الاحتلال الإسرائيلي يقضي على حلم مئات الغزيين بالإنجاب
لم يسلم حتى أجنة أطفال الأنابيب من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة؛ إذ تسببت قذيفة مدفعية في القضاء على نحو 5 آلاف من الأجنة كانت مخزنة في أكبر مركز للخصوبة بالقطاع.
قذيفة المدفعية الإسرائيلية أصابت مبنى "مركز البسمة للإخصاب" (خاص) الواقع في شارع الجلاء بمدينة غزة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي؛ لتقضي على الأمل الأخير لمئات الأزواج الفلسطينيين ممن يواجهون مشكلات في الخصوبة، وبعضهم انتظر لنحو 30 عامًا.
حيث أدى انفجار القذيفة إلى نزع أغطية 5 خزانات تحتوي على النيتروجين السائل كانت في زاوية من وحدة الأجنة، وفق ما أفاد عاملون بالمركز لمراسل الأناضول.
وعندما تبخر النيتروجين المستخدم للتبريد، حسب هؤلاء العاملين، ارتفعت درجة الحرارة داخل الخزانات التي كانت تحتوي على أكثر من 5 آلاف من أجنة أطفال الأنابيب.
وفي محاولة لإنقاذ هذه الأجنة، سارع المركز بشراء كمية من النيتروجين، لكن الاجتياح الإسرائيلي البري وإغلاق قطاع غزة حال دون الحصول على ما يكفي من هذه المادة؛ مما أعاق إنقاذ الأجنة وأدى إلى القضاء عليها.
كما ساهم في القضاء على الأجنة عدم قدرة العاملين في المركز على الوصول إليه؛ بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل وانقطاع التيار الكهربائي، بحسب المصدر ذاته.
وخلال الحرب على غزة، توغلت آليات الجيش الإسرائيلي في محيط المركز في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؛ حيث كانت تستهدف كل من يتحرك في المنطقة المتوغلة لها قبل انسحابها في فبراير/ شباط الماضي.
وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في غزة؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وصول الإمدادات الطبية والأدوية، خاصة في شمال القطاع الذي يعاني من حصار إسرائيلي مشدد.
من جانبه، قال عبد القادر مقاط، أحد العاملين في مركز البسمة: "بفعل القصف الإسرائيلي فقدنا ما يزيد عن 5 آلاف من أجنة أطفال الأنابيب".
وأضاف مقاط: "تم تدمير جهد ومال ناس، ومستقبل وحلم حياة هؤلاء الأشخاص (الأزواج الفلسطينيين الذين يواجهون مشكلات في الخصوبة)".
وبحزن وتأثر عميق روى مقاط، قصص مؤلمة لأزواج كانوا يحلمون بالإنجاب، قبل أن تقضي قذيفة المدفعية الإسرائيلية على أجنتهم المخزنة في المركز ويضيع حلمهم.
وقال في هذا الصدد: "كان هناك أزواج لهم أجنة مخزنة بالمركز ومحددين نوع الجنين سواء أكان ذكرًا أو أنثى، وكانت هناك أسر تنتظر منذ 20 أو 30 عامًا دون أن يتحقق حلمهم بالإنجاب، وبدأوا في مراحلة عملية زراعة الأجنة".
وأوضح مقاط: "بسبب الهجمات الإسرائيلية، تحطمت أحلام هؤلاء الناس وتدمرت كل الجهود التي بذلوها، وأصبحت مراحل العمليات التي أُجريت لهم بعد سنوات من الانتظار والتحضير لها بعد معاناة طويلة، لا شيء".
وتمر مراحل عملية أطفال الأنابيب بعدة مراحل تبدأ بالفحوصات للزوجيين، مرورا بمنح أدوية للزوجة لتحفيز المبيضين على إنتاج عدد أكبر من البويضات، واستخراج البويضات عبر إجراء جراحي بسيط.
ثم يتم تلقيح هذه البويضات بالحيوانات المنوية للرجل في المختبر حتى تتكون الأجنة، وبعدها يتم زرع الأجنة الأكثر صحة في رحم المرأة، وأخيرا تنتظر المرأة حوالي 10-14 يومًا لمعرفة ما إذا كانت حاملًا أم لا.
فيما قال محمد الشرفا، اختصاصي حقن مجهري يعمل بالمركز ذاته: "طبيعة عملنا حساسة للغاية ومهمة، حيث يتم تقسيم مختبر الأجنة إلى عدة أقسام، بما في ذلك عمليات زراعة الأجنة التي تتطلب تكاليف مرتفعة، بالإضافة إلى قسم تجميد الأجنة والحيوانات المنوية" لمن يريد الإنجاب لاحقًا.
وأضاف الشرفا أن عمليات أطفال الأنابيب "مكلفة للغاية"، لافتا إلى أن الأسر التي تعاني من صعوبات في الإنجاب بصورة طبيعية "تضطر إلى دفع مبالغ كبيرة لتحقيق حلمها في الإنجاب".
وكانت الفلسطينية، منى العربي، إحدى النساء اللواتي يتلقين العلاج داخل مركز البسمة، تحلم بإنجاب طفل ثالث إلى جانب طفلتيها اللتين أنجبتهما عن طريق عمليات أطفال الأنابيب.
وقالت منى: "مركز البسمة، الوحيد في غزة الذي يتوفر فيه على أحدث الأجهزة، وكانت أمنيتنا أنا وزوجي الوحيدة إنجاب طفل ثالث (ذكر) بعد أن رُزقت بطفلتين عن طريق زراعة الأجنة".
وأضافت: "كنت سأخضع لعملية أطفال أنابيب قبل بدء الحرب، لكن الأحداث الأخيرة حالت دون تحقيق ذلك، ومع ذلك، لا زال لدي أمل كبير لتحقيق حلمي في إنجاب طفل".
وبدعم أمريكي، خلفت الحرب الإسرائيلية على غزة خلفت أكثر من 113 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وحوالي 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.