عندما حُكم على محمد علي كلاي بالسجن.. يوم رفض الملاكم الأمريكي المسلم المشاركة في حرب فيتنام
حياة الملاكم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي مليئة بالتفاصيل المثيرة للإعجاب باعتباره رجلاً حافظ على مواقف تستحق الإشادة، رغم أن ذلك سبَّب له كثيراً من المتاعب. أحد أبرز مواقفه كانت رفضه المشاركة في حرب فيتنام، وعلى إثر ذلك حُكم على محمد علي كلاي بالسجن 5 سنوات.
الاستدعاء للجيش بعد سنوات من "رسوبه"
رسب كلاي مرتين في الاختبارات المؤهلة للالتحاق بالجيش الأمريكي، كانت الثانية في العام 1964، وذلك لعدم امتلاكه مهارات الكتابة واللغة الكافية للاتحاق.
كما أشار الاختبار إلى أن "درجة ذكائه كانت أقل بكثير من المستوى المطلوب للتجنيد"، وهو ما رد عليه كلاي لاحقاً بأنه قال إنه "الأعظم وليس الأذكى".
بعد أقل من 3 أعوام، تغيرت الآية، وطلبه الجيش للتجنيد بعد قبوله جراء "تخفيف معايير الانتقاء"، وذلك بالتزامن مع الحرب الأمريكية ضد فيتنام.
"ليس لدي خصومة مع الفيت كونغ"
أعلن كلاي رفضه الالتحاق بالجيش الأمريكي، وقال: "ليس لدي خصومة مع الفيت كونغ" (Viet Cong) وهي الجهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام، وذلك أثناء حضوره احتفالية لتسليم الخدمة في القوات المسلحة الأمريكية في هيوستن، بولاية تكساس.
في هذا اليوم، في 28 أبريل/نيسان 1967، رفض الوقوف لتسلم شارته، رغم مناداة اسمه ثلاث مرات. ورغم تلقي تحذير وإبلاغه بالعواقب، لم يرد الملاكم الشاب على مناداته.
لكنه اعتبر أن حرب فيتنام "حرب غير مبررة، ولا تتناسب مع دينه"، وساق شواهد دينية تجعله يرفض المشاركة في حرب الولايات المتحدة على فيتنام. كان الملاكم الشاب البالغ من العمر حينها 25 عاماً قد اعتنق الإسلام قبل 3 سنوات من هذا الوقت.
"ضميري ليس مرتاحاً لأقتل أخاً لي"
قال في لقاء شهير: "ضميري لن يسمح لي بإطلاق النار على إخوتي، أو بعض الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، أو بعض المساكين الجائعين والغارقين في الوحل، من أجل أمريكا الكبرى".
وأضاف: "ثم لماذا أطلق النار عليهم؟ لم يدعني أحد منهم أبداً بالزنجي، ولم يعدموني، فلماذا أطلق النار عليهم؟ مجموعة صغيرة من الناس ذوي البشرة السمراء، أطفال ونساء. كيف أطلق النار على هؤلاء المساكين؟ خذوني إلى السجن".
فيما لم يكتفِ بذلك بل تزعم العديد من المظاهرات الرافضة لهذه الحرب.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم الذي رفض فيه رسمياً الالتحاق بالجيش، سُحب منه لقبه العالمي كبطل للوزن الثقيل، ثم واجه في الأسابيع اللاحقة مشاكل قانونية انتهت بالحكم ضده بالسجن.
حينما حُكم على محمد علي كلاي بالسجن
أدين كلاي في 20 يونيو/حزيران 1967 بـ"التهرب من التجنيد"، وحُكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، كما حُكم عليه بغرامة قدرها 10 آلاف دولار، ومنعه من ممارسة الملاكمة لمدة 3 سنوات.
ظل كلاي خارج السجن، بينما كانت قضيته قيد الاستئناف، لكنه ظل بعيداً عن الملاكمة لأكثر من ثلاث سنوات حتى نجح في الحصول على ترخيص لنزال في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1970، حيث أسقط جيري كواري في الجولة الثالثة في أتلانتا.
ثم شارك في الحلبة مرة ثانية في 8 مارس/آذار 1971، حيث خاض علي نزالاً مع جو فريزر في "نزال القرن" وخسر بعد 15 جولة، وكانت هذه أول خسارة في مسيرته المهنية كملاكم.
ظل الحكم بسجنه وتغريمه قائماً حتى 28 يونيو/حزيران 1971، حينما قررت المحكمة العليا الأمريكية إلغاء حكمه بالتهرب من التجنيد، حسب موقعHistoryالمتخصص بالكتابة عن المواضيع التاريخية باللغة الإنجليزية.
حيث قالت المحكمة العليا إن رفض كلاي "لم يكن جريمة، بل إن معارضته للحرب كانت بسبب ضمير أخلاقي يتعلق بعقيدته".
خلال فترة المنع من الملاكمة أصبح متحدثاً في أعرق الجامعات الأمريكية.
وبينما كان بعيداً عن الملاكمة، أصبح علي متحدثاً شهيراً في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
أحد أشهر خطابات علي، بعنوان "الأسود هو الأفضل"، ألقاها أمام 4 آلاف طالب وأعضاء هيئة التدريس في جامعة هوارد في العام 1968.
كما أصبح معروفاً بقصائده وشعره الحر خلال فترة مسيرته في الملاكمة، حسب موقعSports Illustratedالأمريكي المتخصص بأخبار عالم الرياضة.
في العام 1970، حصل كلاي على جائزة مارتن لوثر كينغ السنوية من قائد حقوق الإنسان رالف أبرناثي، الذي قال إن كلاي "مثال حي لقوة الروح".
الملاكمة بعد العودة من الاعتزال لم تطُل كثيراً
بعد أقل من 9 سنوات على عودته للملاكمة، أعلن كلاي اعتزال الملاكمة المحترفة، في يونيو/حزيران 1979. صحيح أنه عاد في نزال في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1980، حيث لعب ضد لاري هولمز لمحاولة الفوز بحزام بطولة الوزن الثقيل للمرة الرابعة.
لكنه؛ ولأول مرة في مسيرته، سقط أرضاً، ثم في السنة التالية خسر في 10 جولات أمام تريفور بيربيك في نزاله النهائي.
وبعد ثلاث سنوات من اعتزاله الرسمي، أعلن كلاي تشخيصه بمرض باركنسون عند بلوغه 42 عاماً.
ابتعد عن الملاكمة تماماً من حينها، لكنه ظل نشطاً مجتمعياً من خلال جهوده الخيرية والإنسانية.
وبعد سلبه المرض مهاراته الحركية كما فقد قدرته على التحرك والتحدث بطريقة طبيعية، اعتزل كلاي الأضواء أيضاً وليس الملاعب فقط.
حاول كلاي محاربة المرض لثلاثة عقود، إلى أن تُوفِي عن عمر يناهز 74 عاماً، في 3 يونيو/حزيران 2016، جراء مشاكل تنفسية.