معارك عنيفة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة

تتواصل المعارك العنيفة في قطاع غزة الخميس بين حركة حماس وإسرائيل التي تنفذ غارات جوية وقصفا مدفعيا على مناطق عدة، وذلك غداة إعلانها الضوء الأخضر لاستئناف المفاوضات حول الهدنة.

وتوقفت المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر بين إسرائيل وحركة حماس في مطلع أيار/مايو والتي تدور حول هدنة في الحرب المتواصلة منذ أكثر من سبعة أشهر تشمل الإفراج عن محتجزين في غزة وأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيلية.

وتعثرت المفاوضات على وقع تصعيد في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة وتمسك من جانب حماس بوقف إطلاق نار دائم.

وجاء القرار الحكومي الإسرائيلي استئناف المفاوضات غداة نشر شريط فيديو يظهر لحظة احتجاز مقاومين من حركة حماس مجندات إسرائيليات في السابع من تشرين الأول/أكتوبر خلال عملية "طوفان الأقصى".

وكانت عائلات الجنديات الإسرائيليات الخمس المحتجزات في غزة سمحت بنشر الصور الأربعاء، وهي لقطات مأخوذة من كاميرات "غو برو" كانت مثبتة على رؤوس مقاتلين من حماس خلال الهجوم.

وتظهر الشابات في اللقطات، وبعضهن وجوههن ملطخة بالدماء، يجلسن على الأرض في ملابس النوم وأيديهن مقيدة خلف ظهورهن.

وأكد منتدى عائلات المحتجزين في بيان أن "اللقطات تظهر المعاملة العنيفة والمهينة والصادمة التي تعرضت لها الجنديات يوم خطفهن".

"لن يتكرّر أبداً"

ورداً على ذلك، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في منشور عبر تطبيق "تلغرام" مساء الأربعاء إنّ "هذه اللقطات ستعزّز تصميمي على المضي قدما بكل قواي حتى يتم القضاء على حماس للتأكد من أن ما شاهدناه الليلة لن يتكرّر أبدا".

وأفاد مكتبه في بيان في وقت لاحق بأنّ ذلك دفع حكومة الحرب إلى الطلب من فريق التفاوض الإسرائيلي "مواصلة المفاوضات من أجل عودة المحتجزين".

وفي السياق، نقلت قناة القاهرة الإخبارية المقرّبة من المخابرات المصرية عن مصدر رفيع المستوى قوله إنّ "الموقف الإسرائيلي لا يزال غير مؤهّل للتوصّل إلى صفقة بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين ".

وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغط كبير من الداخل للإفراج عن المحتجزين الذين كان عددهم 252، ولا يزال 124 منهم محتجزين، وتوفي 37 منهم، وفق جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كما تأتي هذه التطورات في وقت تزداد الضغوط على إسرائيل من الخارج.

أعلنت إسبانيا وإيرلندا والنروج الأربعاء أنها ستعترف بدولة فلسطين اعتبارا من 28 أيار/مايو، على أمل دفع دول أخرى إلى القيام بالمثل.

وترفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية.

ورأى نتنياهو أن الاعتراف بدولة فلسطين "يشكل مكافأة للإرهاب".

من جهته، حذر المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية جاكوب بليتشتاين، الخميس في بيان بعد لقاء مع سفراء هذه الدول الأوروبية الثلاث، من أنّ قرارهم ستكون له "عواقب وخيمة".

ويشكّل هذا الإعلان نكسة جديدة لإسرائيل بعد طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان قبل أيام إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير جيش الاحتلال يؤآف غالانت بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة.

وشمل طلب المدعي العام أيضا إصدار مذكرات توقيف في حقّ قادة من حماس.

من جهة أخرى، أعلنت محكمة العدل الدولية الخميس أنها ستصدر الجمعة قرارها بشأن طلب جنوب إفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة.

وتريد بريتوريا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بالوقف "الفوري" لكل العمليات العسكرية في غزة، بما يشمل مدينة رفح.

استشهاد 15 طفلاً

واندلعت الحرب إثر عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتردّ إسرائيل التي تعهدت بـ"القضاء" على حماس، بحرب وقصف مدمّر أتبع بعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبّب باستشهاد 35800 شخص، وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.

في هذه الأثناء، أفاد شهود عن تجدّد القصف المدفعي على الأحياء الغربية لمدينة غزة الخميس، بما فيها حي الرمال. وتحدث آخرون عن قتال شوارع في جباليا في شمال القطاع

وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية عن إطلاق قذائف هاون على قوات الاحتلال الإسرائيلي التي قالت إنها "استهدف عدداً من إرهابيي حماس بشنّ ضربات على بنى تحتية عسكرية مستخدمة لتخزين أسلحة".

وجاء ذلك فيما أعلن الدفاع المدني في القطاع عن مقتل 26 فلسطينياً في ضربتين جويتين إسرائيليتين فجراً على حي الدرج في مدينة غزة.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إنه تمّ "انتشال 16 ضحية بينهم 10 أطفال بقصف صاروخي اسرائيلي استهدف منزل"، والضربة الثانية استهدفت "مدرسة لتعليم القرآن داخل مسجد فاطمة الزهراء بمنطقة الصحابة".

وبحسب المتحدث، فإن من بين الشهداء 15 طفلاً على الأقل، 10 منهم قضوا في منزل عائلة "شابط" في الحي.

ولم تتلقّ وكالة فرانس برس رداً فورياً من جيش الاحتلال الإسرائيلي على استفساراتها حول الحادثة.

من جهتها، أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن استشهاد ما لا يقل عن 91 قتيلاً في القطاع خلال 24 ساعة حتى صباح الخميس.

كذلك، دارت اشتباكات في رفح حيث واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في حيّين، حسبما أفاد الجيش، فيما قالت الفصائل الفلسطينية إنّها أطلقت قذائف هاون على الجنود الإسرائيليين.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت عمليات برية في المدينة في 7 أيار/مايو تسبّبت في نزوح أكثر من 800 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري الخميس "إنّنا نحمي المدنيين في رفح من أن يكونوا دروعاً لحماية حماس، من خلال تشجيعهم على الإخلاء مؤقتاً إلى مناطق إنسانية". وأضاف "نحن لا نقتحم رفح، بل نعمل بحذر ودقة".

ومنذ سيطرت إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، توقّف تسليم المساعدات الإنسانية الى القطاع المحاصر، خصوصا الوقود الضروري للمستشفيات والخدمات اللوجستية الإنسانية.

كما أن عمليات التسليم تشهد عرقلة عند معبرَي كرم أبو سالم وإيريز بين إسرائيل وقطاع غزة، وفق وكالات الإغاثة.

وفي هذا الإطار، أشار المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الخميس، إلى أنّ السلطات الإسرائيلية تعطي الأولوية للقطاع التجاري الخاص عند نقطة العبور الرئيسية للسلع التي تدخل إلى غزة.

قال لوكالة فرانس برس إنّ الأولوية أُعطيت على مستوى التفتيش، إذ يتم تفتيش شاحنات القطاع الخاص "قبل أيّ شاحنات أخرى".

وفي النصيرات (وسط)، كان أطفال يتفقّدون أنقاض منزل دمرته غارة جوية إسرائيلية صباح الخميس.

وقالت فاطمة حطحط التي استشهد زوجها في الغارة "عندما رأيت النيران مشتعلة، لم أكن أعرف أنه زوجي وزوجته (الأولى) وأولادهما. قلت في نفسي الله يعين الأشخاص الذين سقط عليهم الصاروخ".

الجبهة بين إسرائيل وحزب الله

ويستمر التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية، ونعى حزب الله الخميس أحد مقاتليه عقب غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في منطقة النبطية في جنوب لبنان أسفرت عن استشهاد شخص وإصابة ثلاثة تلاميذ بجروح، كما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية ومصدر في الدفاع المدني.

ونقل مكتب نتنياهو عنه قوله "نحن نعمل طوال الوقت على الجبهة الشمالية"، مضيفاً "حتى الآن، قضينا على مئات من عناصر حزب الله". وتابع "تلقّيت للتو مراجعة من قائد القيادة الشمالية، وتحدثت أيضاً مع قادة الفرق. لدينا خطط مفصلة ومهمة وحتى مفاجئة.

وخلال سبعة أشهر، أسفر التصعيد على جانبي الحدود عن استشهاد 429 شخصا على الأقلّ في لبنان، غالبيتهم مقاتلون من حزب الله و82 مدنيا على الأقلّ، وفق حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.

وأعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 14 عسكريا وعشرة مدنيين.

في اليمن حيث يشنّ الحوثيون المدعومون من إيران بانتظام هجمات ضد سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، استهدف هجوم صاروخي سفينة تجارية جنوب غرب مدينة الحديدة الساحلية من دون أنّ يتسبب في أضرار أو إصابات، على ما أفادت شركتان للأمن البحري الخميس.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور عن الهجوم.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر، شنّ الحوثيون اليمنيون عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على سفن في البحر الأحمر وخليج عدن، "تضامنا مع قطاع غزة".