التطرف والمغالاة في حراك الطفيلة



منذ أن انطلقت وتيرة الحراك الشعبي الأردني نحو أكثر من عام فقد انحسر الحراك الشعبي في الأطراف الأردنية كما يقول المثل الدارج من الشجرة إلى الدرة , باستثناء حراك الطفيلة الشعبي الذي ازداد نشاطاً وقدم خطاباً إصلاحياً أعطى أشارات إلى أن الحراك الحقيقي هو ذلك الحراك الذي تقوده القوى الاجتماعية التي عانت سياسات النيوليبرالية والتهميش والفقر والحرمان وتدني مستوى الخدمات ,
إنا شخصياً احترم حراك الطفيلة منذ أن تشكل فهو متميز من حيث الشكل والمضمون فهوحراك منظم على مستوى الحركات الشعبية لسببين:
اولاً: انه شمل معظم الأطياف الفكرية والسياسية.
ثانياً: تلاحم الحراك وصلابة موقف القائمين علية , لكن جرى تغير ملموس وواضح على درجة الخطاب الإعلامي والفكري لهذا الخطاب فقد انتقل هذا الخطاب من الخطاب الإصلاحي "إصلاح النظام " إلى خطاب ثوري مغلف بالمغالاة والتطرف والراديكالية فقد تبنى شعارات أدت إلى تأزيم الموقف الشعبي من جهة والموقف الرسمي الأمني من جهة أخرى , ووصل الأمر إلى أطلاق العنان للاعتقالات في صفوف قيادات الحراك واعتداءات على رجال امن .
وهنا يقف المراقب ليضع الأسئلة أمام هذه الحالة ويقوم بعملية تشريح لما ألت إلية الأمور من فعل وردات فعل امتازات بالتطرف والمغالاة والراديكالية ما بين الدولة وحراك الطفيلة من جهة والطفايلة ما بين أنفسهم من جهة أخرى .
ومن خلال نظرية الحفر الاركولوجي أرى انه إذا استمرت حالة عدم الثقة مابين الطرفيين فان حراك الطفيلة سيزداد تطرفاً وغلواً والسبب في ذلك عمليات الشحن الذي تقوم به المؤسستين الأمنية والدينية , وهذا ما جرى مع فرقة الخوارج التي ازدادت تطرفاً في وجه الدولة الإسلامية آنذاك ومما زاد في تطرفها الوصفات الأمنية التي أدت إلى تشنجها وراديكاليتها وانتهت الأمور إلى مواجهه مسلحة ما بين الدولة والخوارج .
ومن خلال النظر إلى مكونات وملابسات ظروف الخوارج وظروف الطفايلة
نجد أن هناك تشابها في نفس الحالة وعلى النحو التالي :
أن الخوارج تعرضوا إلى عملية تهميش وإقصاء .
ثقافة التطرف والمغالاة جاءت لأسباب جغرافية بسبب بعدهم عن مركزية الدولة .
أنهم مع كل ذلك يمتازون بالورع والتقوى لكن جميع هذه الظروف مجتمعه ساهمت في زيادة تطرفهم وغلوهم ومع الأيام خرجوا على الدولة ومما ساهم في ذلك ارتفاع سقوف مطالبهم السياسية والفكرية مما أدى في نهاية المطاف إلى إعلان ثوريتهم على دولة الخلافة .

وكذلك فان حراك الطفيلة هو حراك وطني لكن يوجد بين صفوفه من يحملون أفكارا ثورية تتجاوز شعارات إصلاح النظام إلى ابعد من ذلك، كما ان الظروف الاجتماعية والاقتصادية ساهمت في زيادة حدة تطرفهم وغلوهم، وعمليات التعبئة التي تقوم بها بعض الجهات كخطباء المساجد وسلوك بعض المنابر الإعلامية المدعومة امنياً وهنا يجب ان نقف ملياً ونمد أيدينا إلى حراك الطفيلة لان الإعلام يرصد كل تصريحات الحراكات الشعبية ومنها حراك الطفيلة فحراك الطفيلة يجب ان يعيد النظر في سقف شعاراته المتطرفة وعلى المطبخ الأمني ان يخفف من القبضة الأمنية أو يبتعد عن التدخل في شؤون الحراك السلمي والاهم ان سقف شعارات الحراك ان تنسجم مع الحالة الدستورية الاردنية وان تتوقف والا فان حراك الطفيلة سيدخل نفق الخوارج الكلاسيكيون، والطفايلة هم في الأصل شيعة الدولة الأردنية وليس خوارجها نريد ان نخرج حراك الطفيلة من فوهات وسائل الإعلام لان حراك الطفيلة هو حراك مطلبي وعلى الدولة ان تتفهم هذه المطالب بعقل وقلب مفتوح أليست الطفيلة هي المحافظة الهاشمية التي أحبت الهاشميين! ودافعت عن شرعيتهم ووقفت معهم عندما انطلقت جحافل جيوش الثورة العربية الكبرى، كما على الحركة الإسلامية أن تبتعد عن ما يجري في الطفيلة وان تترك الاطراف وتبقى في المركز لان (أهل مكة أدرى بشعابها) والمهم من ذلك ان الظروف المعيشية التي يعاني منها اهلنا في الطفيلة متشابهة مع ظروف معظم أطراف أركان الدولة الأردنية واقصد المحافظات فمحافظة عجلون والمفرق على سبيل المثال أكثر المحافظات فقراً وبطالة ومع ذلك فان الحراك الشعبي في هاتين المحافظتين قد تلاشى او قل انه لم ينطلق.
ما أريد ان اختتم كلامي بان الحراك الشعبي في الطفيلة هو حراك وطني مئة بالمئة لكنه ملىْ بشوائب التطرف والراديكالية وعلى قيادات الحراك ان يهذبوا شعارات الحراك ولا يسمحوا للفوضى والمنفلتين أن تخرج عن العقال الوطني.
ومن هنا بداء الشارع الأردني يتساءل لماذا ازداد سقف حراك الطفيلة وما الفرق بين معاناة الطفايلة وباقي المحافظات اعتقد ان هناك تشابهاً في المعاناة والظروف لكن حراكات الإصلاح الأردنية لديها قيادات تسعى دائماً إلى عقلنه الحراك بينما في حراك الطفيلة فالراديكالية تفشت وعشعشت ولذلك لابد من عقلنة الحراك في حدود إصلاح النظام فهو أعلى سقوف أماني الأردنيين في التحرير والحرية والاستقلال.