هل نحتاج لحكومة إنقاذ انتقالية..؟!



لا يكاد يختلف اثنان بأن الأردن يجتاز فترة عصيبة، تحتاج إلى رؤية ثاقبة وحكمة بالغة للخروج من أزمة ربما هي الأخطر عبر مسيرته الطويلة، فهناك حالة من عدم التفاهم على أي شيء، وهناك تشكيك في كل شيء، وهناك عدم رضى عن أي شيء، وهناك أوضاع اقتصادية قاسية عصفت بالموازنة وبالشعب، وهناك اختناقات سياسية في كل مفاصل الدولة وسلطاتها ومؤسساتها الأهلية والرسمية، وهناك عنف مجتمعي ما أن يهدأ أوراه حتى يتصاعد من جديد، وبدأ يهزّ مؤسساتنا التعليمية بصورة غير مسبوقة حتى سمعنا أصواتاً تنادي بإغلاق بعض هذه المؤسسات.. وهناك برلمان وحكومة كل منهما يغني
على ليلاه، وكل منهما ينتظر مصيره في الإقالة أو الحل فلا استقرار لأيٍ، فالأداء الحكومي غير مرضٍ البتة خصوصاً مع افتعال أزمات وصدامات ناجمة عن قرارات حكومية غير مدروسة، وأداء البرلمان وبخاصة بعد جلسة "الفوسفات" نَسَفَ ما كان يحظى به مجلس النواب من بقايا ثقة لدى الشعب، أما مؤسسة الفساد فيتضح كل يوم أنها ضخمة وقوية ومحصّنة وأنها فوق القانون والسلطات..أما الفقر والبطالة فحدّث ولا حرج.. جيوباً بدأت تنتشر وتملأ جنبات الوطن..!!
هذه الأوضاع والأزمات أدّت إلى حراك أخذ يتمدد في الشارع وتتصاعد نبراته وحدّته يوماً بعد يوم، وسوف يكتسي ثوباً آخر غير جميل ولا مريح في حال استمرت الأوضاع دون مبادرات حقيقية للحل، وحتى يكون بالعلم، فإنه لا انتخابات جديدة غير منزّهة عن التشكيك سوف ترضي ولا مجيء حكومات تقليدية هو الحل، وليست التشريعات وحدها هي المعوّل عليها للخروج من الأزمة.. فما العمل إذن..!؟
الظروف الراهنة تحتاج إلى حكومة من نوع مختلف، تكون مقبولة تماماً شعبياً، ويكون رئيسها منزّهاً عن التشكيك، هي التي تضع أسس الحل الحقيقي للأزمات، انتقالية تشرف على انتخابات نيابية شفّافة مائة بالمائة، وتضع خارطة طريق إنقاذية واضحة، تتضمن ضرب معاقل الفساد في البلاد دون هوادة..!
وإذا كان البعض يدعو إلى إعطاء الحكومة الحالية فرصة الإشراف على الانتخابات القادمة، فهم مخطئون، لأن حكومة غير مقبولة شعبياً لن تقنع الناس بانتخابات تُشرف عليها ولا بنتائجها مهما بلغت درجة نزاهتها..! لذلك نعتقد أن الحكومة الانتقالية هي الحل الأنجع، ويبقى السؤال: منْ هي الشخصية التي تتولى رئاسة مثل هذه الحكومة..!؟
الجواب باختصار واجتهاد ربما يشاركني فيه الكثيرون: إنه أحمد عبيدات الذي سبق أن قاد حكومة قوية قبل زهاء ثلاثة عقود، أعلن فيها حرباً شعواء على الفساد.. لكنّه لم يُمَكّن من إنجاز مهمته بضرب قوى الفساد الكبيرة ودحرجة رؤوسها.. لكن المهمة اليوم والظرف الراهن يحتّمان شخصية مثله، موضع ثقة الناس، أما ما يمكن أن يقال بأن سنّه ووضعه الصحي قد لا يسمحان له بقبول هذه المهمة، فالجواب أن الفترة مؤقتة وانتقالية، وسيقف الشعب معه في تحمّل مسؤولياتها بقناعة وثقة، لأنها ستؤسّس لبداية مرحلة زاهرة على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي والتي ستقود
بدورها إلى تحسين الوضع الاقتصادي في المملكة.. والأهم من هذا وذاك استرداد الثقة بالإصلاح بكل مضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
لا أعتقد أن الشارع سيهدأ ما لم يقتنع بأن الإصلاح حقيقي، ولن يقتنع ما لم يثق بالأشخاص القائمين عليه..
هي فرصة إذن لترحيل الحكومة وحل البرلمان وتشكيل حكومة إنقاذ قوية برئاسة شخصية وطنية معروفة كشخصية أحمد عبيدات.. وسنرى ما يقوله الشعب عندها، وما سيعيد الهدوء إلى شارع هادر..!
Subaihi_99@yahoo.com