، في مقدمتها النسيج والسيارات والصلب والتجارة والصحة والبيئة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية.

وتعد إسبانيا الوجهة السادسة الأكبر للصادرات التركية عالميا والثالثة في دول الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا وإيطاليا بحسب أرقام عام 2022.

الصادرات التركية إلى إسبانيا سجلت رقما تاريخيا في 2023 (الأناضول)

وفي عام 2023 سجلت تركيا أعلى صادرات لها إلى إسبانيا، حيث بلغت قيمتها 9.2 مليارات دولار، وفقا لبيانات جمعية المصدرين الأتراك.

من جانبها، شددت رئيسة مجلس الأعمال التركي الإسباني في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية إيبرو أوزدمير على أهمية تعزيز التعاون في البلدين، خاصة في مجالات التحول الرقمي والتحول الأخضر، مؤكدة أن هذه القضايا ستكون في صلب منتدى الأعمال التركي الإسباني.

ولفتت إلى أن تركيا حققت أعلى صادرات لها إلى إسبانيا في التاريخ بقيمة 9.3 مليارات دولار في العام الماضي، مما جعل إسبانيا ثامن أكبر دولة مستوردة من تركيا في عام 2023، مستحوذة على 3.6% من إجمالي صادرات تركيا.

من جانبه، قال المحلل السياسي والباحث في مركز تركيا للأبحاث مراد تورال في حديثه للجزيرة نت إن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية على جميع الأصعدة، موضحا أن إسبانيا تحتل مكانة بارزة بين دول الاتحاد الأوروبي في مجال الاستثمارات المباشرة بتركيا.

وأضاف تورال أن إسبانيا تدعم تركيا في العديد من القضايا، بما في ذلك عضوية الاتحاد الأوروبي، وهو موقف يختلف عن مواقف العديد من دول الاتحاد الأخرى.

كما أن إسبانيا لم توقع على بيان "كافالا" الذي وقعه سفراء 10 دول في أنقرة، والذي طالب بإطلاق سراح رجل أعمال محبوس على ذمة تحقيقات تتعلق بتورطه في محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016.

وأشار تورال إلى أن هذه المواقف الإيجابية عززت شكل العلاقة بين البلدين، وساهمت في اكتساب العلاقات الثنائية زخما وتسارعا في السنوات الأخيرة.