المعركة السياسية امتداد لما يجري على الأرض في الميدان



خداع وتضليل وديماغوجيا يُمارسها نتنياهو لسببين:
أولهما، لتمرير صفقة اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، للمجتمع الإسرائيلي ولحلفائه في الحكومة، بن غفير وسموترتش، اللذين هددا بتفكيك الائتلاف والخروج من الحكومة، ما يعني سقوطها وهزيمتها.


وثانيهما، لدفع حماس نحو قبول الصفقة (الاتفاق)، لأن نصوص الصفقة الحالية تختلف عن الأولى التي سبق وأعلنت حماس موافقتها عليها، وكانت تتضمن بندين تمت إزالتهما بناءً على طلب نتنياهو، وهما كما قال مصدر في حركة حماس في تصريح له:


"الاقتراح الذي تحدث عنه الرئيس بايدن لم يتضمن، أولاً ضمانات لوقف كلي للحرب، وثانياً ضمانات بالانسحاب من القطاع". وأعلن غازي حمد عضو المكتب السياسي لحركة حماس : "إن مبادرة بايدن تتضمن الكثير مما طرحناه".


ولذلك ورغم ترحيب حركة حماس، ولكنها لم تُعلن بعد موافقتها رسميا على الاقتراح، ولهذا صرح الناطق باسم الخارجية الأميركية قائلا:


"الاقتراح المقدم من قبلنا هو ما قدمته حماس قبل أسابيع، وإذا رفضته عليها أن تقنع العالم بأسباب رفضها".
الاقتراح الذي قدمه الرئيس بايدن، كما قالت وزارة الخارجية الأميركية كان" إسرائيلياً" وتم تطويره أميركياً بالتشاور مع مصر وقطر.


وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقوله: "أنا مقتنع أن إسرائيل كانت منخرطة بعمق في مبادرة بايدن، وواثق أن رئيس الوزراء نتنياهو سيقودها في الاتجاه الصحيح".


وزارة الخارجية الأميركية عبرت عن قناعاتها وفق الناطق باسمهما: "نحن على ثقة بأن إسرائيل موافقة على مقترح وقف إطلاق النار".


من جهته خلص مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية أوفير فولك إلى نتيجة مفادها : "خطة بايدن بشأن غزة ليست جيدة ومعيبة، لكن إسرائيل تقبلها".


الخارجية الأميركية قالت: "لم نتلق رداً إسرائيلياً، حتى الآن على مقترح الصفقة"، وهذا يعود إلى فعل نتنياهو الذي يعمل على تمرير الاتفاق ودفع حكومته للقبول بها، مع تحاشي فكفكتها، وعدم خروج بن غفير وسموترتش منها، وبالتالي سقوطها، بل هو يعمل على توظيف معارضتهما لتحسين موقفه التفاوضي والتقليل من الخسائر.


المعركة الميدانية على الأرض لم تتوقف بعد، وحصيلتها أن الفلسطينيين صمدوا رغم خسائرهم الفادحة بشرياً ومادياً، ولكنهم لم ينتصروا بعد، والإسرائيليون فشلوا وأخفقوا، رغم ما سببوه من كوارث ومآس للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولكنهم لم يُهزموا بعد، فالمعركة بين طرفي الصراع لم تنته، لم تتوقف، ما زالت متواصلة، وبدون نتائج نهائية، رغم أن قوات المستعمرة أعادت احتلال كامل قطاع غزة، ولكنها لم تتمكن من تصفية واجتثاث حركة حماس، التي ما زالت صامدة، رغم خسائرها، ولا زالت قادرة على توجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال.


المستعمرة لم تتمكن لغاية الآن من كشف مواقع الأسرى الإسرائيليين في غزة، وأخفقت بالتالي في استعادتهم، بدون عملية تبادل.


المعركة مستمرة، و تحولت إلى الصراع السياسي، والعض على الأصابع من قبل طرفي المعادلة، كل منهما يعمل ليوجع الآخر أكثر. المستعمرة ليس لها مصلحة في وقف إطلاق النار بدون تحقيق إنجازات ملموسة على حركة حماس بقتل قياداتها، وإطلاق سراح أسراها بدون عملية تبادل، وحركة حماس التي ما زالت صامدة وتوجه ضرباتها لقوات الاحتلال ومصلحتها بعكس المستعمرة، لها مصلحة في وقف إطلاق النار حماية لقياداتها وتخفيف الأضرار على شعبها، فالتعارض بائن بين المصلحتين، ومن هنا دور الوسطاء في البحث وإيجاد القواسم المشتركة بين الطرفين وهذا ما سعت إليه مبادرة بايدن وقدمته.