روسيا تعيد تشكيل قوات فاغنر من جديد.. مجلة أمريكية تكشف كواليس القرار وتبعاته على واشنطن

كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية، الإثنين 29 أبريل/نيسان 2024، أن روسيا فرضت سيطرتها على مجموعة المرتزقة الخاصة فاغنر بعد مرور سبعة أشهر على وفاة زعيمها يفغيني بريغوجين، الذي قاد تمرداً ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بهدف دفع المجموعة إلى تنفيذ أجندة الكرملين.

وبحسب التقرير الحصري للمجلة الأمريكية، فقد تم إعادة تشكيل قوات فاغنر عبر تقسيم الآلاف من قوات فاغنر إلى أربع مجموعات على الأقل، وفقاً لمسؤولين أمريكيين تحدثوا إلى المجلة بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

ومن خلال عملية دمج المقاتلين مع مرتزقة آخرين موالين لبوتين، تأمل الحكومة الروسية في منع تكرار ما شهدته البلاد العام الماضي، عندما انقلبت مجموعة فاغنر على بوتين.

وقال أحد المسؤولين الأمريكيين: "جزء من هدف إعادة الهيكلة هو التأكد من وجود المزيد من السيطرة على العمليات".

وأضاف أن المجموعات العسكرية الجديدة منتشرة بالفعل في جميع أنحاء العالم في مهام خاصة، بما في ذلك في أوكرانيا وأفريقيا، حيث من المتوقع أن تلعب دوراً مزعزعاً للاستقرار على المسرح العالمي مماثلاً لما كانت عليه عندما كانت تحت قيادة بريغوجين، وفقاً للمجلة الأمريكية.

وقد أجبرت الجماعات شبه العسكرية المُعاد تشكيلها بالفعل إدارة بايدن على سحب قواتها من النيجر وتشاد، بينما تتحدى السياسات الأمريكية في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو وليبيا ودول أفريقية أخرى.

تشكيل قوات فاغنر في أربع مجموعات

ترتبط إحدى المجموعات الأربع التي تم تشكيلها بالحرس الوطني الروسي. وانتقلت بالفعل إلى أوكرانيا وفقدت عدداً كبيراً من المقاتلين. وتعمل مجموعتان أخريان تحت سيطرة وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات الروسية.

وقال المسؤولان إن المجموعة الرابعة -المعروفة باسم الفيلق الأفريقي والمتحالفة مع مجموعة موجودة تعرف باسم ريدوت- لا تزال تعمل على السيطرة على قوات فاغنر السابقة في بعض العواصم الأفريقية، بحسب بوليتيكو.

المجلة الأمريكية أضافت أنه من غير الواضح ما إذا كان نجل بريغوجين، الذي سيطر في البداية على الآلاف من مرتزقة فاغنر بعد وفاة والده، منخرطًا في قيادة مجموعة أصغر من المقاتلين الذين ما زالوا موالين لوالده. ورجح المسؤولان أن يكون بريغوجين الأصغر قد تولى مسؤولية بعض القوات في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي.

يذكر أن بريغوجين كان قد لقي حتفه في أغسطس/آب الماضي عندما انفجرت طائرته في الجو. وثارت آنذاك تكهنات بشأن ما إذا كان الحادث مدبراً من قبل الدولة الروسية برعاية من بوتين.

تمرد فاغنر

كانت روسيا قد شهدت قبل سبعة أشهر أخطر تحدٍّ يواجه حكم بوتين عندما استولت قوات فاغنر على مدينتي روستوف أون داي وفورونيغ في الجنوب، وأعلن بريغوجين "الزحف" نحو موسكو لتخليص البلاد من "القيادة العسكرية الفاسدة"، بحسب تعبيره.

انتهت الأزمة سريعاً جداً ودون إراقة دماء بعد توسط رئيس بيلاروسيا لوكاشينكو، فأعلن بريغوجين، المعروف أيضاً باسم طباخ بوتين، وقف "الزحف" وأسقطت الاتهامات ضده وضد قواته المشاركة في "التمرد المسلح"، لكن تداعيات وأصداء محاولة التمرد الفاشلة لا تزال تتردد داخل موسكو وخارجها.

ترك موت بريجوزين مصير إمبراطوريته في طي النسيان. في ذلك الوقت، كانت مجموعة فاغنر بصدد إقامة علاقات وثيقة مع قادة الدول الأفريقية المارقة، وتوفير الأمن للديكتاتوريين أثناء الانخراط في عمليات التعدين المربحة.

ماذا تعني سيطرة موسكو على فاغنر؟

اعتبرت مجلة بوليتيكو أن سيطرة موسكو الجديدة على فاغنر سيكون لها تداعيات واسعة النطاق على الجغرافيا السياسية. وفي أفريقيا، على وجه الخصوص، يمكن أن تقوض جهود إدارة بايدن لمحاربة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية وإقامة علاقات دبلوماسية مع الأنظمة المشكلة حديثاً.

وقال المسؤولان إن سيطرة موسكو المباشرة على الجماعات شبه العسكرية يمكن أن تقنع أيضاً بعض الدول الأفريقية التي ابتعدت سابقاً عن مجموعة فاغنر -التي كانت تخضع لعقوبات عالمية باعتبارها منظمة إجرامية- بإعادة النظر في مقاومتها.

وفي بلد آخر، بوركينا فاسو، كما هو الحال في النيجر وتشاد، أصبحت قوات فاغنر السابقة الآن تحت السيطرة الصارمة للفيلق الأفريقي.

لكن المسؤولين الأمريكيين يحذران من وجود مخاطر على الاستراتيجية الروسية خاصة فيما يتعلق بولاء مقاتلي فاغنر السابقين واستعدادهم لتلقي الأوامر من وزارة الدفاع في البلاد التي تتعرض للانتقاد في كثير من الأحيان.