التكالب على العنصرية


أولاً أريد أن الفت الانتباه إلى ما في داخل لفظة التكالب من معان مرفوضة من الذات البشرية، وما تحتويه لفظة العنصرية من دلالات يرفضها العقلاء، وأصحاب الفكر الحر، والعقيدة السمحة، ومن هنا أريد أن أبدأ بقرارات عالمية رأت أن من أسباب تأخرها تفشي العنصرية، فرفضتها بسلوك جمعي ضمن قوانين إنسانية ، وفي الجانب الآخر، ما زالت أمتنا العربية، والإسلامية متمسكة بفعلي الكلبنة، والعنصرة .
عانت أمريكا منذ نشأتها من قضية العنصرية ، - اللون، والجنس - ، مما سبب لها اقتتال داخلي دفعت ثمنه أرواحاً بأعداد كبيرة ،عندها قررت رفض مبدأ العنصرية، فوصلت إلى ما وصلت إليه بحاكمها الزنجي المسلم ، وفي أوروبا أمثلة كثيرة على ذلك، مما جعلها سيدة العالم لفترات زمنية طويلة.
إن التكالب على العنصرية أمر أفرزه تضخم الأنا فينا ، والذي هو نتيجة حتمية لما نعيشه كمجتمع عشائري، فنحن ، ورغم مرور الزمن ، وتغير الأحوال ، والمفاهيم الحياتية، وتعدد الثقافات ، والانفجار العلمي، والتكنولوجي ،ما زلنا نسكن بوادينا ، ونستظل بخيمتنا العشائرية، وما زلنا نرفض بعضنا ، رغم تشاركنا بالعقيدة، والعروبة، واللغة ،ونتسابق إلى إرضاء الغريب، بل نلهث خلفه ، ودافعنا إلى ذلك ضعفنا ، وتغوّل سلطة الخواجة داخلنا ، وقد وصلنا إلى نتيجة كثيراً ما نرددها – العرب جرب – ونعاير أنفسنا أننا ما زلنا متخلفين عن الغرب، بدليل أننا شعوب مستهلِكة ، وغير منتجة ، وغير فاعلة ، فهل نحن كذلك ؟ .
إن الأنظمة العربية بسياساتها المختلفة، من أهم عوامل ضعفنا، وتأخرنا ، وهي التي تقود منذ أكثر من مئة عام بنجاح تام جهلنا، وتشرذمنا ، ومنذ رحيل الأتراك، والأوروبيون عن أرضنا لم نضع بصمة واحدة تدل على وجودنا العلمي، والفكري، والسيادي ، والثقافي، والحضاري ، وعشنا في وهم الاستقلال، والحرية،ووهم الديموقرطية، لكننا ما زلنا مستعمَـرين لقيادات الغرب، وتركيا، وما زلنا ننفذ سياستهم ، ورغباتهم التي تمنع تقدمنا، وتطورنا ، وبعض الدليل على ذلك الأموال العربية التي عرفنا أنها أرقام فلكية ، فهي لم توظف لخدمة المواطن العربي، ولا من أجل التطور العلمي ، وجميعنا يعرف كيف كانت توظف ، وأين، ولصالح من ، وهناك أرقام أسطورية ما زلنا نُخمن عددها لم يُـكشف النقاب عنها ، لأن الأنظمة التي تديرها ما زالت قائمة ، وتُمارس شرعيتها ، وسلطتها في الإدارة .
وعودة إلى التكالب ، والعنصرية أقول : إننا ما زلنا قبائل تتفاخر بأنسابها ، ولا يقف التفاخر عند رفض الأخ ، بل إلى تحجيمه، أو تهميشه، أو محوه إذا استطعنا ، إننا شعوب لم تصل بعد إلى فكرة الوحدة الداخلية ، وحدة القبائل بقبيلة واحدة ، وجوهر صراعاتنا الداخلية هو اقتتال بالمهاترات ، التي أفرزتها عُـنجهية الأنا ، وبالتالي هي السبب الحقيقي لتأخرنا ، كما حصل سابقاً مع أمريكا ، ووصلت إلى حاكم زنجي مسلم يحكمها ، إننا ما زلنا عند أي تشكيل وزاري نحسب عدد الجنوبيين، والشماليين، والوسط، والبدو، والفلسطينيين، ولم نفكر يوماً بالإنسان المناسب في المكان المناسب ، وحال بقية الشعوب ليس بأقل من هذه الصورة ، إن لم يكن أكثر قتامة .
أرى أنه آن الأوان لأن نعرف ماذا علينا أن نفعل من أجل أن نتقدم خطوة إلى الأمام ، علينا ، رغم وجود الأنظمة ذاتها ، والتي هي سبب التخلف ، أن نرفع شعاراً واحداً – لا للعنصرية – وأن لا يكون بيننا شخص واحد فيه جاهلية ، بعدها سنصل إلى قوة نصل معها إلى التغيير، فإذا كانت الشعوب قوية فسوف تفرز قائداً قوياً ، يحمي مصالحها ، وإذا بقينا قبائل، وعشائر هشة فعلينا أن نتقبل التعازي بمستقبلنا .