سلام على الطفيلة أدمنت همّها ..!! !

... ما جرى خلال الاسبوعين الماضيين وبسبب نجاح الحراك الشعبي في محافظة الطفيلة واستمراريته ونوعيته سواء على صعيد الشعارات والمطالب والتنظيم ، او على صعيد نوعية المشاركين التي تفتقد اليها غالبية الحراكات ، وبعد حملة الإعتقالات التي طالت نشطائهم وملاحقتهم والتعرض لهم ولخيمة حراكهم ، فقد باتت الطفيلة هي العاصمة " الثورية " أو السياسية كما يصفها البعض ، و باتت محجا لكل القوى والفعاليات السياسية والشعبية والإعلامية ، وقد دفع هذا الأمر بعض القوى السياسية وخاصة منها الاسلاموية للتنبه الى قوة الحراك ونوعيته وفعاليته ، فأتخذوا قرارا ان يولوا قبلتهم السياسية شطر الطفيلة ، في حركة مفهومة واضحة بهدف ركوب الحراك وجعل الطفيلة ورقة سياسية ضاغطة تساهم بدعم أوراق الحركة الاسلاموية في اية مفاوضات تجري مع الحكومة لتحقيق مزيد من الغنائم السياسية التي اعتادت الحركة تحقيقها في أكثر من دولة وأكثر من نزاع وفي أكثر من موقف على حساب من فكر بالتحرك والتنظيم لتحقيق التغيير المنشود .
قد تبدو الأحوال الثقافية والاجتماعية والسياسية في محافظة الطفيلة مختلفة الى حد ما عن بقية المدن ، إذ يتمتع أهل الطفيلة بثقافة محافظة جدا ولكنها " طيبة " مدركة عالمة بما يجري حولها ،عانى ابناؤها ما عانوه من سياسات التهميش والخذلان والإنكار ، وتلمسوا ما يحيط بوطنهم من مؤامرات وما تعيشه البلاد من تراجع ودمار ، فنهضت كما هي بقية المدن دفاعا عن الوطن ومكاسبه وخيراته ، وخرج أهلها للمطالبة بملاحقة كل من أفسد وخرب وباع ونهب خيرات الوطن التي حباها الله بها بعيدا عن أية أجندة سياسية تعمل من أجلها ، فكان حراك الطفيلة ولازال نقيا و وطنيا لاتشوبه شائبة ، ونابع من حرص على الوطن ومكاسبه وخيراته بعد أن ألحقت سياسة التحولات الإقتصادية وبيع ثروات الوطن أضرارا كبيرة في حياتهم ، وعكست سياسة التحولات تلك الى إحالة المئات من ابناء الوطن الى معطلين عن العمل ، وفرضت واقعا اجتماعيا صعبا لا يمكن تحمله ، لكنها أي الطفيلة بحراكها النقي لن تقبل بزوار " الليل " من المرتزقة الباحثين عن استثمار جوعهم وحاجتهم لغايات أجندتهم ومكاسبهم السياسية في محافظة يعلم رجالها علم اليقين ما تبحث عنه تلك القوى بعد أن فشلت في المراكز وباتت تبحث في الأطراف لعلها تحقق مبتغاها .
إن تكرار زوار " الليل " الى المحافظة والاجتماع مع كوادرهم دون لقاء قيادات ورموز الحراك النقي ، يشير الى " الطبخة " التي تعدها الحركة في الطفيلة ، والتي كانت أول ردود فعل الدولة حولها هي إزالة الخيمة ومنع تسلل تلك العناصر اليها والتمتع بدفئها ، وزيادة وتيرة الإعتقالات والاساءة لرموز الحراك ، وكأن لسان حال الناس يقول أن الحراك يجب أن يبقى نقيا ووطنيا شعاره الوطن وهدفه الأسمى هو الوطن كذلك ، وأن وجود تلك القوى الدخيلة قد حرم احرار الطفيلة من الجلوس في خيمتهم ، وان كانت الحكومة لا تبحث أصلا عن سبب لازالة الخيمة ، فأنني اعتقد أن إزالتها كان يعني إغلاق الباب أمام الزوار من خارج المحافظة واستغلال الحالة الشعبية " الثورية " التي يعيشها الحراك سعيا وراء تحقيق مطالبهم الى جانب اهداف تلك الحملة في ضرب الحراك ووقف هديره ، .
رجالات الطفيلة لا يحتاجون لدروس وعبر ونماذج كفاح ونضال للحفاظ على وطنهم ومكاسب شعبهم ، وهاهم يقدمون أعظم ملحمة في تاريخ النضال السياسي والاجتماعي السلمي في البلاد ، الطفيلة كما قالها الامير زيد من الحسين ذات مساء بعد واقعة معركة حد الدقيق عام 1918 "" ان الطفيلة غابة وبها اسودها ، ولا حاجة بهم لذئاب او كلاب تحميهم او تساندهم " وهكذا ، فأن حراك الطفيلة ورجالاته لايحتاجون لدخلاء و "مرتزقة " كي يعلمونهم فن النهضة والانتصار للوطن بغية سرقة حراكهم وركوب موجته والمفاوضة على مطالبه لتحقيق مآرب ومكاسب سياسية في عمان أو غيرها ..
اقول للطفيلة ما قاله الشاعر في مدينته :
سلام على " الطفيلة " أدمنت همّها
وأدمنتها جرحاً عن الذل يربأ
دلالة أن الأرض كل ذئابها
تعاوت على مجرى دماها وتخسأ
وها هي ذي شماء عصماء بَرّةٌ
وعنها يد الرحمن في الغيب تدرأ
يظل طهوراً كل جرح فتحتِه
عسى كل مظلوم به يتوضأ....
فليبتعد أصحاب الأجندة غير الوطنية و رجال المساومات عن طهارة الطفيلة ونقاوتها ومحبة رجالها لوطنهم والانتماء لترابه ، وليحملوا أوراقهم وليرحلوا ، فما في الطفيلة مكان لمستغل او سمسار او مرواغ .