التصنيف الائتماني للإقتصاد الإسرائيلي على نار التخفيض مجدداً
تحل النكسات المتتالية، ومن بينها خفض التصنيف الائتماني مجدداً، على صانعي القرار الاقتصادي والنقدي والمالي الإسرائيلي مع استمرار العدوان الوحشي على الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة أشهر، والسبب نقاط الضعف الاقتصادية الحادة التي كشفها تورّط الاحتلال في حرب لم يستطع تحقيق هدفها الرئيسي المعلن المتمثل بالقضاء على المقاومة التي يتوسّل الغرب ودولاً خليجية للتوسّط معها وصولاً إلى اتفاق يمهّد لإنزاله عن شجرة عالية لم يبلغ مرامي قطف ثمارها رغم توسيع عملياته العسكرية باتجاه مدينة رفح، مع ما يعكسه ذلك من مخاطر تلحق أضراراً كبيرة بالتصنيف الائتماني الذي ينتظر مزيداً من القرارات المؤلمة الجمعة وفي قادم الأيام.
وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية والمالية اليومية الأربعاء، إلى أن من المقرر أن تصدر وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية "ستاندرد آند بورز" مراجعتها الروتينية لاقتصاد الاحتلال يوم الجمعة، وذلك بعد التخفيض الطارئ للتصنيف الائتماني الذي قررته في 19 إبريل/ نيسان المنصرم بمقدار درجة واحدة من AA- إلى A+ وكذلك خفض التوقعات الائتمانية من "مستقرة" إلى "سلبية"، تزامناً مع تعرّض إيران لهجمات بطائرات مسيرة قالت تقارير دولية إن تل أبيب تقف وراءها، على أثر رد الفعل الانتقامي الذي نفذته طهران قبل ذلك بأيام بطائرات مسيرة وصواريخ في الداخل الإسرائيلي للمرة الأولى على طول خط الصراع بين تل أبيب والجمهورية الإسلامية.
فمن المقرر أن تنشر الوكالة يوم الجمعة، مراجعة للاقتصاد الإسرائيلي، وفقاً لجدولها الزمني الأصلي، حيث من المفترض أن يعكس التصنيف الائتماني المخاطر المستجدة التي ينكشف عليها الاقتصاد الإسرائيلي. ففي الشهر الماضي، وصلت علاوة المخاطر الإسرائيلية، التي كانت مرتفعة منذ اندلاع العدوان تحت مسمّى "حرب السيوف الحديدية" في أكتوبر 2023، وسط قلق يسود السوق المالية من أن المراجعة القادمة ستتضمن خفضاً آخر للتصنيف، لا سيما أن الوكالة تمنح إسرائيل حتى الآن، تصنيفاً أعلى من تصنيف منافستها "موديز"، وتصنيفاً أعلى بكثير مما تُوحي به ظروف الأسواق نفسها.
وفي هذا السياق، تنقل "غلوبس" عن كبير استراتيجيي الأسواق في بنك "هبوعليم" مودي شافرير قوله إن السوق تسعّر السندات الحكومية المقوّمة بالدولار بمستويات مماثلة لتلك الخاصة بدول مثل المجر ورومانيا، والتي حصلت على تصنيف BBB-، أي أقل بأربع درجات من التصنيف الحالي للاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الاتجاه، يقول كبير الاقتصاديين والاستراتيجيين في شركة Agam Leaders أوري غرينفيلد إن "الأخبار السيئة هي أن السوق تقيّمنا فعلاً بتصنيف أقل بكثير من وكالات التصنيف المختلفة. ومن ناحية أخرى، فإن الأخبار الجيدة هي أننا في الوقت الحالي لسنا كذلك (مقيّمين بمستوى أقل)"، مشيراً إلى أن "التقلبات وعدم اليقين هي سمة السوق المحلية على المدى القريب. ففي وسائل الإعلام الأجنبية رأينا، على سبيل المثال، أن صفقة إطلاق سراح الأسرى تضمنت إنهاء الحرب، وتقدير احتمالية ذلك ساهم في تهدئة المعنويات في الأسواق. أما الآن، فعندما يبدو المستقبل تائهاً بين عقد صفقة أو اندلاع حريق هائل، فإن عدم اليقين سيكون أكبر".
وسبق أن سُجّلت في الماضي حالات أقدمت فيها "ستاندرد آند بورز" على تخفيض تصنيف مرتين متتاليتين. وبينما تراقب وزارة المالية علاوة المخاطرة الإسرائيلية بقلق، وهي على اتصال دائم مع وكالات التصنيف، يعتقد مسؤولو الوزارة أن "ستاندرد أند بورز" ستتجنب أي خطوة في هذه المناسبة، ويرون أن الوضع الأمني قد هدأ مع إيران وبعض وكلائها إلى حد ما منذ القرار السابق الذي اتخذته الوكالة. غير أن حالة عدم اليقين في المنطقة والتطورات في رفح أو على الحدود الشمالية، من شأنها أن تغيّر هذه الصورة بحلول الجمعة.
يُشار إلى أنه بسبب تكلفة الحرب، تضاعف حجم الأموال التي تجمعها وزارة المالية شهرياً أكثر من ثلاثة أضعاف. فمنذ بداية الحرب، أصدرت سندات محلية بقيمة 15 مليار شيكل. وفي أوائل مارس/آذار، جمعت إسرائيل ديوناً مقوّمة بالدولار بقيمة 8 مليارات دولار في الأسواق الدولية. كما أصدرت ثلاثة سندات جديدة بآجال خمس سنوات بفائدة سنوية 5.37%، وعشر سنوات بفائدة 5.5%، و30 سنة بفائدة 5.75%.