وعد بلفور ... الأكذوبة التي صدقناها



يعتبر كتاب «اعترافات جولدا مائير» منجماً حافلاً بالأسرار الثمينة والمعلومات المهمة، وهو يتكامل في أهميته، مع كتاب «دايان يعترف» تكاملاً يجعلهما مثل كتاب واحد من جزأين !!
وكما أن الكتابين سيرتان ذاتيتان، فإنهما أيضا «سيرة إسرائيل الذاتية»، وتأريخ العمل الصهيوني الدؤوب على ارض فلسطين العربية.
وتتكامل الفائدة، إذا أضفنا إلى الكتابين، تقريرَ «التقصير» الذي وضعته لجنة موشي أغرانات، في تشرين الثاني 1973، وكان حول التقصير الاستخباري الإسرائيلي.
واذا كان التقصير الاسرائيلي قد تم تحديده بدقة، فإن التقصير العربي في كارثة حزيران 1967 لم يتم تحديده.
التخطيط المنهجي لإنشاء الدولة اليهودية في فلسطين، سابق على وعد بلفور بـ 21 سنة، فقد حدد ثيودور هيرتزل، في كتابه «الدولة اليهودية»، الذي نشره سنة 1896، دواعي بناء تلك الدولة ووسائل إنشائها.
تحدث هرتزل بثقة، قبل وعد بلفور بعقدين، عن دستور الدولة اليهودية، ولغتها، وحكومتها، وقوانينها، وجيشها، وعلمها ومجلس نوابها، وعلمانيتها !.
وأشار في كتابه إلى موقعين لإنشاء الدولة اليهودية: فلسطين والأرجنتين !.
وبسبب الضعف والتخلف العربي، ألقينا اللوم على وعد بلفور في إنشاء إسرائيل، الوعد الذي لم يكن موجوداً، حين نشر هرتزل كتابه «الدولة اليهودية».
وبيت القصيد في ميكانزمات حصان طروادة، الذي حمل الحلم الصهيوني في جوفه، يتلخص في ما خطّه هرتزل في كتابه «الدولة اليهودية» المكون من 64 صفحة فقط:
(ليس هناك قوى تستطيع نقل أمة من بيئة لتستوطن بيئة أخرى، الفكرة وحدها هي التي تستطيع ذلك، تلك هي فكرة الدولة اليهودية التي تحمل في طياتها القوة اللازمة لأن تفعل ذلك).
ومما يدعو إلى الدهشة، أن اليهود، الذين حصلوا ويحصلون من الغرب على كل ما يحتاجونه من دعم، سياسي، وعسكري، واقتصادي، ومالي، يحتقرون الإسلام والمسيحي، يحتقرون أهل الغرب وأهل الشرق وكل بني البشر !.
وتعترف غولدا مائير ولا تُخفي، أن طبيعة اليهود هي الانزواء والتعصب والانفصال عن مجتمعاتهم حين تقول: «أنا لا أختلط إلاّ باليهود. ولم يكن لي صداقات مع غير اليهود. وبقيت على هذا النحو طيلة عمري».
وتقول لا اعتقد أن ديفيد بن غوريون كان قريباً لأحد، فيما خلا زوجته باولا وابنته ريناتا. وتصف الزعيم العمالي الأبرز، بيرل نلسو ن، بأنه كان يكره الاختلاط بالآخرين. وتكشف أن والدتها، التي لا تعرف حرفا من الإنجليزية، فتحت متجراً بعد أسبوع من وصولها إلى ميلووكي الأميركية، لأنها متأكدة أن يهود الحي لن يشتروا إلا منها !!
وسوف استغرب أن سياسياً أو محللاً أو كاتباً أو مثقفاً أو باحثاً أو شاعراً أو معلم تاريخ، لم يقرأ أدبيات الحركة الصهيونية وخاصة الكتب الثلاثة التي أشرت إليها.