من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!
ونذهب الى الجملة المركزية في هذا المقال سريعاً فنقول ان هذا الرصيف يخفي وراءه الكثير، و ما اخفي من مقاصده و اهدافه اكثر مما قيل حتى الان، فهو بالتاكيد ليس من اجل ايصال المساعدات لمواطني قطاع غزة، لان الخبراء يقولون و يؤكدون ان الممرات البرية افضل من البحرية بكثير، اكثر من ذلك، فان هذا الرصيف سيقلل ان لم يهمش المعابر البرية، كما انه سيضعف او يقلل من اهمية ميناء غزة المدمر والفقير هذا ان لم ينهي دوره بالضرورة.
ان رصيفاً من هذا النوع يطرح اسئلة ليست بريئة على الاطلاق، فهو يبنى بارادة و اموال و اهداف لم يستشر فيها اي فلسطيني، و فكرة الميناء تحيلنا الى الفكرة العبقرية التي تفتق عنها ذهن وزير الخارجية الاسرائيلي الحالي (كاتس) الذي اقترح ميناء و جزيرة صناعية، كمنافذ يمكن التحكم بها تماماً بديلاً عن كل المعابر البرية و غيرها المحيطة بقطاع غزة.
ان الميناء الذي يتم العمل فيه الان ليس للمساعدات و ان كان يتم تجميله و تبريره منذ الان بانه لفتة انسانية كبيرة لقطاع غزة المحاصر و المستهدف بالموت و الجوع و الخوف في كل لحظة.
اذن، ما الذي يدفع الولايات المتحدة بكل جبروتها و دعمها الاعمى و المطلق لاسرائيل في كل اجراءاتها مهما بدت غريبة و مناقضة لكل عرف و قانون، ما الذي يدفعها الى التورط في الرمال الغزاوية و استثمار الوقت و الجهد و السمعة في بناء ما يشبه القاعدة العسكرية على شواطىء شرق المتوسط.
الا يشكل ذلك عودة للوجود العسكري الامريكي في المنطقة مع ما يجر ذلك من مخاطر امنية و استراتيجية؟
الا يعني ذلك ان الولايات المتحدة ستكون شريكة في ترتيبات اليوم التالي لقطاع غزة, اي ان ولن تكتفي بدور الراعي او المشرف او الوسيط، بل هي و من خلال هذا الميناء او القاعدة انما تبرهن على انها شريك في الحرب و نتائجها و انها تصمم المستقبل و ليس الحاضر فقط؟
الا يعني ان الولايات المتحدة بهذا الميناء تقوم فعلياً بحماية اسرائيل عسكرياً و امنياً بعد ان كشف ما جرى في السابع من اكتوبر الثقوب و العيوب الكبيرة التي تعاني منها اسرائيل؟
الا يعني ذلك ان سبعة اشهر من الحرب على قطاع غزة اثبتت ان اسرائيل بحاجة الى الغرب الاستعماري لحمايتها، و انها لا تستطيع حماية مصالح الغرب ولا حماية سكانها ايضاً؟
هل يعني ان هذا الميناء جاء لتوازنات اقليمية و دولية، بمعنى الحفاظ على ممرات مائية موجودة او قد تكون في المستقبل، او ان هذا الميناء جاء لقطع الطريق على ممرات تجارية اخرى قد تكون منافسة او مهددة لمصالح الغرب؟
و هل هذا الميناء سيكون بمثابة البوابة الكبيرة و المقبولة للهجرة الطوعية و الناعمة و طويلة المدى و الهادئة و التي لا تلفت اليها احداً؟
و هل سيكون هذا الميناء جزءاً من نظام اكبر و اوسع لكسر اية مقاطعة تجارية او انه سيكون رأس جسر بحري في اية مواجهة اقليمية؟
و الاخطر من كل هذا، هل من الممكن ان يشكل هذا الميناء عاملاً اجبارياً او مساعداً لظهور كيانية فلسطينية - بحجة الواقعية او انقاذ ما يمكن انقاذه - بادارة فلسطينية او عربية او دولية مقبولة و متفهمة للواقع و الوقائع.
الميناء العائم، الذي يبنى بقرار امريكي و مساعدة اسرائيلية و صمت متعدد المستويات يثير التساؤلات حقاً، و يدفع المراقب الى طرح السؤال البدهي : اين نحن من هذا الميناء ؟
الميناء سيكون بمثابة البوابة الكبيرة و المقبولة للهجرة الطوعية والناعمة و طويلة المدى و الهادئة و التي لا تلفت اليها احداً؟