عن «خِطط» واشنطن «الجاهزة».. لوضعَ «يدِها» على قطاع غزة؟
بعدما منحتْ إدارة الرئيس الأميركي/بايدن مزيداً من الوقت والأضواء «الخضراء» لشريكتها الصهيونية, لمواصلة حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتدمير الشامل في قطاع غزة, وبذلت جهودا مضنية من اجل تعطيل اي قرارات لوقف الحرب الصهيوأميركية على القطاع الفلسطيني المنكوب, باستخدام «الفيتو» حتى في شكل مؤقت, وواصلت إزدراء الشرعية الدولية وتهديد قضاة الجنائية الدولية, ووقفت قبل ذلك أمام محكمة العدل الدولية, نافية بصلافة وعدوانية ان تكون ربيبتها الصهيونية ترتكب «إبادة جماعية» في القطاع.
ها هي تطرح مشروعاً إستعمارياً خبيثاً وأكثر خطورة في المَدييْن القريب والمتوسط, لمرحلة ما بعد «اليوم التالي» لإنتهاء الحرب الأميركية ــ الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. يتمثل في «إحكام قبضتها» على القطاع تحت عبارة منافقة ومزيفة, تسميها الإدارة الأكثر صهيونية ودعماً للكيان الإستعماري العنصري», «لَعِب ِ دور بارز» في غزة. ولم تتردّد لفرط وَلعِها بتغطية تواطئها مع المخططات الصهيونية, الرامية قطع الطريق على الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره, وكنس آخر إستعمار عنصري استيطاني في العالم, من الزعم أنها تروم «انتشال غزة من الفوضى اليائسة».
هذا ما كشفته مجلة «بوليتيكو» الأميركية اول أمس/الجمعة عن اربعة مسؤولين أميركيين, لافتة الى ان إدارة بايدن أجرتْ محادثات مع «إسرائيل» ودولٍ عربية, تناولت «الانتقال إلى مرحلة أكثر سياسية ومرحلة استقرار». وان المداولات تدور الآن حول لعب دور «بارز» في قطاع غزة بعد الحرب، يقضي بتعيين مسؤول «أميركي ليكون كبير المستشارين المدنيين» لقوة معظمها فلسطينية، حسبما نقلت مجلة «بوليتيكو». مُضيفة إن المستشار المدني سيكون مقره في المنطقة، في سيناء أو دولة عربية، وسيعمل بـِ«شكل وثيق مع قائد القوة، الذي سيكون إما فلسطينياً أو من دولة عربية».
القراءة الدقيقة لفقرات «التفاصيل» المُسربَلة بالغموض والإحتمالات المفتوحة, التي نقلتها المجلة الأميركية, تدفع للإعتقاد حدود اليقين, ان المشروع «إسرائيلي الفكرة والأهداف», وأن إدارة بايدن مُتواطئة فيه حتى النخاع, وأحد أهدافه (من بين أهداف خطيرة أخرى), هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية المحتلة, وبالتالي إجهاض اي محاولة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة, كونها كما يقول قادة ربيبتها العنصرية الإستعمارية, «تُشكل خطرا على الكيان الإستيطاني الغاصب».
ولنبدا بالإضاءة على بعض تلك التفاصيل.. إذ تقول» بوليتيكو»: (لا تزال واشنطن تُناقش حجم السلطة الرسمية التي سيتمتع بها هذا المستشار، لكن جميع المسؤولين، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أكدوا أن ذلك جزء من خطة أميركية للعب دور «بارز» في «انتشال غزة من الفوضى اليائسة»). ثم تمضي مضيفة في ــ «تعميق» مقصود لبلبلة القارئ (تُظهِر المناقشات الأميركية الداخلية، بين البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية، بشأن «دور المستشار»، أن إدارة بايدن «تتوقع أن تكون في قلب ما يحدث في غزة بعد فترة طويلة من توقف الحرب»، وبالتالي ستكون الولايات المتحدة «مسؤولة جزئياً» عما سيأتي بعد ذلك، بما في ذلك «تحسين حياة 2.2 مليون فلسطيني يعانون من الدمار الرهيب, الذي ألحقته إسرائيل بالقطاع»).
هو إذاً دور «لفترة طويلة» للمستشار الأميركي, لكن مسؤوليته «جزئية» عمّا سيأتي بعد ذلك.. فهل ثمة مَن يمتلك القدرة على فكِّ «لغزٍ» كهذا؟.
لم تنتهِ الألغاز بعد, إذ ثمة المزيد منها, حيث أفاد المسؤولون «الأربعة», الذين إستندت «بولتيكو» الى تسريباتهم لها: إن خطة «المستشار» هي واحدة من العديد من سيناريوهات تمَ طرحها بشأن «اليوم التالي»، وتشمل «سيناريوهات أخرى تُركِّز على تنمية اقتصاد غزة وإعادة بناء المدن المدمرة. وفي حين أن العديد من الخطط تتضمن نوعا ما من قوة حفظ السلام، إلا أن المناقشات لا تزال جارية حول تشكيلها والسلطات التي ستُمنح لها».
وقال مسؤول كبير «آخر» في الإدارة الأميركية, إنه تحدثنا عن «عدد من الصِيغ المختلفة لنوع ما من قوات الأمن المؤقتة في غزة»، وتحدثنا مع الكثير من الشركاء «حول كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدعم ذلك بكل قدراتنا من خارج غزة»، ــ مُضيفاً ــ أن وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن يجب أن يأتي أولاً. فيما أشار مسؤول «ثانٍ» إلى أن إدارة بايدن «تُحاول إقناع دول عربية، بالانضمام إلى قوة حفظ السلام»، لافتاً/المسؤول الثاني ان «دول المنطقة تُطالِب بأن يكون للولايات المتحدة تأثير كبير على مستقبل غزة بعد الحرب». وقال المسؤول: إنه «سيكون من الأسهل إقناعهم بالمجيء إذا كُنا هناك نلعب دوراً، ونحن مُستعدون للعب هذا الدور». مُردفاً.. أن هناك أيضاً (اتفاق واسع النطاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل والجهات الفاعلة الإقليمية, للمساعدة في «تشكيل مجلس فلسطيني يضم فلسطينيين من غزة», ليكون بمثابة «هيئة حُكم مؤقت»).
هل سألتم عن «الدور» الذي سينهض به «ميناء أو رصيف بايدن/العائم», في ما تُخطط له الإدارة الأميركية من سيناريوهات, الفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية المحتلة, بالتنسيق مع شريكتها الصهيونية, في «اليوم التالي» لوقفِ حربهما الوحشية على الشعب الفلسطيني؟.