القرار العبقري

في بلدة في قارة أستراليا تدعى ‹تقدميّة›، كان هناك مجلس بلدي يتألف من مجموعة من الأعضاء اللي معروفين بقراراتهم الغريبة. في يوم من الأيام، قرر المجلس بناء نافورة ضخمة في وسط البلدة على شكل هاتف ذكي، زاعمين إنو هيك رح يخلو البلدة تواكب العصر التكنولوجي.
لكن أهل البلدة ما كانوا مقتنعين بفكرة النافورة العجيبة، لأنهم كانوا يعانون من مشاكل أكبر، مثل الطرق السيئة وانقطاع الكهرباء المتكرر. إلا أن المجلس كان مصممًا على تنفيذ فكرته، وكانوا شايفين في النافورة رمزًا للتقدم والحداثة.
بدأ العمل على بناء النافورة، ومع مرور الوقت، تسببت في ازدحامات مرورية وعطلت حركة المرور في البلدة. وما وقف الأمر عند هيك، بل بدأت تتعطل المياه في المنازل بسبب استخدام كميات كبيرة من المياه في النافورة.
قرر أهل البلدة تنظيم مظاهرة سلمية للمطالبة بإيقاف المشروع، إلا أن المجلس البلدي رفض يسمع لهم، معتبرين إنهم ما بيفهموا الرؤية العظيمة للمستقبل.
وفي يوم الافتتاح الكبير للنافورة، وأمام حشد من الناس والصحافة، حاول عمدة البلدة تشغيل النافورة، لكن بدلًا من تدفق المياه، انفجرت النافورة بشكل كبير وأغرقت الجميع بالماء. أصبح العمدة وأعضاء المجلس البلدي مبللين ومحرجين قدام الناس.
وفي خضم الفوضى، وبينما كان الناس يتقاذفون بينهم كلمات السخرية والغضب، اقترب عمدة البلدة مبتسمًا، وقال بصوت مرتفع: ‹حسنًا، على الأقل، نحن الآن نملك أكبر نافورة مياه متفجرة في العالم! (بمزح معكم، شو بدنا نعمل؟)›.
ضحك البعض، وغمغم البعض الآخر (شو هالحكي الفاضي). عاد العمدة إلى مكتبه، وجلس يكتب تقريرًا عن ‹نجاح› المشروع، مؤكدًا أن هذا الانفجار ‹التجريبي› كان جزءًا من الخطة لرفع معنويات السكان وإبراز البلدة على الخريطة.
استمر المجلس البلدي في تنفيذ مشاريعهم الغريبة، وظل الناس يتحدثون عن ‹النافورة المتفجرة› كرمز للسخرية والعبثية. لكن الحقيقة بقيت معلقة: هل كان العمدة فعلًا يؤمن بما يقول، أم كان يدرك سخافة الوضع وفضل البقاء في منصبه بأي ثمن؟
وهكذا، بقيت بلدة ‹تقدميّة› عالقة بين السخرية والجدية، بانتظار قرار حكيم يعيد لها اسمها.