اليك يا أمّي

إذا كان النّاس يناجون حاضرا ليأنسوا به ، أو غائبا يرجون عودته ، فانّي أناجي غائبا لا يعود ،فهو بين يدي رب كريم رحيم وسعت رحمته كل شيء . ومع ذلك فاني يا أمي ما شعرت يوما إلا بقربي منك ، التصاق طفل بثديي أمّه ، أو طفل يتمرّغ في حضن أمه ، أو صبي يحتمي بظلّها أو بطرف ثوبها تحميه من حرارة الشمس وتمنعه لفحها ، أو شاب يضع رأسه على صدرك ليرتاح من هموم الدنيا ونكدها ولتعبثي بشعر رأسه . فمن حنانك كنت استمد المشاعر الدافئة . ومن قوتك كنت استمد طاقة على مواجهة الصعاب . وابتسامتك وطيبتك كانت تفتح لي أبوابا من الأمل وبلسما يداوي جراحاتي وأحزاني .لقد كانت أعز أمانيك أن يكبر الأبناء ويكونوا أسرا وتحملي أبناءهم ، وقد شاء الله أن يتحقق جزء من الحلم وآلمني أن لا أكون من هؤلاء .
كم أحببتك يا أمي وكم اشتاق إليك وكم أفتقد دعواتك ونصائحك ، فأنت الوحيدة التي تمنحين كل شيء دون انتظار المقابل ، وتنصحين وتكون نصائحك مبرّأة من الهوى . افتقدتك يا حبيبتي في مواقف كنت أحب أن تكوني إلى جانبي ، عندما رُزقت بأول طفل ، وعند دخوله المدرسة ، وفي آخر كل عام حين كان يعود حاملا شهادته ، كانت تعود بي الذاكرة عندما كنت في مثل سنّه وأعود معي شهادتي كنت أحس الفرحة في قلبك وعينيك قبل وجهك .
إنني أتحسر على كل وقت مر دون أن أكون في خدمتك وتحت قدميك وبغيابك حُرمت بابا إلى الجنّة ، أبناءي يدعون لك وأنا التزم أمر الله بقوله وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا . أسأل الله أن يحفظ ويبارك في أمهاتنا الأحياء ويغفر ويرحم أمهاتنا في جوار أكرم وأرحم جار . فإليك يا أمي والى كل أم في هذا اليوم وفي كل يوم المحبة والتقدير والشوق وخالص الدعاء .